الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لبنان: توجس من تصعيد الجيش السوري

لبنان: توجس من تصعيد الجيش السوري
1 أغسطس 2012
مع احتدام القتال في سوريا، يخشى كثير من اللبنانيين امتداد النزاع عبر الحدود، الأمر الذي يمكن أن يقلب التوازن الطائفي الهش الذي يحافظ على تماسك البلاد، وقد يفجّر أي تصعيد نزاعاً داخلياً دموياً تغذيه القوى الإقليمية. وكانت الأسابيع الأخيرة شهدت اندلاع اشتباكات بمحاذاة الحدود، مما دق ناقوس الخطر بين السياسيين اللبنانيين والجمهور تحذيراً من احتمال تصعيد الجيش السوري لهجماته العسكرية ضد البلاد بسبب إيوائها ثواراً من المعارضة، الأمر الذي يمكن أن يجلب تدخلات قوى إقليمية أخرى مثل إيران وبعض دول الاعتدال العربية. وفي هذا السياق، يقول مسؤول أمني كبير سابق في لبنان، وافق على الحديث شريطة عدم الكشف عن اسمه نظراً لحساسية الموضوع: "إن العنف يزداد سوءاً وأخذ يصبح أكثر تعقيداً"، مضيفاً "سيكون ثمة المزيد من التدخل السوري إذا زاد الثوار من هجماتهم". بيد أن إمكانية امتداد النزاع السوري عبر الحدود اللبنانية، وزعزعة استقرار المنطقة برمتها، مقلقة أيضاً بالنسبة للولايات المتحدة حيث قال نائب وزيرة الخارجية ويليام بيرنز خلال زيارة قام بها إلى لبنان في منتصف يوليو: "إن الولايات المتحدة ما زالت قلقلة أيضاً لأن استعمال النظام السوري للعنف ضد شعبه يساهم في زعزعة الاستقرار في لبنان"، مضيفاً "إننا نشدد من جديد على مسؤولية النظام السوري في احترام سيادة لبنان". وكان هجوم عابر للحدود في 21 يوليو هو أكثر حادث دراماتيكية يقع بمحاذاة الحدود، حيث قام الجيش السوري بقصف وإطلاق النار على قرى لبنانية قال إنها تؤوي ثواراً سوريين، وهو ما أسفر عن مقتل اثني عشر شخصاً على الأقل وجرح عدد هو الأكبر منذ شهر مايو. وفي ذلك اليوم، شن الثوار السوريون هجوماً على الجيش في بلدة جوسيه ثم فروا عبر الحدود مسرعين إلى التراب اللبناني. وبعدها شنت قوة من الجيش السوري قوامها نحو 30 جندياً غارة داخل الأراضي اللبنانية. فجُرح خمسة عشر لبنانيا في الغارة، وأُحرق منزل واحد من قبل الجنود السوريين. وفي هذا الإطار، يقول وسام، وهو من سكان المنطقة ووافق على الحديث شريطة عدم ذكر اسمه الكامل لأنه يخشى على سلامته: "لقد اتهم السوريون اللبنانيين بمساعدة الثوار، فجاؤوا يطلقون النار ويغيرون على المنازل"، مضيفاً "إن الجيش اللبناني يرى كل الانتهاكات ولكنه لا يتدخل لأنه يريد تجنب المواجهة". غير أن ذلك الهجوم أثار غضباً عاماً بين خصوم الحكومة السورية في لبنان؛ فطلب الرئيس اللبناني ميشيل سليمان من وزارة الخارجية إرسال رسالة شكوى رسمية إلى السفير السوري في بيروت، الذي طالب بعض اللبنانيين بطرده. ولكن الشكوى علقت وسط التحالفات الطائفية والإقليمية، وهي خاصية تميز الحياة السياسية اللبنانية. فوزير الخارجية اللبناني، عدنان منصور، عضو في حركة "أمل" الشيعية التي تعتبر من أشد أنصار الحكومة السورية؛ والرسالة التي بعث بها إلى السفير السوري جاءت في النهاية دون مستوى رسالة شكوى رسمية. والواقع أن البلدين يتقاسمان تاريخاً معقداً ومضطرباً. فلسنوات، مديدة عاملت سوريا لبنان كإقليم تابع لها، وليس كبلد ذي سيادة. فقد دخل الجيش السوري لبنان ظاهرياً كقوة فصل في 1976، بعد وقت قصير على بداية الحرب الأهلية، ولكنه لم يغادره لقرابة ثلاثة عقود. والعديد من اللبنانيين لديهم ذكريات قاتمة عن الاحتلال وشبكة الاستخبارات السورية الواسعة التي نفذت اعتقالات عشوائية ومارست التعذيب. ومن بين الشخصيات المحورية في النظام السوري التي تولت الملف اللبناني آصف شوكت، الذي كان من بين المسؤولين الكبار الأربعة الذين قضوا في تفجير قنبلة في دمشق في 18 يوليو. وفي 2005، طُرد الجيش السوري من لبنان بعد اغتيال رفيق الحريري. ولكنه مازال يدعم شبكة أمنية واستخبارية واسعة في لبنان، يمكن أن يستعملها للمساعدة على قمع الهجمات العابرة للحدود من الأراضي اللبنانية. ومن المستبعد أن يقوم السوريون بالرد بهجمات مماثلة على جارتهم الشمالية الأكبر والأقوى، تركيا، التي يستضيف مسؤولوها الكبار صراحة المعارضة السياسية والعسكرية السورية، ودعوا الأسد علانية إلى التنحي. أما الحكومة اللبنانية فتقول إنها تقوم بكل ما في وسعها من أجل تأمين الحدود مع سوريا؛ وفي هذا الإطار، تم إرسال كتيبة من الجنود لتعزيز مواقع الجيش خلال الأسبوع الماضي. ولكن السياسيين اللبنانيين يدركون أنهم يجلسون على برميل بارود ، مثلما يقول بعض المحللين؛ حيث يقول تيمور جوكسل، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في بيروت، الذي كان عضواً ضمن فريق المراقبين التابع للأمم المتحدة في لبنان لعدة سنوات: "لقد قررت الحكومة اللبنانية انتهاج سياسة عدم التدخل... فأياً يكن الجانب الذي ينحاز اللبنانيون إليه، فإن ذلك يمكن أن يورطهم ويخلق لهم متاعب". كما أن سوريا لديها علاقات عميقة أيضاً مع "حزب الله" الشيعي، الذي يعد أكثر مجموعة تسلحاً في البلاد. ومع تدهور الوضع في سوريا، هناك خطر أن يؤدي أي امتداد للعنف إلى معركة شاملة بين حلفاء النظام السوري في لبنان وأعدائه؛ ولاسيما أن الوضع متوتر أصلاً للغاية. ففي أواخر مايو الماضي، اختُطف 11 شيعياً لبنانياً في سوريا في طريق عودتهم إلى الحدود اللبنانية، وهو ما أطلق سلسلة من عمليات إحراق الإطارات ودعوات من الشيعة اللبنانيين إلى الانتقام من أنصار المعارضة السورية وحلفائهم في لبنان، إلى أن دعا زعيم "حزب الله" إلى الهدوء. ومن غير المعروف الجهة التي نفذت عملية الاختطاف -فمجموعات المعارضة الأكبر في سوريا تنفي أي دور لها في ذلك- ولكن العديد من الشيعة في لبنان ما زالوا يلقون اللوم على الجيش السوري الحر، الذي يعتبر معظم أعضائه من السنة. باباك ديجانبيشيه الحدود اللبنانية - السورية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©