الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبو أيوب شيخ الفاتحين وجار الرسول

أبو أيوب شيخ الفاتحين وجار الرسول
10 أغسطس 2011 22:49
الصحابي أبو أيوب الأنصاري رفع الله تعالى من شأنه وذكره بأن اختار بيته من دون بيوتات المسلمين في المدينة المنورة، ليكون أوَّل منزل يقيم فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد الهجرة إليها من مكة، ولعدله وتقاه كان من الذين جمعوا القرآن الكريم، ودعا له الرسول - عليه الصلاة والسلام. ويقول الشيخ منصور الرفاعي عبيد - وكيل وزارة الأوقاف المصرية لشؤون الدعوة سابقاً - هو خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار بن ثعلبة بن عمرو الأنصاري الخزرجي، وكنيته أبو أيوب، وأمه هند بنت سعيد بن عمرو من بني الحارث بن الخزرج وهو من السابقين، وأسلم قبل هجرة النبي - صلى الله عليه سلم - إلى المدينة، وشهد بيعة العقبة الثانية، ولما دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة قادماً من مكة مهاجراً خصه بالنزول عليه في بني النجار، ومكث في ضيافته سبعة أشهر كاملة إلى أن اكتمل بناء مسجده الشريف، ومن حوله حجراته التي انتقل إليها - صلى الله عليه وسلم - مع نسائه أمهات المؤمنين - رضي الله عنهن - فأصبح جاراً لأبي أيوب، وآخى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين مصعب بن عمير‏، ولمناقبه أحبه الرسول الكريم حباً أزال الكلفة فيما بينه وبينه، وقربه من مجلسه. حياؤه وذكرت كتب السير الثقات أنه كان أحد الأنصار الخمسة الذين جمعوا القرآن الكريم، وعدته من كتبة الوحي القرآني، وقال محمد بن كعب القرظي: «جمع القرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة من الأنصار هم معاذ بن جبل وعبادة بن الصامت، وأبي بن كعب، وأبو أيوب، وأبو الدرداء». وعرف بشدة حبه وحيائه وتعلقه بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ويحكى أنه لما استضاف الرسول - عليه الصلاة والسلام - أخلى الطابق العلوي من منزله لينزل فيه رسول الله، لكن النبي الكريم أراد أن ينزل في الطبقة السفلى، فامتثل أبو أيوب لأمره وأنزله حيث أحب، وصعد أبو أيوب إلى الدور العلوي، ولكنه لم ينم تلك الليلة، لأنه لم يستطع أن يتخيل نفسه وهو نائم في مكان أعلى من المكان الذي ينام فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفي الليل سال الماء في غرفته، فقام هو وزوجته أم أيوب ينظفانه بقطيفة كانا يتخذانها لحافاً خشية أن يصل إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - منه شيء، وفي الصباح ذهب أبو أيوب إلى النبي - عليه الصلاة والسلام - وأخذ يلح عليه ويرجوه أن ينتقل إلى الطابق العلوي، فاستجاب النبي - صلي الله عليه وسلم - لرجائه. وكان من أكثر الناس جوداً وكرماً وبذلاً، وذكر أنه ذات يوم خرج أبو بكر - رضي الله عنه - بالظهيرة إلى المسجد فرآه عمر - رضي الله عنه - فقال: يا أبا بكر ما أخرجك هذه الساعة؟ قال: ما أخرجني إلا ما أجد من شدة الجوع، فقال عمر: «وأنا والله ما أخرجني غير ذلك، فبينما هما كذلك إذ خرج عليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما أخرجكما هذه الساعة؟ قالا: والله ما أخرجنا إلا ما نجد في بطوننا من شدة الجوع، قال عليه الصلاة والسلام: «وأنا ما أخرجني غير ذلك، قوما معي»، فانطلقوا فأتوا باب أبي أيوب الأنصاري. فلما سمع أبو أيوب صوت النبي - صلى الله عليه وسلم - أقبل مسرعاً مرحباً بالرسول وبمن معه، ثم انطلق أبو أيوب إلى نخيله فقطع لهم غصناً فيه تمر ثم قال: لأذبحن لك يا رسول الله فقال - صلى الله عليه وسلم: «إن ذبحت فلا تذبحن ذات لبن». فأخذ أبو أيوب جدياً فذبحه، فلما انتهى من الطعام وضعه بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه. أخذ الرسول قطعة من الجدي ووضعها في رغيف، وقال: «يا أبا أيوب بادر بهذه القطعة إلى فاطمة، فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام». فلما أكلوا وشبعوا قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «خبز، ولحم، وتمر، وبسر، ورطب»، ودمعت عيناه، ثم قال: «والذي نفسي بيده إن هذا هو النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة»، ثم نهض الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقال لأبي أيوب: «ائتنا غداً»، ولما ذهب أبو أيوب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه جارية كانت تخدمه، وقال له: «استوص بها خيراً يا أبا أيوب فإنا لم نر منها إلا خيراً ما دامت عندنا»، عاد أبو أيوب إلى بيته ومعه الجارية، فلما رأته زوجته سألته من أين أتى بها؟، فقال لها أعطاني إياها رسول الله وأوصاني بها خيراً، فقالت وكيف نصنع بها حتى ننفذ وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: والله لا أجد لوصية رسول الله بها خيراً من أن أعتقها، فقالت أحسنت صنعاً. ومن شدة حبه للنبي - صلى الله عليه وسلم - وخوفه عليه، كان يحرسه في كثير من المواقف، وذكر الواقدي أنه لما دخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب بن سعية، من سبط اللاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، بات أبو أيوب على باب النبي - عليه الصلاة والسلام - فلما أصبح، فرأى رسول الله كبر، ومع أبي أيوب السيف، فقال: يا رسول الله، كانت جارية حديثة عهد بعرس، وكنت قتلت أباها وأخاها وزوجها، فلم آمنها عليك. فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال له خيراً. وقيل: قال له: «حرسك الله حياً وميتاً». صفاته كان - رضي الله عنه - شجاعاً مقداماً ورعاً محباً للجهاد في سبيل الله، وشهد بدراً، وأحداً، والخندق، وسائر المغازي والمشاهد مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحتى بعد وفاة النبي - عليه الصلاة والسلام - لم يتخلَّف عن غزوة كتب للمسلمين أن يخوضوها إلا غزوة قد أمر فيها على الجيش شاب لم يقتنع أبو أيوب بإمارته. وعندما وقع الخلاف بين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ومعاوية وقف أبو أيوب - رضي الله عنه - مع علي في حروبه لأنه الإمام الذي أعطي بيعة المسلمين، ولما استشهد علي - رضي الله عنه - تاق للجهاد والشهادة في سبيل الله، وكان في مقدمة الجيوش التي خرجت بقيادة يزيد بن معاوية لحرب الروم وفتح القسطنطينية، ولم تمنعه سنه التي تجاوزت الثمانين عاماً، من تلبية نداء الجهاد وفي هذه المعركة أصيب إصابة قاتلة، وقيل مرض، ولما عاده يزيد بن معاوية، وسأله عن حاجته، طلب إذا مات أن يحمل جثمانه فوق فرسه ويمضي به إلى أبعد مسافة ممكنة في أرض العدو، ويدفنوه تحت أقدامهم عند أسوار القسطنطينية، رغبة منه في أن يسمع صوت حوافر خيول المسلمين فوق قبره، فيدرك أن جيش المسلمين قد حقق النصر. ولفظ رضي الله عنه أنفاسه الأخيرة الطاهرة عام 52 هـ - 672م، وأنجز يزيد وصيته فحملوه على ظهور جيادهم، حتى إذا بلغوا أسوار القسطنطينية حفروا له قبراً وواروه الثرى.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©