الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الصويان يقرأ التداخل التاريخي والأسطوري في المرويات الشفوية

الصويان يقرأ التداخل التاريخي والأسطوري في المرويات الشفوية
25 فبراير 2009 01:19
افتتحت أكاديمية الشعر التابعة لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث برنامجها الثقافي أمس الأول في المجمع الثقافي في أبوظبي بمحاضرة للباحث السعودي الدكتور سعد الصويان بعنوان ''التداخل التاريخي والأسطوري في المرويات الشفوية'' بحضور نخبة من الباحثين في التراث والأدباء والصحفيين والمهتمين بالشأن الشفاهي للمرويات الشعبية· وفي تقديمه للمحاضرة قال الشاعر والناقد سلطان العميمي مدير أكاديمية الشعر: إن الأكاديمية إذ تقيم هذه المحاضرة لتؤكد أهمية التواصل مع الموروث وإحياء أصوله من خلال التناولات النقدية التي يضطلع بها الباحثون العرب المعنيون بالشأن الفولكلوري والانثروبولوجي· واضاف: يعتبر الدكتور سعد الصويان أحد أهم الباحثين بالحفريات المعرفية لتأصيل وتقعيد أسس الانثروبولوجيا والفولكلور وهو أستاذ لهذا الفرع في جامعة الملك سعود في الرياض، وسبق أن حصل الباحث على البكالوريوس في علم الاجتماع وتخصص في الانثروبولوجيا عام 1982 فنال الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا، كما أنه قائم على مشروع جمع الشعر النبطي من مصادره الشفهية· ونوه إلى أن الدكتور الصويان ''سبق أن أدار المشروع الوثائقي السعودي من عام 1991 حتى 2001 فأنجز 20 مجلداً يتكون كل مجلد من 700 صفحة زاخرة بالمعرفة التي كادت أن تنقرض''· وأشار إلى ان الصويان ''أصدر عدداً من المؤلفات المهمة منها: جمع الموروثات الشفاهية عام ،1985 حداء الخيل ،1988 الشعر الشفاهي ،2000 وفهرست الشعر النبطي ·''2001 واستهل الدكتور سعد الصويان محاضرته بشكر هيئة أبوظبي للثقافة والتراث على اهتمامها بالموروث الشعبي واستضافة أكاديمية الشعر له واهتمامها بالشأن الانثروبولوجي· وأشار الباحث إلى أهمية الانتباه إلى طروحاته في المحاضرة كونها تعتمد منطق التراكم الكمي والنقدي في تناول المرويات الشفاهية وعلاقتها ببعضها وصلتها بالزمان والمكان اللذين انتجت فيهما وقال: ان الأحداث والمعارف لابد أن يتم تداخلها شفوياً ولذا لابد من تناولها وإعادة بناء هيكليتها وصياغتها إبداعياً بأسلوب أكثر رقياً· وأضاف: ان القاص الشفاهي يتنازعه عاملان وهما أولاً كونه يحكي وقائع تاريخية وثانياً باعتباره سارداً للأحداث بأسلوب فني مثير لغرض ذات طابع فني وممتع، وعليه لابد من أن يصاغ التاريخ بأسلوب جذاب· وتحدث الصويان عن ''السالفة'' وأسباب انتشارها وتداولها التي اعتبرها مرهونة برغبة الرواة بحفظها أولاً واستمرار رغبة الناس بالتشوق إلى سماعها وهذا ما ينطبق على الشعر أيضاً· وقال: غالباً ما ترتبط ''السالفة'' مع القصيدة كونها تحكي عن سبب وتاريخانية القصيدة بالإضافة إلى أحداثها وزمانها وأسمائها ومواقعها، وبذلك تشكل السالفة جزءاً عضوياً من القصيدة من الناحية التاريخية والفنية أما القصيدة فهي الدليل المادي على مصداقية ''السالفة'' كونها تحفظها من النسيان· وتطرق الصويان إلى العلاقة العضوية بين السالفة والقصيدة وإلى الخلل الذي قد يصيب القصيدة بسقوط بعض أبياتها مما يجعل اثره على المصداقية التاريخية للسالفة كبيرا، وأشار إلى أن المقصد من إيراد حدث القصيدة ليس توثيق ما حصل وإنما هو لبنة من لبنات السرد القصصي، إضافة إلى ما في السالفة من عناصر درامية بما يتطلبه الفن القصصي كوميدياً كان أو تراجيدياً· وسرد الصويان سالفتين عن علاقة القصيدة بالسالفة ليدلل من خلالهما على عضوية الترابط بينهما· وحدد الباحث آليات الرواية الشفهية كونها تحول وقائع التاريخ إلى عناصر أدبية تقود إلى الانزلاق شعورياً من السرد التاريخي إلى الملحمي إذ يرى أن الأسطورة تبنى على التاريخ وأن الذاكرة الشفهية تفرض آلياتها على النص مما يسهل حفظها لكي يبقى متداولاً عبر الأجيال· كما تحدث عن أهمية الكتابة كونها تثبت تاريخية النص الواحد بدلاً من سماعه، وشدد على أن الرواية الشفهية تظل مبعثرة ومن هذا المنطلق يحصل التحول من التاريخي إلى الأسطوري، وأكد أنه كلما ابتعدت الروايات زمانياً ومكانياً يصبح من الصعب اكتشاف ما بينها من اختلافات واستشهد بروايات من سيرة بني هلال والضواغم وعنترة والمهلهل بن ربيعة وحكايات الجازية، وأن الرواة بالرغم من أن رواياتهم سردت بالعامية وهذا ما يتنافى مع واقعية الحكاية إلا أنهم يدافعون عن سرودهم ومقتنعون بعاميتها، وبذلك يصر الراوي الشفاهي على الحقيقة التاريخية لنصه المروي، وشبه الباحث أداء الراوي كمثل من يكتب على الماء· وأشار إلى أنه لا يمنع من تراكم التغيرات بسبب ابتعادنا عن مصدر الرواية مكانياً وزمانياً حيث تبدأ القيمة التاريخية بالتضاؤل· وأشار إلى أن الأسطورة تخرج المرويات من الخصوصية إلى العمومية والتجريد، وأشار إلى ما قام به المستشرقون ومنهم كارلو ديلانبيرك عام 1911 في جمع سوالف حوران، وهايكي بالفا الأستاذ بجامعة هلسنكي في فنلندا عام 1976 عندما جمع قصائد وسوالف شفهية عربية من العجارفة في الأردن وعدم تطابق وقائع السوالف مع التاريخ الواقعي للحكاية · وأشار الباحث إلى أن ما قيل في الرواية الشفهية ينطبق على الأنساب القبلية وأهمية التفريق بين السياسي والاجتماعي في الأنساب وبسبب تعدد أجيال القبلية صار النسب مجازياً حتى تحول إلى ايديولوجيا واستشهد بتحالفات قديمة ''العصر الجاهلي'' وتطرق إلى صعوبة التأكد الخالص من نسب القبلية بسبب تشكل الفجوات التي لابد من ردمها بسبب ظروف الهجرة أو البيئة أو المشاحنات أو الأوبئة· وأكد أن ثقافة الصحراء تتكون من المعلومات التاريخية التي توفرها السالفة كوها توثق القوانين والأعراف بين القبائل وأن التداخل بين التاريخي والأسطوري يقودنا - بحسب قوله - إلى التساؤل عن القيمة العلمية من ثلاث زوايا وهي اللغوية والتاريخية والأثنوغرافية، وأن غالبية السوالف تحكي صراعات بين قوى متضادة فكلما احتدم الخلاف كلما زادت التناقضات بين الروايات، وأن هناك جنسا من الرواة لا يهتم بالواقع التاريخي وإنما يولي أهمية للدرس الأخلاقي والعظات وهناك من هم مؤلفون ترفيهيون أضافوا على السالفة الكثير من الخيال وهؤلاء لا يعتد برواياتهم· دار نقاش حاد وطروحات من قبل الجمهور بدت في أغلبها نظرية مما جعل الباحث يرفضها جملة وتفصيلاً مما أمتع الحضور وجعلهم يعتبرونها محاضرة متميزة أشارت إلى سخونة الموسم الثقافي لأكاديمية الشعر كما هو متوقع·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©