الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: «تسييس الدين».. ظاهرة خطيرة

العلماء: «تسييس الدين».. ظاهرة خطيرة
6 أغسطس 2015 23:02
حسام محمد (القاهرة) «يجوز للجماعة تكليف المسلم بتنفيذ عملية انتحارية في قلب أعدائها حتى لو سقط على إثرها ضحايا من المدنيين»، «التصويت في الانتخابات البرلمانية حرام»، «ممنوع الزواج من فلول الحزب الوطني في مصر»، «لا يجوز أداء صلاة التراويح خلف أئمة ينتمون إلى جماعة سياسية تخالف المأموم»، «يجوز للمتظاهرين الإفطار في نهار رمضان حتى يستطيعوا التظاهر»، «لا بد من تطليق الزوجة التي تختلف في الانتماء السياسي عن زوجها»، تلك بعض فتاوى في الشأن السياسي غريبة وصدرت بشكل فردي، فما هو خطر تلك الظاهرة؟. الدين والسياسة ويقول الدكتور عبد الفضيل القوصي عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الإسلام يرفض تماماً تطويع الدين كي يكون في خدمة السياسة، خاصة أن القاعدة السياسية تقول إن السياسة هي فن الممكن، أي من لا تقبله سياسياً اليوم قد تقبله غداً مع تغير الظروف، أما الدين ومقاصده الشرعية، فهو ثابت مهما تغير الزمان، كما أن من أهم ضوابط الفتوى أن يكون المفتي عالماً بطبيعة المجتمع ومدركاً للحال والمآل والمصلحة والمفسدة، بمعنى أن يدرك جيداً وقع الفتوى على المجتمع. ويضيف القوصي أن الفتوى تحدث أثراً عميقاً في المجتمع المسلم، وعندما تخرج الفتوى ذات الصبغة السياسية من مؤسسة الإفتاء، فهذا يعني أنه لا يحكمها سوى المبادئ الحاكمة للسياسة الشرعية في الإسلام، وهو ما يخلق التوازن في الساحة السياسية في المجتمع المسلم، ومن هنا كان دورها فاعلاً في توجيه وتصويب وتوضيح أي رأي صادر من أي جهة تنتصر لاتجاهها السياسي، وتحاول أن تصبغه بصبغة دينية لتؤثر على الرأي العام، وللأسف الشديد، فإن الساحة اليوم امتلأت بهؤلاء الذين يستخدمون الدين في غير محله سعياً لتحقيق مصلحة شخصية ورغبة في عَرَض الحياة الدنيا ونَيل الشهرة، وقد اتفق العلماء على عدم التورط في الشأن السياسي وعدم إدخال الدين في الألاعيب السياسية، فلقد سمعنا من يصف إنساناً بأنه أمير المؤمنين وآخر بأنه نبي وكلها أمور تشوه الدين الذي هو أكبر وأعظم وأكرم من الاستخدام لغرض دنيوي دنيء، لأن الدين جاء ليصلح أحوال الناس ويحقق السعادة والعدل والطمأنينة في المجتمع، أما استخدام الدين لتحقيق هدف سياسي، فإن ذلك يعد خروجاً بالدين عما شرع له وعما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. تسييس الدين الدكتور سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، يرى من جانبه أنه لا بأس من إخضاع الشأن السياسي للرؤية الشرعية، ولكن تطويع الدين لخدمة الشأن السياسي، فهذا ما يرفضه الدين، وفي هذا السياق اتفق الكثير من العلماء على أن الفتوى في الشأن السياسي لا بد أن تكون «مجمعية»، بمعنى أن يصدرها مجمع فقهي وأن تكون جماعية بحيث يجلس العلماء والمفتون للتدارس حول المسألة ودراستها دراسة فقهية متعمقة قبل الخروج برأي فقهي يلتزم به الجميع، أما أن يتم استخدام الفقه والشريعة لخدمة قضية سياسية بعينها فهو مرفوض. ويضيف: على الجانب الآخر لا بد أن نفرق بين أن يكون من حق المفتي أو عالم الدين التعبير عن رأيه السياسي شريطة ألا يروج رأيه هذا على أنه رأي الدين، فليست هناك مشكلة أن يكون لعلماء الدين أراؤهم السياسية، على أن يتم ذلك في أضيق الحدود، لأن الناس تأخذ ما يقوله عالم الدين على أنه رأي فقهي وشرعي مستمد من أحكام الإسلام، ومن هنا فلا بد أن يلتزم عالم الدين عندما يدلي برأيه السياسي بإبلاغ الناس أنه مجرد رأي في الأحداث وليس رؤية فقهية، وذلك حتى لا يساوي الناس بين قضايا الشرع الثابتة بالنص الشرعي، وبين القضايا السياسية التي يغلب عليها التغير ووجهات النظر. ويؤكد الدكتور عبد الجليل أن الواقع يؤكد أن استخدام الدين في الشأن السياسي يضر بالمجتمع كله بلا استثناء، فيضر بالمتدين الذي قد يقع في الخطأ بسبب تطبيقه فتوى ذات هوى سياسي، كذلك تضر بالسياسة وبالساسة أنفسهم، والأهم من ذلك يضر بشعوب العالم، أما على الجانب الآخر، فإن الدين لن يتعرض للضرر لأن الله يحفظه، ولكن الدماء تسيل بسبب سيول الفتاوى ذات الصبغة السياسية، ومن الصعب حصر الضحايا الذين سقطوا ويسقطون بسبب آراء تصدر تحت لافتة الدين أو باسمه. الفوضى والفتنة الدكتورة محمد كمال إمام أستاذ الشريعة بجامعة الإسكندرية، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، يؤكد من جانبه أن الناس تمنح عالم الدين ثقة كبيرة، ويأخذون رأيه في كل أمور الحياة، لهذا يجب أن يكون الذي يفتي للناس على دراية بخطورة كل ما يقوله، ولا بد أن يدرك مدى خطورة إلباس رأيه السياسي ثوباً دينياً، والواقع الذي نحياه اليوم في عالمنا الإسلامي يوضح لنا مدى الفوضى والفتنة التي أسهم فيها بعض علماء الدين الذين أفتوا في متاهات السياسة، وفي هذا الإطار أرى ضرورة أن يتوقف الاجتهاد الفردي بوصفه أحد أهم الأسباب في انتشار فوضى الفتاوى على الفضائيات، خاصة السياسي منها والتي عانى ويعاني منها المسلمون بشدة خلال الفترة الحالية، فلابد من رفض الفتاوى الفردية. ونؤكد أن الفتاوى يجب أن تكون مؤسسية تنطلق من الجهات والمؤسسات الخاصة بالفتوى داخل البلدان الإسلامية المعتمدة للفتوى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©