أديس أبابا، الخرطوم (الاتحاد ، وكالات) - انهارت بشكل مفاجئ أمس المفاوضات بين السودان وجنوب السودان بشأن تطبيق اتفاق التعاون بعد خمسة أيام من المحادثات. ويهدف اتفاق التعاون الذي تم التوصل إليه في شهر سبتمبر الماضي إلى تنظيم إنتاج النفط والإدارة المشتركة لمنطقة أبيي المتنازع عليها، إضافة إلى إقامة منطقة حدودية آمنة ومنزوعة السلام بين الدولتين. وعقدت الأطقم التفاوضية من الدولتين اجتماعات برعاية لجنة الوساطة التابعة للاتحاد الأفريقي برئاسة رئيس جنوب أفريفيا السابق ثابومبيكي، في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا منذ الاثنين الماضي.
وأعلنت حكومة جنوب السودان أمس أن نظيرتها الشمالية «اتخذت مواقف لا مبرر لها من خلال الإصرار على بنود وشروط جديدة ليست جزءا من الاتفاق الذي تم التوقيع عليه «. وقالت في بيان «هذا من شأنه أن يقوض صدقية العملية التفاوضية ووحدة واستمرارية الاتفاق». وعقد الاجتماع بعدما اتفق الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس جنوب السودان سيلفا كير ميارديت، في الخامس من الشهر الحالي، على «التطبيق السريع وغير المشروط والمنسق» لكل الاتفاقيات التي تمت بين الدولتين.
ولم يتسن الاتصال بممثلي فريق الوساطة للتعليق، لكن عضو الوفد السوداني المفاوض السفير بدر الدين الطيب، قال في تصريحات للصحفيين أنه «على الرغم من عدم التوصل إلى اتفاق، فقد حدث تقدم كبير في المحادثات بشأن كل الملفات، وسوف ترفع كل النقاط الخلافية إلى القمة المقبلة التي ستعقد بين الرئيسين السوداني، عمر حسن البشير ورئيس جنوب السودان، سلفا كير ميارديت في أديس أبابا». وأشار إلى أن «المفاوضات بين وفدي البلدين سوف تستأنف بعد اجتماع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، والذي سيعقد على هامش القمة الإفريقية المقبلة في أديس أبابا يوم 27 كانون الثاني الحالي».
من جانبها قال صحيفة سودانية مناوئة لجوبا إن اجتماعات اللجنة الأمنية المشتركة «فشلت في التوافق والتوقيع على الجداول الزمنية بمصفوفة تنفيذ اتفاق التعاون المشترك، ووصلت كل محاولات توقيع الطرفين لطريق مسدود، مما دفع باقان أموم كبير مفاوضي الجنوب للمغادرة بصورة مفاجئة إلى دولة نيجيريا». ونقلت صحيفة «الانتباهة» التي يشرف عليها الطيب مصطفي، خال الرئيس السوداني عمر البشير عن مصدر لها قوله :» فشلت.. أن رئيس الآلية الإفريقية ثامبو أمبيكي أجل مغادرته أديس أبابا وانخرط في اجتماعات مع الوفدين لإنقاذ الموقف». وكشف المصدر عن اتفاق الآلية والوفدين على التوقيع على اتفاق قبل يومين، «بيد أن الجانب الجنوبي تلكأ، وظل يتهرب من التوقيع بأكثر من حجة مثل رسم مقترحات جديدة لكل اجتماع حول وضعية المناطق المتنازع عليها، بجانب رفض الحديث عن عملية فك الارتباط مع قطاع الشمال». وقالت الصحيفة التي لا تخفي معاداتها لحكومة جوبا إن أجواء التفاؤل التي سادت بعد موافقة الطرفين على الجداول الزمنية لتنفيذ مصفوفة الاتفاق بين البلدين، «اصطدمت بالتغيير المفاجئ لموقف الجانب الجنوبي ورفضه لاحقاً التوقيع». وحسب الصحيفة فإن «الجداول الزمنية وضعت مواقيت محددة لعملية الانتشار للقوات المشتركة، تبدأ من الثاني من فبراير، وتختتم في الثاني والعشرين منه». وأضافت الصحيفة نقلاً عن مصادرها أن فك الارتباط هو السبب الرئيس في فشل التوقيع على اتفاق الجداول الزمنية. وأصدر وفد الحكومة بأديس بياناً أكد من خلاله الالتزام بالترتيبات الأمنية.
وفي وقت لاحق، أعلن وزير الدفاع السوداني، الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين، رئيس اللجنة الأمنية المشتركة، عن وجود أربع عقبات حالت دون توقيع الطرفين على المصفوفة، وعلى رأسها قضية أبيي والحدود وفك الارتباط ما بين الفرقتين التاسعة والعاشرة وتعريف منطقة الميل «14». وأكد في تصريحات عقب عودته بمطار الخرطوم أمس، اتفاق الخرطوم وجوبا على تنفيذ كافة اتفاقيات التعاون الأخرى، وعلى رأسها اتفاق النفط والتبادل التجاري، وأشار إلى أنها جاهزة للتوقيع ولكنه رجع ورهن تنفيذها بالاتفاق على جميع القضايا مجتمعة. وكان الطرفان اتفقا أثناء المحادثات بأديس أبابا على أن تبدأ ترتيبات ضخ النفط بعد أسبوعين من التوقيع على المصفوفة. وأكد وزير الدفاع السوداني استئناف المفاوضات مرة أخرى في الثالث عشر من فبراير المقبل. وأشار إلى رفع الخلافات إلى قمة الرئيسين عمر البشير وسيلفا كير ميارديت المزمع عقدها في الرابع والعشرين من الشهر الجاري. وأكد التزام حكومته بمواصلة الحوار للتوصل لاتفاق واتباع سياسة النفس الطويل، وكشف عن طلب دفعوا به لرئيس الوساطة الأفريقية لعقد اجتماع طارئ لمناقشة قضية فك الارتباط والإيواء، بجانب تراجع جوبا عن الاتفاق الذي تم بشأن تعريف الميل 14 وكيفية جعلها منطقة منزوعة السلاح، ووصف مواقف جوبا بالمتذبذبة.
عدد اليوم
