الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محمد المر يسرد ذكريات المشهد الثقافي في الإمارات

محمد المر يسرد ذكريات المشهد الثقافي في الإمارات
5 نوفمبر 2010 23:14
عقدت جائزة الشيخ زايد للكتاب مساء أمس الأول بقاعة المؤتمرات في مركز إكسبو الشارقة ندوة ثقافية متخصصة بعنوان، “ملامح وذكريات من المشهد الثقافي الإماراتي”، وذلك على هامش مشاركة الجائزة في فعاليات الدورة التاسعة والعشرين من معرض الشارقة الدولي للكتاب. وشارك في الندوة الكاتب والقاص الإماراتي محمد المر عضو الهيئة الاستشارية لجائزة الشيخ زايد، وأدار الندوة وقدم لها راشد العريمي أمين عام الجائزة، بحضور جمع من المسؤولين والمثقفين وممثلي عدد من المراكز الثقافية والمؤسسات الأدبية ودور النشر والتوزيع. وتحدث راشد العريمي في بداية تقديمه للندوة عن الدور التنويري الكبير الذي تلعبه الشارقة، وقال إنها “قُرّة عين الثقافة في الإمارات”، وأشار العريمي إلى أن الأديب محمد المر يملك خواطر وسرديات موصولة بالثقافة المحلية منذ بداياتها وحتى زمننا الراهن، وبالتالي فهو الأجدر بعرض صفحات من ملامح وحيثيات هذا المشهد. وأشار محمد المر في مستهل حديثه إلى أن تقليب صفحات المشهد الثقافي في الإمارات تتقاطع فيه الجوانب الشخصية مع الجوانب العامة المحيطة والمؤثرة في هذا المشهد. وقال إنه يتذكر أن مدينة كبرى في حجم إمارة دبي كانت في فترة صباه تضم دار سينما واحدة فقط أنشأها في ذلك الوقت رجل الأعمال الكويتي مرشد العصيمي، وكانت هناك مكتبة وحيدة أيضاً أنشأها الأخوان عبدالله وعبدالواحد الرستماني، وأضاف أن الخدمات الثقافية كانت غائبة، بسبب القوانين الجائرة التي خلفها الاستعمار البريطاني في بداية القرن التاسع عشر، وهناك أسباب أخرى تتعلق بغياب مفهوم السيادة آنذاك وقلة الموارد الطبيعية وصغر حجم القاعدة السكانية. ولفت المر إلى أنه بعد رحيل المحتل البريطاني جاءت الإسهامات العربية لتخلق نوعاً من الحراك التنموي والتعليمي والتثقيفي من خلال الجامعة العربية التي أنشأت ما عرف بـ”مجلس التطوير”، وبعد الاستقلال الرسمي للدولة وامتلاكها سيادتها أصبحت هناك حاجة ملحة لصياغة مشروع أو رؤية تعليمية وثقافية شاملة نستطيع من خلالها مواكبة الدول المتقدمة والحديثة. وعاد المر بذكرياته إلى بداية الثمانينات وهي الفترة التي أنهى فيها دراسته الجامعية في نيويورك، مشيراً إلى أن عودته صادفت إقامة أول معرض للكتاب في الشارقة وفي قاعة أفريقيا تحديداً وكان المعرض وقتها يضم إصدارات المكتبات التجارية القليلة التي كانت تبيع الكتب في إمارة الشارقة. وقال المر “رغم صغر مساحة المعرض في ذلك الزمن مقارنة بالمعارض التي زرتها في أميركا، إلا أنني أعجبت بروحية الأمل التي كانت سائدة وسط القائمين على معرض الشارقة للكتاب”. واستطرد المر، “والآن وبعد مرور تلك الفترة الطويلة فإن وجود أكثر من سبعمائة دار نشر وأكثر من 200 نشاط وفعالية في معرض الشارقة الحالي، هو دليل ملموس يؤكد على روحية الأمل تلك والتي ساهمت في خلق النهضة أو القفزة الثقافية الكبيرة التي تعيشها الدولة حاليا”. وعدّد المر جانباً من مظاهر النهضة الثقافية من خلال المؤسسات الثقافية الحاضرة في أروقة المعرض ومنها دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة وهيئة أبوظبي للثقافة والتراث وندوة الثقافة والعلوم بدبي ومؤسسة سلطان العويس ومركز جمعة الماجد، وغيرها من الهيئات والمؤسسات التي ساهمت ــ كما أشار المر ــ من خلال أنشطتها وفعالياتها الكبيرة والمتعددة في خلق حالة من الحراك الثقافي المحلي المتسارع والمضطرد. واستغرب المر من وجود ظواهر سلبية عديدة رغم كل هذا الغنى والتنوع في النشاط الثقافي بدولة الإمارات، ومن هذه الظواهر، كما أشار، غياب حساسية التذوق الفني لدى الأجيال الشابة والجديدة في الدولة مقابل استفادة قطاع كبير من الوافدين والأجانب من ثمرات الطفرة الثقافية والفنية التي تشهدها البلاد. ومرد هذه الظاهرة كما قال المر هو المرجعية الفنية المسبقة للأجانب والوافدين، وغياب الأنشطة اللاصفية من المناهج الدراسية، حيث لم تعد المناهج تهتم بتنمية ذائقة الرسم والموسيقا والتشكيل لدى الطلبة. كما أن المرافق والمسارح الكبرى في كليات التقنية والجامعات لا يتم استغلالها لاستضافة جانب من الفعاليات الفنية الكبرى التي تحتضنها الإمارات ومنها فرق الأوركسترا والأوبرا العالمية التي لا تصل إبداعاتها لهؤلاء الطلبة. ومن الظواهر السلبية الأخرى التي عددها المر، الخلط والازدواجية وعدم التنسيق الذي تشهده النشاطات الثقافية والفنية المتشابهة التي تقام في إمارات الدولة المختلفة. وقال المر :” هناك تقصير واضح من مؤسساتنا التعليمية والثقافية في عدم إيصال الثمرات الفكرية والإبداعية للفئة الأساسية المستهدفة”. وشدد المر على ضرورة فتح المجال للمبادرات الفردية ومشاركة القطاع الخاص في التنمية الثقافية الشاملة، وقال إن البيروقراطية الحكومية وحدها لن تكفي في رفد وتفعيل هذه التنمية. وطالب المر بإعطاء فرصة للعمل التطوعي للمساهمة في هذه التنمية لأن هذا النوع من العمل، بحسبه، يضفي نوعاً من الحرارة ويعكس اهتمام الشريحة الكبرى من الجمهور بما تقوم به القطاعات الثقافية من جهود ومبادرات خلاّقة ومبتكرة. وأشار المر إلى أن المشاريع الثقافية والحضارية المتمثلة في المهرجانات السينمائية والتشكيلية والمسرحية، وفي المتاحف الضخمة التي نشهد بوادرها الآن في أبوظبي ودبي والشارقة والإمارات الأخرى، يجب أن توظف لخدمة الأجيال القادمة كي نخلق قاعدة من المبدعين والمثقفين القادرين على تجاوز العقبات وتنمية وتطوير النهضة الثقافية التي نعيشها اليوم. وفي ختام الندوة فتح باب النقاش والحوار بين الحضور وبين ضيف الندوة حول غياب الوهج الثقافي والإبداع الفردي مقارنة بما شهدته فترة الثمانينات والتسعينات من حرارة وحماس إبداعي نقي. كما دار نقاش آخر حول الدور الثقافي الغائب للأندية الرياضية الكبيرة، وحول خريجي الجامعات والأكاديميات الذين يتحولون في النهاية إلى موظفين بيروقراطيين دون أن تكون لهم إسهامات مفيدة ومطورة للمشهد الثقافي، وغيرها من الأسئلة والنقاشات التي سلطت أضواء عديدة على المشهد الثقافي المحلي وما ينتظر هذا المشهد بالذات من تحديات ومن آمال وطموحات أيضاً.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©