السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نتائج الانتخابات «النصفية» وأخطاء أوباما

6 نوفمبر 2010 21:41
ديفيد برودر محلل سياسي أميركي ما كان للرسالة التي تلقاها أوباما عقب انتخابات يوم الثلاثاء الماضي أن تصبح أكثر وضوحاً وفحواها: لا تتخلى عن أهدافك فقط، غير أسلوبك في العمل. ومن الواضح أن هناك اليوم ميلاً لدى المراقبيـن والمحلليـن لتفسـير خسـارة "الديمقراطيين" لأغلبيتهم في مجلس النواب وستة مقاعد على الأقل في مجلس الشيوخ، على أنه رفض مطلق لأجندة أوباما في ولايته الأولى. فهذه هي الأجندة التي اختير على أساسها في الانتخابات الرئاسية عام 2008، لكن الناخبين الأميركيين ليسوا بهذا النزق كي يغيروا مزاجهم بين الفينة والأخرى، أو مرة كل سنتين. وكل ما هنالك أن أوباما واجه سلسلة من الأزمات التي لم تكن في الحسبان، وتراكمت مع مرور الوقت، لتولد لدى الناخب الأميركي شعوراً متنامياً بالإحباط والاستياء، ولعل الأزمة الأكبر التي أثقلت كاهل الرئيس كانت تلك المرتبطة بانهيار النظام المالي في خريف العام 2008 عندما كان بوش في السلطة بحيث ساهم الخوف العام من تدهور الاقتصاد وعدم الرضا عن حصيلة بوش إلى تمهيد الطريق أمام وصول أوباما إلى البيت الأبيض، وإنْ كان العامل الاقتصادي استمر في ملاحقته والإلحاح عليه لإيجاد الحلول المناسبة. بل أكثر من ذلك وجد أوباما نفسه وجهاً لوجه مع حربين متعثرتين، فضلًا عن مجموعة أخرى من المشاكل الداخلية التي تتراوح بين نظام صحي مختل، وبنية تحتية متقادمة ثم مصاعب قطاع الطاقة، ولمواجهة هذه التركة الثقيلة قام أوباما بما بدا له أمراً طبيعياً وهو اللجوء إلى الأغلبية الديمقراطية في الكونجرس وتكليفهم باجتراح الحلول. ومع أن "الديمقراطيين" في الكونجرس كانوا متعطشين لهذه اللحظة التي يحكمون فيها ويمارسون السلطة، إلا أنهم فشلوا في الخروج عن المماحكات التقليدية مع خصومهم، بل أبدوا انقساماً حتى داخل صفوفهم بعدما سعى البعض منهم إلى المراوغة والتسويف للحصول على أكبر قدر ممكن من التنازلات والامتيازات التي يقدمونها إلى الناخبين في دوائرهم المختلة، أو إلى المتبرعين بغض النظر عن مصلحة الحزب ككل أو البلاد بصفة عامة. وهكذا تحولت خطة الإنعاش الاقتصادي التي طرحها الرئيس الأميركي وبرنامج إصلاح النظام الصحي، فضلاً عن قانون الطاقة إلى برامج تشريعية متضخمة وباهظة التكلفة بسبب مزايدات الديمقراطيين أنفسهم وسعيهم إلى تضمينها كل ما يستطيعون من امتيازات إلى درجة أن أوباما وخلال الطريق فقد البوصلة وتخلى عن وعود حملته الانتخابية بالتواصل مع الجمهوريين، وكلما زاد انخراطه مع الديمقراطيين في الكونجرس قلت الحوافز بالنسبة للجمهوريين لتأييد خططه والمساهمة في إنجاح برامجه. وبدلًا من التعاون الحزبي الذي بشر به خلال حلمته الانتخابية تحولت فترة رئاسته إلى صراع حزبي مرير على أكثر من إصلاح وبرنامج لتظل واشنطن على نفس طريقتها في العمل التي قال أوباما إنه جاء ليغيرها، وهو ما أفسح الطريق أمام مفارقة كبرى حيث بدا الجمهور مستاء ورافضاً لسجل الإدارة التي حققت الكثير مثل تمرير إجراءات اقتصادية كبيرة ساهمت في إنقاذه من المخاطر المحدقة به، كما أقرت نظام إصلاح الرعاية الصحية التي كان ينتظرها الأميركيون بفارغ الصبر هذا في الوقت الذي لم تقدم فيه المعارضة "الجمهورية" أية بدائل حقيقية للمشاكل المطروحة واكتفت بتعطيل عمل الإدارة والوقوف في وجهها. فما هي الدروس المستفادة بالنسبة لأوباما؟ الحقيقة أن أفدح خطأ يمكن للرئيس ارتكابه بعد ظهور نتائج الانتخابات التخلي عن أجندته التي انتُخب من أجلها، فإذا كان لا بد من إلغاء خطة إصلاح الرعاية الصحية فلتكن بعد العام 2012 عندما سيكون عليه الدفاع عن حصيلته، وبدلاً من ذلك عليه الرجوع إلى وعوده الأولى والتواصل أكثر مع الجمهوريين في الكونجرس دون أن ينسى السيطرة على "الديمقراطيين" وضمان عدم خروجهم عن الإجماع. فالناخبون وإن كانوا قد صوتوا لصالح "الجمهوريين"، إلا أنهم في الحقيقة حرروه من تحالفاته الثقيلة مع "نانسي بيلوسي" و"هاري ريد" وجعلته في موقع يستطيع التفاوض من خلاله مع عدد أكبر من المشرعين بمن فيهم "الجمهوريون". ولربما كان الخطأ الأكبر الذي ارتكبه أوباما في الفترة السابقة امتناعه عن اللقاء بزعيم الأقلية الجمهورية "ميتش ماكونيل" طيلة عام ونصف من السلطة، لذا يتعين عليه اليوم وللتعويض عن الخطأ المسارعة إلى الاجتماع بزعيم الأغلبية الفائزة "جون بونر". وخلاصة القول إن أوباما حاول الحكم بالاستناد إلى النموذج المفضل لدى "الديمقراطيين" في الكونجرس فكانت النتيجة أن خسر "الديمقراطيون" مقاعدهم وتعرض هو لتحذير الناخبين، أما اليوم فعليه الحكم بطريقته الخاصة بعدما حرق أوراقه ولم يعد له ما يخسره. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©