الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

هل يصبح جولياني أول رئيس يهودي للولايات المتحدة؟

4 أكتوبر 2006 01:39
غادة سليم: ما زال ''رودولف جولياني'' يعتبر أحداث 11 سبتمبر فرصة ذهبية للعودة إلى مركز الأضواء· فالمدعي الأميركي الذي كان يشغل منصب عمدة نيويورك إبان وقوع الهجمات على برجي مركز التجارة العالمية، يعتبرهذا اليوم يوم سعده إذ صار نجماً يتمتع بشعبية واسعة ويتوج أكاليل البطولة في طوال البلاد وعرضها، وتتصدر صورته أغلفة كبرى المجلات السياسية العالمية إلا أن جولياني ضاعف من أرباحه السياسية في الذكرى الخامسة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر فظهر ليؤكد أحقيته في قيادة الولايات المتحدة الأميركية خلفا للرئيس الأمريكي جورج بوش في انتخابات عام ··2008فما هي فرص رودولف جولياني للوصول إلى البيت الأبيض؟، وما الوجه الذي ستبدو عليه السياسة الأميركية إذا ما أصبح جولياني رئيسا للولايات المتحدة الأميركية؟· قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر كانت السمعة التي تلاحق جولياني ترسم له صورة الرجل القوي والعمدة الذي نجح في خفض معدلات الجريمة في نيويورك باستخدام سياسة العصا الغليظة من خلال فرض العقوبات الصارمة، وستظل هذه الصورة ترافقه وهو يقف على أول عتبات سلم قيادة الولايات المتحدة في زمن التهديدات الأمنية والعمليات الإرهابية مما ينذر بسنوات من المتاعب والصدامات في داخل وخارج الولايات المتحدة إذا ما نجح في الوصول إلى سدة الحكم· سرعة الضرب فجولياني الذي أظهر في كثير من الأمور تشددا يفوق مواقف بوش من المتوقع أن يتبنى مواقف أكثر عدوانية لتحقيق أهداف الولايات المتحدة الاستراتيجية· فما زالت كلماته التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر عام 2001 يتردد صداها إلى الآن عندما قال: '' لا وقت للتفكير··يجب سرعة الضرب··فمقاومة الإرهاب ليست صراع حضارات بل صراع بين القتلة والإنسانية''، وما الموقف المتشنج الذي اتخذه جولياني برفض تبرع الأمير ''الوليد بن طلال'' بمبلغ عشرة ملايين دولار كمساهمة لإعادة إعمار مدينة نيويورك إلا تعبير عن رفضه مراجعة النخب الأميركية لسياستها تجاه العرب· وذهب بعض المراقبين إلى التنبؤ بأن جولياني لن يحافظ فقط على المبادئ التي قامت عليها سياسة بوش الخارجية بل سيسعى جاهدا إلى الهيمنة على العالم بواسطة السلاح· ويتفق العديد من المحللين السياسيين على أن جولياني سيصل إلى البيت الأبيض ما لم يقدم الحزب الديمقراطي مرشحا قويا ويحظى بشعبية كبيرة، ففي الآونة الأخيرة أصبح جولياني من بين أبرز الأسماء التي تدرسها واشنطن لفترة الرئاسة القادمة· بل إن استطلاعات الرأي العام الأخيرة تشير إلى تقدمه على مرشح الحزب الجمهوري المفضل السيناتور ''جون ماكين'' عن ولاية أريزونا· وبثت شبكة فوكس الإخبارية الأميركية نتيجة استطلاع للرأي يبين أن 46 صوتا من أصوات الجمهوريين يؤيدون جولياني مرشحا للحزب مقابل 36 صوتا لمنافسه ماكين، وأشار نفس الاستطلاع أن كلا المرشحين تفوقا على ''هيلاري كلينتون'' مرشحة الحزب الديمقراطي· وأظهر الجمهوريون في استطلاع آخر دعماً للمرشح جولياني بـ 37 بالمئة مقابل 16 بالمئة لحاكم ماستشوستس ميت رومني· وبحكم انتماءاته الدينية وتوجهاته السياسية يحظى جولياني بتأييد واسع من اللوبي اليهودي في أميركا، وأثناء رئاسته للبلدية اهتم كثيرا بالشأن الإسرائيلي وبدعم قوى اليمين· ويرى أنصاره أنه الرجل الذي تحتاجه أميركا في الفترة القادمة لكونه شاهد عيان على الوجه الحقيقي للإرهاب، فعندما كان جورج بوش يتابع انهيار البرجين على شاشة تليفزيون في مخبئه الآمن، كان جولياني بين الناس في موقع الحدث يساعد في تنسيق أعمال الطوارئ، ويحث أبناء نيويورك على التماسك· وقامت مجلة ناشيونال جورنال التي تصدر عن الدائرة المقربة للمحافظين الجدد في واشنطن في عددها ما قبل الأخيرالصادر الأسبوع الماضي بتقديم اسم جولياني على قائمة مرشحي الحزب الجمهوري في انتخابات 2008 ليحتل المرتبة الثالثة، وذكرت أنه لا يمكن تجاهل شعبيته داخل الحزب ولا تأييد تيار المحافظين الجدد له· كما تحشد الصحف الإسرائيلية حاليا جهودها لدعم جولياني كخليفة لبوش، أبرزها صحيفة هاآرتس التي كشفت حجم جهود جولياني الحثيثة في الوقوف بجانب إسرائيل في مختلف القضايا الشائكة وأن أصوات اليهود في أمريكا ستحجب عن هيلاري كلينتون زوجة الرئيس الأمريكي السابق إذا ما خاض جولياني السباق· مؤيد الجريمة ولكن وفي الوقت الذي ترتفع فيه أسهم جولياني كمرشح رئاسي ينتشر في المكتبات الأميركية كتاب جديد بعنوان ''الوهم الكبير'' لمؤلفيه واين باريت ودان كولينز وهو بمثابة وثيقة نادرة تتهم جولياني بالتورط في أحداث 11 سبتمبر وتعمده تجاهل نصائح الخبراء بضرورة تطوير خطة مكافحة الإرهاب عام ·1998 وينتقد المؤلفان أداء جولياني ويقولان إنه كان يجب أن يجرم بدلا من أن يكرم· وأنه استغل أحداث 11 سبتمبر للاستعراض أمام شاشات التليفزيون والإيحاء ببطولة زائفة، وأن جولياني قبل يوم واحد من أحداث 11 سبتمبر كان يصنف ضمن أكثر الشخصيات المتغطرسة الرجعية قاسية القلب· وكان استياء الناس منه قد بلغ حده نتيجة لاهتمامه المفرط بقضايا الصهيونية ومصالح اليهود في المدينة وبعد أن أصبح اسمه يرتبط بزيجاته المتعددة وتأييده للإجهاض وزواج المثليين، لكنه فجأة أصبح بطلاً تاريخيا في نظر الشعب الأميركي تحت سطوة تأثير الإعلام·! إلاّ أن هذه التعليقات لن تقف عقبة أمام ترشيح جولياني رئيساً للولايات المتحدة، إنما التحدي الكبير الذي يواجهه هو قدرته على إثبات ولائه التام لقيم المحافظين من الجمهوريين وإقناعه لهم بأنه توأم روحهم من الناحية الأيديولوجية· ولكن جولياني اليهودي الديانة والذي نشأ في بيئة مسيحية كاثوليكية يتبنى آراء لا تلقى قبولا لدى غالبية الجمهوريين· فهو مناصر للإجهاض ويؤيد حق زواج المثليين ولا يعارض التهديدات الأخلاقية القادمة من هوليوود· الأمر الذي يعني لدى العديد من الجمهوريين المحافظين بأنه يؤيد الجريمة ولا يحث على الفضيلة ولذلك فهو غير كفؤ لأن يكون رئيسا، وقد أظهر استطلاع أخير لـرأي العام نشرته صحيفة نيويورك تايمز أن 61 في المئة من الأميركيين يؤيدون اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمنع الإجهاض، بينما اتفق 36 في المئة فقط مع موقف الحزب الديمقراطي المساند لقوانين الإجهاض، مما سيجبر جولياني على تغيير موقفه· ففي الشهر الماضي عندما قام جولياني بزيارة إلى ولاية كارولينا الشمالية لاختبار شعبيته خرجت صحيفة محلية تتحدث عن جولياني كرئيس محتمل قائلة: ''من الممكن أن نقبل جولياني كأول رئيس يهودي للولايات المتحدة الأميركية لكن عليه أن يحدد بوضوح موقفه من الإجهاض والشواذ حتى نحدد موقفنا منه''· وتلك قضايا لا يمكن إغفالها في بلد يقول 70 في المئة من مواطنيه أنه لا بد وأن يكون للرؤساء الأميركيين قناعات دينية قوية، لذا سيبقى مصير جولياني كرئيس قادم للولايات المتحدة مرهونا بمدى تساهل الشعب الأميركي مع قضايا الدين والإجهاض وحقوق الشواذ، ومدى استعداده لتحمل عواقب سياسات جولياني الخارجية وما تحمله من مفاجآت·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©