الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مقياس «انتهاك» التعليم المكسيكي!

26 أغسطس 2014 23:23
أندريه أوبنهايمر كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية فعلت جماعة مكسيكية مناصرة لتطبيق معايير تعليم أفضل شيئاً ينبغي الاقتداء به في أنحاء أميركا اللاتينية إذ وضعت ما وصفته بـ«مقياس الانتهاك» في أحد أكثر شوارع مدينة «مكسيكو» زحاماً بهدف إطلاع المارة على حجم الأموال التي تُهدر أو تُسرق من ميزانية التعليم الحكومية في كل دقيقة. وهي فكرة رائعة، لاسيما أن المكسيك وعددا من دول أميركا اللاتينية لديها بعض من أكبر موازنات التعليم في العالم، لكنها على الرغم من ذلك تتذيل ترتيب تصنيفات أداء الطلاب الدولية. وتشير إحصاءات «البنك الدولي» إلى أن المكسيك والبرازيل والأرجنتين تنفق ما يتراوح بين 5.2 و6.3 في المئة من إجمالي ناتجها المحلي على التعليم، وهو ما يزيد على الصين أو سنغافورة، بيد أن أداء الطلاب في دول أميركا اللاتينية أخفق في اختبارات التصنيف الدولية، بينما تحسن أداء الطلاب في الصين وسنغافورة. وحلت المكسيك والبرازيل والأرجنتين في ذيل قائمة الدول الـ 65 المشاركة في اختبار «بيزا» الدولي الذي يمتحن القدرات الأكاديمية للطلاب في عمر خمسة عشر عاماً، بينما احتلت الصين وسنغافورة الصدارة بين الدول الثلاث الأولى في هذه الاختبارات الطلابية. ولكن ماذا تفعل دول أميركا اللاتينية بهذه الميزانيات التعليمية المرتفعة؟ ترغب منظمة «ميكسيكانوز بريميرو»، المدافعة عن التعليم المكسيكي، والتي وضعت لوحة إلكترونية أطلقت عليها اسم «مقياس الانتهاك» على طريق «بريفيركو سور» بمدينة مكسيكو، في زيادة الضغط الشعبي على الحكومة للإجابة على هذا السؤال. وأظهرت دراسة للأرقام الإحصائية في المكسيك أجرتها منظمة «ميكسيكانوز بريميرو» أن نحو ثلاثة مليارات دولار تُهدر من ميزانية التعليم سنوياً. وأخبرني رئيس المنظمة «كلاوديو جونزاليز» بأن الأموال المهدرة تنفق لدفع رواتب نحو ثلاثمائة ألف شخص، أو 13 في المئة من معلمي المدارس الأساسية والثانوية، المسجلين كمعلمين في السجلات الحكومية، ولكنهم لا يدرسون بالفعل. وفي كثير من هذه الحالات، يكونون مستفيدين من إعانات سياسية أو يتولون وظائف إدارية في اتحادات المعلمين. وأضاف: «إن الحكومة والمواطنين يمولون عدوهم، لأنهم يدفعون رواتب مقابل الأنشطة السياسية لمديري اتحادات المعلمين الذين يحتجون في الشوارع لإعاقة إصلاحات التعليم». وتابع «جونزاليز»: «علينا توفير المليارات الثلاثة التي تنفق بصورة غير نظامية وغير شرعية، وإنفاقها على نحو من شأنه تحسين البنية التحتية للمدارس وتدريب المعلمين والمديرين، وتوفير منح دراسية للطلاب». وعندما سألت «جونزاليز» عن رد الفعل الحكومي على «مقياس الانتهاك»، أخبرني أن المسؤولين ظلوا صامتين، وهو أمر مؤسف، لكن من ناحية أخرى، يظهر ذلك أنهم لا يعترضون على أرقامنا. وعلى النقيض، إنهم يؤيدوها لأنهم يعرفون أنها دقيقة. ومن بين الثلاثمائة ألف شخص الذين يحصلون على رواتب معلمين ولا يمارسون العمل في أي مدارس، هناك 115 ألف شخص يتقاضون رواتب معلمين إما أنهم قد ماتوا أو تقاعدوا، وهناك 113 ألف شخص يتقاضون رواتب زعماً أنهم يدرسون في مدارس لكن لا يعلم أحد أسمائها. وهناك سبعون ألف معلم «طيار» أو «منتدب»، وهما مصطلحان يشيران إلى الأشخاص الذين تتم إعارتهم في معظم الحالات لأداء وظائف إدارية أو سياسية في اتحادات العمال، حسبما أفادت «ميكسيكانوز بريميرو».وأوضحت المنظمة أنها ستواصل عرض «مؤشر الانتهاك» في طريق «بريفيركو» بمدينة مكسيكو لمدة شهر، وبعد ذلك سيواصل العد على الموقع الإلكتروني «www.finalabuse.org». ورغم طرافة الفكرة، إلا أن المكسيك محظوظة، لأن بها على الأقل منظمة مدنية غير حكومية تقتفي أثر تلك الأموال المهدرة. بيد أن هناك كثيراً من الدول في أميركا اللاتينية ليست لديها منظمات مستقلة تراجع النفقات الحكومية على التعليم. وفي الأرجنتين، تتفاخر الرئيسة «كريستينا فيرنانديز دي كريشنر» بأن حكومتها زادت إنفاقها على التعليم إلى مستويات قياسية، غير أن مستويات التعليم تراجعت بشكل كبير. وفي حين زادت الأرجنتين إنفاقها على التعليم من 4.6 في المئة من إجمالي ناتجها المحلي خلال العقد الماضي، ارتفعت نسبة طلاب الدولة الذين رسبوا في اختبار القراءة ضمن امتحان «بيزا» الدولي من 44 في المئة إلى 52 في المئة خلال الفترة نفسها، وفق دراسة أعدتها مؤسسة «آيديزا» البحثية في الأرجنتين. وبالمقارنة، قلصت كندا إنفاقها على التعليم ليتراجع من 5.6 في المئة إلى خمسة في المئة من حجم اقتصادها، لكنها حافظت على أفضل النتائج في الاختبار الدولي. وأرى أنه سيكون من الرائع أن تضع جماعات من المواطنين في كافة دول أميركا اللاتينية «مقياس انتهاك» في أكثر تقاطعات عواصمهم ازدحاماً بالسكان. وسيكون ذلك بمثابة مذكر دائم بحجم أموال دافعي الضرائب التي تختفي في ميزانيات تعليم غامضة لا تخضع للمحاسبة. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©