الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الصحافة والـ«PR».. عندما تختلـط الأوراق والأدوار!

الصحافة والـ«PR».. عندما تختلـط الأوراق والأدوار!
5 أغسطس 2015 23:25
بسام عبد السميع تعاني الصحافة الآن من مشكلة مزمنة، يمكن اعتبارها «نيراناً صديقة»، مصدرها شركات العلاقات العامة. وتبدو العلاقة بين الطرفين ملتسبة أحياناً، مما أفرز ظواهر غيرمسبوقة، يعتبرها البعض بمثابة تهديد لمستقبل المهنة لأسباب كثيرة. والجميع يتبادلون الاتهامات.. الصحفيون يقولون إنها أصبحت جداراً عازلاً بينهم وبين المصادر، وإنها رسخت مخاوف عند بعض المصادر من التعامل مع الصحافة، باعتبارها «مصدر خطر قد يترتب على الحديث معها مباشرة ضرر كبير»، على حد قول أحدهم. في الوقت نفسه، أخذت بعض الصحف تعتمد بصورة متزايدة على الأخبار والتقارير، التي تقدمها شركات العلاقات العامة «PR»، مما تسبب في «ضرر جسيم لمهنة الصحافة عموماً، نتيجة تشابه المحتوى الإعلامي في الصحف»، حسبما يرى صحفيون بارزون. لكن في المقابل، يقول مسؤولون من شركات PR: «بعض الصحفيين يمارسون الآن دور ساعي البريد، ولا يحضرون الفعاليات إلا للحصول على البيان الصحفي ليضعوا اسمهم عليه من دون جهد مهني يذكر». المصادر من ناحيتها تشكو، وتقول: «إنها تواجه مصاعب كثيرة للتعاقد مع إعلاميين مؤهلين، للتواصل بنجاح مع وسائل الإعلام، ما يدفعها للتعاقد مع شركات مختصة». والصحفيون من جانبهم يشكون من أن «المصادر تخشى التعامل معهم، ولا تحب فكرة طرح أسئلة صعبة، ومحاولة الحصول على إجابات محددة، بدعوى أن الكلام للصحافة مضر». تعترف «إ.أ» مسؤولة بإحدى الشركات الشهيرة في مجال تقديم الخدمات الصحفية بأن «بعض شركات الاستشارات الصحفية وقعت في خطأ كبير حينما سعت لإرضاء العميل على حساب الطرف الصحافة والإعلام، مما أدى لنشر تضخيم في بعض الإنجازات أو تقديم أرقام مغلوطة». وفي عموده اليومي بجريدة «الاتحاد»، ألمح الكاتب علي العمودي مؤخراً إلى أن: «بعض هذه الشركات العاملة على مستوى عالٍ وعالمي من المهنية والاحتراف، وساهمت في إزكاء منافسة مطلوبة، ولكن أغلبها تعمل وفق قاعدة (إرضاء الزبون)، و(الزبون دائماً على حق)، وهو في هذه الحال الجهة المتعاقدة». لكنه نبه إلى أن «تغول شركات العلاقات العامة وتوسع الاعتماد عليها من قبل المؤسسات والدوائر الحكومية والخاصة ساهم في تكريس التعامل غير الحضاري مع الصحفيين». تقول رندة مزاوي، مديرة شركة بروج للعلاقات العامة: «في حال وعي الشركة بدورها، فإنها تصبح أكثر فاعلية في تقديم الخدمات الإعلامية سواء للمصدر أو الصحفي». وأكد مهند البدري، مدير عام بشركة أبكو العالمية للعلاقات العامة: «العلاقة مع وسائل الإعلام هي علاقة تكامل»، منوهاً بأن معظم العاملين في تلك الشركات «هم بالأصل صحفيون وإعلاميون». وأفاد، بأن البيان الصحفي الوارد من شركات العلاقات العامة هو عصارة جهد متكامل من فريق عمل محترف، ويشكل أساساً للصحفي لبناء قصة خبرية جيدة. بدوره، قال «ع. ع «وهو صحفي سابق، يعمل الآن في شركة PR: «إن سبب المشكلة يعود للمصدر نفسه، وتهربه من الصحافة، لعدم القدرة أو الخوف من تداعيات الظهور الإعلامي». وأضاف: «إن وجود هذه الشركات ليس خطأ في العمل الإعلامي، فأكبر ثلاث شركات في العالم تعمل في المجال مقرها الولايات المتحدة التي هي معقل رئيس لصحافة المصدر». وقال حبيب الصايغ، رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات إن: «شركات الخدمات الإعلامية تشكل نوعاً من إهدار المال في المؤسسات التي تستعين بها، لأنها تفتقد للخبرة المهنية، ولا تجيد سوى تنظيم المؤتمرات، ووجودها يؤدي إلى تشابه الأخبار بكل الصحف». وأضاف: «هذه الشركات ساهمت في غياب التفرد والتميز الصحفي وتحول المهنة إلى صحافة الفاكس والعلاقات العامة». وقال: «إن المصادر تلجأ لشركات العلاقات العامة باعتباره الهروب الكبير من التعامل مع الصحفيين، خوفاً من الخطأ». وطالب بإطلاق مؤشر قياس الشفافية للمصادر والجهات الحكومية الاتحادية والمحلية، وأشار إلى أن بعض الوزارات الخدمية لا تقدم المعلومات للإعلام، على الرغم من توجيهات الحكومة التي تحتم بشفافية مع الإعلام، ومواجهة التحديات والعوائق بكل وضوح، مع بذل الجهد لتحقيق الطموحات، من دون خوف أو تراجع. ومن جانبه أكد محمد يوسف رئيس مجلس إدارة جمعية الصحفيين الإماراتية، أن شركات العلاقات العامة ليست ضرورة وأن وجودها أساء لإنجازات الدولة وقلص التطور الصحفي وتحقيق التفرد وإبراز الإنجازات المتحققة في الواقع، مشيراً إلى أن الصحافة الإماراتية حققت تطوراً كبيراً منذ تأسيس الدولة قبل ظهور تلك الشركات. وقال يوسف: «وجود هذه الشركات أدى لظهور ثقافة اختفاء المسؤول، بينما قيادات الدولة تتعامل مباشرة مع الإعلام»، عازياً ذلك إلى خوف المسؤول من الظهور إعلامياً ووقوعه في أخطاء تدخله دائرة المحاسبة. ورداً على أن وجود هذه الشركات يشكل ضرورة عصرية، طالب يوسف بضرورة خضوعها لإشراف جهة مختصة مثل المجلس الوطني للإعلام، لأن غير المختصين بالإعلام يمثلون نحو 90? من العاملين فيها مما أضر بالعمل الإعلامي. ودعا يوسف المؤسسات الصحفية إلى عدم التعامل مع البيانات الصحفية الصادرة عن شركات العلاقات العامة خلال المؤتمرات والفعاليات. bmahmoud@alittihad.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©