الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عائشة سيف تروي مسيرة 26 عاماً في الميدان التربوي

عائشة سيف تروي مسيرة 26 عاماً في الميدان التربوي
10 أغسطس 2011 22:45
ولدت عائشة سيف محمد في فريج الشرق بإمارة الشارقة، والذي اشتهر بفريج بن درويش الواقع على البحر وموقعه حالياً خلف المتحف الإسلامي الذي كان يعرف بسوق المجرة، وقد كانت المنطقة غنية في الثلاثينيات بالماء، لذلك عندما استوطنت زرعت بالنخيل وتلك المعلومات موثقة في كتب المؤرخ لوريمر وهو إنجليزي، وقد سميت الفشت وأشهر مكان فيها فريج بن درويش نسبة لرجل يحمل تلك الكنية، وقد كانوا قوماً مشهورين في الشارقة. عاش أهل فريج بن درويش كبقية أهل الإمارات ضمن إطار علاقات يسودها الإخلاص، حيث يتشارك الجميع في كل شيء تقريباً بدءاً من العمل الجماعي في الصيف عند بناء البيوت، أو لنقل مكونات المنازل إلى مناطق أخرى، كما كان الرجل منهم يحق له مراقبة وتأديب بقية أبناء المنطقة، خاصة إن عرف عنه رجاحة العقل والعطف والحنان على الصغار والفتية، أما النسوة فقد كن يساعدن بعضهن في المناسبات ويقضين وقتهن في شؤون المنزل وتربية الأبناء، وفي الأوقات المسائية تتلاقى الأمهات في جلسة لتناول القهوة، والبعض منهن يكررن تلك اللقاءات في الضحى. وجبة الأرز والمرق وكان والد عائشة سيف محمد يعمل في جزيرة داس لدى إحدى الشركات العاملة بالجزيرة، وكان ذلك عام 1965، وكان يبقى في الجزيرة مدة أربعة أشهر متواصلة، ثم يعود في إجازة للأهل والأبناء لفترة قصيرة ليعود بعدها لمواصلة العمل، وكان الجزء الأكبر من إدارة المنزل وتربية الأبناء يعتمد على الأم، وكانت عائشة الثالثة في الترتيب من بين 11 من الإخوة والأخوات. لم يكن لدى عائشة الكثير من الصديقات نظراً لأنها كانت تكرس الجزء الأكبر من وقتها لمساعدة الأم، ولكنها لا تزال تذكر ليلى عبدالرحمن ابنة الجيران التي كانت مقربة منها، ولكن بشكل عام كان جميع أبناء الفريج من بنين وبنات يلعبون مع بعضهم، ومن أكثر الذكريات حلاوة أن كل فتاة كانت تحضر شيئاً من مكونات الطعام، حيث كانت الفتيات يقمن بطهي وجبة غذائية كاملة مثل الأرز والمرق على الحطب أو الفحم بجانب البيوت، ومن أجمل الألعاب الصقلة، ولا تزال عائشة تذكر المطوعة عذيجة أم علي التي درست عندها القرآن. أم وربة منزل لم تدم الحال على ما هي عليه بالنسبة لتواصلها مع الرفيقات، إذ انتقلت الأسرة إلى منطقة أخرى وهي في الصف الثاني الابتدائي، وهناك تعرفت إلى صديقات من المنطقة أصبحن فيما بعد أخوات زوجها، ولكن ذلك الانتقال لم يؤثر على تحصيلها في المدرسة، حيث كانت متفوقة منذ الصف الأول، وكان والدها يحرص على أن يتابع أحوال أبنائه عند كل إجازة، حتى أصبح جميع أبنائه في مناصب كبيرة وحصل الجميع على الشهادات الجامعية، وبقي على هذه الحال حتى وفاته قبل ثلاث سنوات. تعلمت عائشة الخياطة والتطريز والطبخ منذ الصغر، لذلك لم يكن شيئاً غريباً عليها أن تقوم بتربية ستة من إخوتها، وكان ذلك في الأوقات التي كانت الأم تذهب فيها إلى المستشفى في حالات المرض أو الولادة، حيث تقوم عائشة بدورها كأم وربة منزل وهي لا تزال صغيرة، وقد كانت المرحلة التي درست فيها بمدرسة أشبيلية وهي في الصف الخامس معروفة لدي الجميع، حيث كانت متفوقة والجميع يعلم الأدوار التي كانت تقوم بها في الوقت ذاته. ومن المواقف التي لن تنساها عائشة، تقول إنها تعرضت لسوء معاملة من معلمة الرياضيات، فقد كلفتها بحل 50 سؤالاً في الرياضيات في إجازة الربيع، وكأنها تتعمد أن تحرمها من متعة الإجازة، فطلبت عائشة من أسرتها تحويل ملفها للدراسة في الفترة المسائية، حتى تبتعد عن قسوة هذه المعلمة. وقد تدرجت عائشة في السلم الوظيفي، 11 سنة معلمة، وثلاث سنوات مساعدة مديرة، ثم 8 سنوات مديرة، وحافظت على درجة التميز في تقارير الكفاءة السنوية منذ دخولها الميدان التربوي، وأصبحت مدرستها مقصد التربويين داخل الدولة و خارجها منذ أن تسلمت قيادتها، وذلك للإفادة من المشاريع والبرامج التربوية الهادفة، ثم حصلت على جائزة الشارقة للتميز التربوي فئة المدرسة المتميزة لعامين متتاليين 1999/ 2000م ، 2000/ 2001م، كما حصلت على جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز فئة المدرسة والإدارة المدرسية المتميزة عام 2002/ 2003م. زواج وحزن تتذكر عائشة سيف أنها تزوجت بعد تخرجها في الثانوية وقد التحقت بالتأهيل التربوي، وقد عاشت مع زوجها في سعادة لمدة 22 عاماً، حتى توفاه الله من دون أن يتعرض لأي مرض، وقد كان زوجها محمد فوزان رحمة الله عليه من أفضل لاعبي كرة السلة في الدولة، وعندما رحل، حزنت عليه بشدة، ولكنه كان قد ترك لها أطفالاً ملأوا عليها حياتها. تقول عائشة أن محمد قد رحل وتركها لمواجهة تحديات الحياة الأسرية والعامة، ولأن زوجها كان يحثها على التعليم والتميز فقد أكملت الدراسة وقررت أن تربي أبنائها على النهج ذاته، وخلال فترة عملها معلمة كانت تحرص على أن تكون مختلفة في تعاملها مع الطالبات، ولذلك حصلت على التكريم كأفضل معلمة على مستوى الشارقة، وفي عام 1993 حصلت على تكريم آخر حين اختيرت كأفضل معلمة على مستوى الدولة، مما أهلها للترقية. طموح وأهداف عملت مساعد مدير في مدرسة الذيد الثانوية، وواصلت مسيرة التميز إدارياً، وشفع لها كل ذلك التميز ليتم اختيارها مساعد مدير لأول مدرسة نموذجية في الشارقة، ثم عملت مديرة لمدرسة المنار التي كانت مرتعاً لطموحها والعمل على الارتقاء بمستوى المدرسة، ومن أجل ذلك كانت عائشة لا تكل ولا تمل من العمل على مدار ساعات الليل والنهار في أيام كثيرة، لتحقيق أحلامها وأهدافها. طموح عائشة نحو التميز بدأ منذ كانت طفلة وجدت أن أمها تضع فيها الثقة والأمل في أن تحمل الأمانة في غيابها، وأن تقوم بكل واجباتها كما تفكر الأم وكما ترغب، وأدى ذلك لشعور كبير بالمسؤولية تجاه أية مهمة تكلف بها، وقد اعتادت ذلك من خلال الاهتمام بأطفال صغار تركتهم الأم وذهبت للمستشفى لتنجب طفلاً آخر، ثم تعود في حالة وهن وضعف، وبذلك تكون في حاجة إلى رعاية، إضافة إلى الاهتمام بالأطفال الستة الذين يصغرون عائشة. تفوق وسعادة تعلمت عائشة من والديها الأمانة وكيف يجب أن تؤدى، وخلال تلك الأيام والسنوات عرفت عائشة معنى المسؤولية، وقامت بالأدوار ذاتها لنفسها ولبيئتها، وتتذكر أن زوجها قبل أن يرحل كان يبدي سعادة كبيرة كلما تفوقت وكلما تفانت في عملها أو واجباتها، ولا تزال تذكر أن زوجها كان يحمل إليها ابنيهما آلاء وأحمد إلى المدرسة، كي يقول لها بطريقة غير مباشرة نحن معك، ونحن هنا لتشعري أنك تفعلين الصواب فلا تقلقي في أي وقت تعودين فيه إلى المنزل، طالما ذلك الوقت في سبيل الوطن والإنسان.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©