الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جلجلة الصغار في القديم.. والأديم

جلجلة الصغار في القديم.. والأديم
7 أغسطس 2013 23:23
التيلة.. تلك المستديرة، زجاجة الأكوان الصغيرة، بؤرة الأنامل، المتدفقة لهواً وسهواً، وعفواً، وخريطة الطريق، الواصلة ما بين القلب والقلب الفاصلة ما بين الحفرة والحفرة.. التيلة.. في الزمان رمانة الفرح، وريحانة العلاقة ما بين الفلذات، هي بوح ساعات المساء، عند سقوط خيوط الحرير على باحة المكان، المفروشة بالطين الممهد، هي صرح الكائنات العفوية ومكانها ومكانتها، ورايتها في الظفر بحزمة المشاعر الدفيئة. التيلة.. في ذلك الزمان، في هذا المكان، لدى الإنسان لعبة المزج ما بين الحقيقة والخيال هي لقطة في المشهد الإماراتي، هي مشهد من مشاهد الالتفاف حول كون وتكوين وفلك تدور حوله نجوم الصغار، مستقطبة عزيمة الإرادة وقوة الصبر، وصبوة الذاهبين في الفرح نحو غايات والوشاية اللذيذة.. هي الورطة العارمة، هي النقطة الصارمة، هي اللقطة الحازمة، هي العروة الوثقى ما بين خطوط الالتقاء حين تصحوا العيون، وتفرك الأنامل جفون النعاس، لتصحوا القلوب نحو يقظة اللعبة المبجلة.. هي الوحي المنزل من فنون القديم القديم باتجاه الأديم، الحليم، هي من كرم الصحراء الأزلية، إذ لا بهجة سوى حلم الفوز على الآخر تحت لظى الشمس الحمقاء.. العصبية.. سحر الزجاج التيلة.. سحر الزجاج المتكور، ودهشة لميعة المذهل، هي نار الفرح، ثلج البقاء على بطحاء استلهمت من عزيمة الإنسان، خلودها وجَلَدها وصبرها.. هي الراحلة في في عميق الأرض، هي القافلة المؤزرة بالطموح، هي كل شيء يسكن في هذا الوجدان، العامر بالزلزلة، هي كل شيء في هذا التاريخ، المخصب بشجيرات الأنفة، هي كل شيء في هذا المكان المخصب بالانتماء إلى العرف، وسقف السماء المبللة بريق النجوم المبهرة، هي كل شيء في هذا الشوق الأزلي، لاختراق ثقوب الأديم متواصلاً مع صنع الله، وبديعه، وربيعه، ومنيعه، وقدرته الفائقة. التيلة.. الروح المتلألئة في ثنايا العشاق، هي النفس المطمئنة في ريبة المدنفين الساردين، رواية الحب، المتألقين، بلمعان الذاكرة، حين لا يخبو شيء سواها عندما تفقد المعنى، وتخسر أطراف الوصاية على الإرث الجزيل.. هي كل شيء دائماً لأنها الأشبه بقدرة الشمس الطالعة، على البهاء لأنها الأقرب إلى مكونات الأرض لأنها الأبعد عن قرص اللهب، في تجاويف التاريخ، هي النائية جداً في ذاك المكان من القلب، شمالاً عند النياط.. التيلة.. جلجلة الصغار، وشجار الأفئدة وابتسامة النهاية حين تنفض الجيوب عن محتواها.. التيلة.. حيلة الزمن، ووسيلة من ليس له وسيلة، هي القبيلة، والفصيلة، والجليلة، والدليلة، والهميلة، والجميلة، والنبيلة.. هي الحابل والنابل، والسابل، والقابل، والسادل، هي في الحلم واقع أوقع الأنامل في صبوة الظفر، واستقطب الآمال في حدقة الوصول إلى النهايات القصوى، وذروة الفرح.. هي أفرجت عن خيبة زيد وعبيد، وأثرت وأفرحت وأسعدت، وكبحت جماحاً وأسَرت قلوباً، وسافرت في محيطات التنافس تهمش الركاب، والصحاب، لأجل ساعة، تنبري عن ابتسامة أعرض من كبد السماء، وأوسع من حفرة الكون، المذهب بلمع الزجاجة الرهيبة.. التيلة.. مهارة العبارة، وفطرة الزمن، المغادرة باتجاه غيبوبة الناس، واستراحة الأجساد من كد وكدح. التيلة.. هي واحة الخصب، وعذق الرطب في صيف المدارس المؤجلة هي باحة العنب وعناقيده، المخزونة في مخابئ الصغار، هي الجزيرة المفعمة باللألأة، وطيور المساء المحدقة في ضائقة الكون، هي أسوار الصبا، وفحولة الذين أحاطوا المكان بالزغردة، وزقزقة العصافير، هي نفرة المحترمين والمخضرمين، القابضين على أنفاس الفوز، كحلم يطير بأجنحة الفراشات كعقل يطور الفكرة بالعِبرة، ثم يشذب المعنى بتقليد لا يشبه إلا نفسه.. هي الجزالة والعُجالة، والإطلالة، هي السفر المخبوء في معاني الكلمة المؤجلة، ومواهب العقل، المسقوفة بالطرائق والحرائق، والنمارق، والسندس، والإستبرق.. التيلة.. هي لعبة ابن رشد، في فيحاء فلسفته، هي نرده الفظيع في تبجيل العقل، واصطفاء النخوة الصافية.. هي فضاء الصغار، في نسج الخيال، والتذكير بالتفكير، كقدرة على تعمير الأرض وزراعة الوجدان بحلم التفوق. مملكة “الفريج” التيلة.. هي مملكة “الفريج” في الزقاق الضيق على رمل الإبهار، هي القصيدة المنظومة بأنامل، مرطبة بالعرق، مبللة بالتعب، هي عين السمكة تحت سطح الأرض بارقة طارقة سامقة رائقة، هي يد تبحث عن مخبأ في الكون، وتطرح الأسئلة المبهمة هي الملهمة والمنعمة بحب الصغار، هي اللازمة في طرائق من أعطوها مهمة الإجابة المختصرة، وبث اللواعج ساعة الخروج من مولد الضجيج وعجيج من ماجت بهم المشاعر، والتهبت المساعر، واكتست أرواحهم معنى الولوج في دياجير المبهم والغامض والرابض والباهض، والناهض، والراكض خلف سدول الليل، لعلّ وعسى ترتع النفس في حقول أشد اخضراراً من خضرة جنات الخلد.. هي روعة المجتمعين والملتفين المحلقين المحيطين الدائرين كدوران الشمس حول مهجة العشاق.. التيلة.. هي بداية الخلق والخُلق، هي بداية ازدهار الحدق، هي وصاية القلب على النسق، هي وشاية النار على وقود الشبق.. هي وقاية الروح من أشواق وألق، هي تيلة الحياة بذرة التكوين فطرة التلوين نبرة التسكين عِبرة التفنن في خوض العناق ما بين الزجاجة والفجاجة، وما بين السحابة والقمر. التيلة.. هي في البداية مطاردة لخيل السبق، هي في البداية مطارحة ما بين النجمة والنجمة، وما بين الغيمة والغيمة، وما بين الكلمة والكلمة، وما بين الرجيم والجحيم، وما بين الكليم والأليم، وما بين القديم والأديم.. هي في البداية كلمة الله في رحم الكون، ووصاية الأنام على الأجرام.. التيلة.. هي مثل كوكب دري في زجاجة هي مثل زجاجة في قلب كائن سحري، هي مثل كائن سحري يجري في الماء، مطارداً ظله تحت ضوء الشمس. التيلة.. هي مثل وجه امرأة غررت بالكون، فانسحبت خلف غشاء ماكر، مختبئة في أتون أشواقها، لفحولة تفجر ترائب الأرض وتحبل فرحة عارمة.. التيلة.. هي مثل عابر سبيل، يطرق شوارع المعرفة، متكأ على عصا فطرته خاطباً ود الأنام، كي يحصوا عدد دقات قلبه، كي يفرشوا لقدميه حصير الاسترخاء في حفرة ضيقة.. هي مثل فلكي يبحث في الكون، عن نجمه جديدة عن شهاب ينير فيه فحوى فلسفته.. هي مثل مسافر في غربة الأرض، يحفر في الكون ثم يستنهضه صوت الصارخ يخرج ثم يعود ليختبئ مرة أخرى في لعبة المبارزة العجيبة.. هي مثل طفل يتحسس موطئ القمم يلحس البلل، فيهم في القبض على عنصر الحياة، ويداهم معبودته بالرقص على أوتار الفرح.. التيلة.. هي مثل نبضة القلب تخفي وترخي وتحصد ثم تمضي في العويل حتى نهاية الرفيف.. هي مثل هزة الثمرات في عذق الوجود، تراقص الزمن بحيلة الانتماء إلى الحركة كمسبار في المدى. التيلة.. هي الجرح في الطين، النقش على تراب القلب، الخضاب في صفحة الروح، والخصب في عناقيد النفس، هي كل ذلك لأنها في الذاكرة مكان وفي الذكرى زمان يعبب زماناً ويحمل في طياته ما لونته الأيادي، على أديم الأرض، وما شكلته القلوب في بستان المشاعر.. التيلة.. في الوعي، كتاب لم يقرأ بما يكفي ولم تحلل مزاميره، بما يعطي للحاضر من معنى في الأصول.. هي التيلة التي تفرعت كأغصان الشجرة، مثمرة، معمرة، مزهرة، مبهرة، مسكرة، ساحرة، في دورانها حول كوكب القلب، ساهرة في صياغة الرواية بجزالة وثراء وغناء.. التيلة.. هي المسافة القصيرة ما بين زمن وزمن هي خط الاستواء الفاصل ما بين حرارة القلب وبرودة الواقع، هي الجديرة بالقراءة بإسهاب واستقطاب واجتذاب، واستتباب، هي فوح الجرح، حين كان الجرح يند بدم الاحتواء والانكفاء حول معان لا تقبل الزلل ولا تقبل الخلل ولا تقبل الجلل.. التيلة.. قطب في المكان، حدب في الزمان عتب يخاصم من خاصموا الفكرة بسذاجة البلهاء. التيلة.. ليست فكرة قابلة للنسيان، لأنها قصيدة أول عاشق نسج القافية بوزن الوطن، وبحجم الصحراء وفسحة السماء.. التيلة.. ليست إلا سفر التكوين في قداسة الحالمين بالطيب وروعة التأليب، وما فاحت به شطآن الماء من أعشاب وأطياب، وأحباب، رسموا الصورة المثلى لدفئ المكان، وموطئ القدم.. التيلة.. تبقى في الذاكرة صفحة بيضاء على أطرافها هامش، مغرق في التفسير والتجذير، والتأطير والتجبير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©