الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسلام يضمن بناء وحماية الأسرة بثوابت إنسانية

الإسلام يضمن بناء وحماية الأسرة بثوابت إنسانية
8 أغسطس 2011 23:14
الأسرةُ بنيةٌ اجتماعيَّةٌ يقومُ عليها المجتمعُ، وتؤثِّرُ فيهِ سلباً أمْ إيجاباً، وتعبرُ عنْ حالةِ هذا المجتمعِ، وتمثِّلهُ تمثيلاً صادقاً، فحينما تكونُ آمنةً مستقرةً قويَّةً، فإنَّ المجتمعَ يصطبغُ بصبغتِها، وحينما تغيرُ مسارها، فإنَّ هذا المجتمع لا بدَّ من أن يدورَ في فلكها، وصدقَ علماء الاجتماع حينما قالوا سعادة المجتمعِ بسعادة أسرهِ، وشقاوتُهُ بشقاوةِ أسرهِ، وهي البيئةُ الأهمُّ، والمحطةُ الأولى الَّتي يتشكلُ الفردُ فيها، ويكتسبُ توجهاتِه الأساسيَّةِ منها، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ». لذلك جاءَ اهتمامُ الإسلام بالأسرةِ عظيماً، ورعايتهُ لها رعايةً كبيرةً منْ خلالِ: أولاً: التَّأسيسُ والتَّكوينُ، إنَّ قوةَ أيِّ بناءِ واستمرارِهِ ودوامهِ تتوقف على قوَّة أساساتهِ، وقدْ اهتمَّ ديننا الحنيفُ بهذا الجانبِ اهتماماً كبيراً، فدعا إلى أمرينِ اثنينِ: الأول: الاختيار، ونعني به حسن الاختيار من الرَّجلِ للمرأة، ومن المرأةِ للرَّجلِ. من جهةِ الرَّجلِ يقول رَسُولُ اللَّهِ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى إِحْدَى خِصَالٍ ثَلَاثَةٍ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى مَالِهَا وَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى جَمَالِهَا وَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى دِينِهَا فَخُذْ ذَاتَ الدِّينِ وَالْخُلُقِ تَرِبَتْ يَمِينُكَ» أحمد. وعندما يوفق الرجل في اختيار الزوجة الصالحة، فإنَّهُ ينالُ خيراً عظيماً، ويحظى ببيتهِ بسعادةٍ كبيرةِ، ويهنأ بعيشهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «أَلاَ أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ مَا يَكْنِزُ الْمَرْءُ؟ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ: إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ». وفي هذا توجيهٌ للرَّجلِ للاختيارِ الموفقِ لشريكتِهِ في المستقبلِ على أساسٍ صحيحٍ يجني المجتمعُ مستقبلاً ثمارهُ وفوائدُهُ. حسن الاختيار ومن جهةِ المرأةِ فقدْ أوصى الإسلامُ وليَّها بأن يحسنَ اختيارَ الرجل المناسبِ لها، وطلبَ منهُ أن يستشيرَ ابنته ويستأذنها في من جاءها خاطباً لها، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضيَ اللهُ عنهُ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ». والإسلام يحترمُ رأيَ المرأةِ، ويطالبُ باستئذانِها واستشارتِها في أمر زواجها، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضيَ اللهُ عنهُ، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: «لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ وَلَا الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ إِذْنُهَا قَالَ إِذَا سَكَتَتْ». ثانياً: الحمايةُ والرِّعايةُ بعد التَّأسيس والتكوين الَّذي يوجدُ الأسرة على أرضِ الواقع، اهتمَّ الإسلامُ بالعنايةِ والحماية لضمانِ الاستمرار والدَّوام وقدْ شرعَ لذلكَ تشريعاتٍ عظيمةً تضمنُ الاستقرارَ والطُّمأنينةَ والسَّعادةَ للأسرةِ، وطلبَ دينُنَا الحنيفُ منْ كلِّ فردِ التزامَ هذهِ التَّشريعاتِ. فالزَّوجانِ مطالبان بتحملِ المسؤوليةِ في بناءِ هذهِ الأسرةِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «ألا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» متفق عليه. كما هما مطالبانِ بقيامِ كلِّ واحدٍ منهما بواجباتِهِ تجاهَ الطَّرفِ الآخرِ، ولا تتحققُ السَّعادةُ بينهما إلاَّ بمراعاةِ الآداب الَّتي شرعها الإسلامُ لتستمرَ الأسرةُ قويَّةً متماسكةً سعيدة، ومنْ هذهِ الآداب المشتركةِ بينَ الزَّوجينِ، المعاشرةُ بالمعروفِ منَ الرَّجلِ للمرأةِ ومنَ المرأةِ للرَّجلِ، قال تعالى: «وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ»، فكلا الزَّوجينِ مأمورٌ بمعاشرةِ صاحبِهِ بالمعروفِ الَّذي أمرَ بهِ ربُّ العالمينَ، ومنَ المعاشرةِ بالمعروفِ أنْ يصبرَ كلا الطَّرفينِ على صاحبِهِ، ويتحمَّلَ منهُ، ويغضَّ الطَّرفَ عنْ بعضِ هفواتِهِ، يقولُ النَّبِيُّ للزَّوجِ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «ألاَ أخبرُكُمْ بنسائِكُمْ منْ أهلِ الجنًَّةِ؟ الولودُ الودودُ التي إذا ظلمتْ هيَ أو ظُلَمتْ قالتْ: هذهِ يدي في يدِكَ، لا أذوقُ غمضاً حتَّى ترضَى»، ومنَ المعاشرةِ بالمعروفِ أنْ يعاملَ كلُّ واحدٍ منهما صاحبَهُ بالخلقِ الحسنِ والاحترامِ والتَّقديرِ والبعدِ عنِ الازدراءِ والسَّبِّ والشَّتمِ والتَّسفيهِ والضَّربِ والتَّهديدِ بالطَّلاقِ، قال: «إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ». حقوق مشتركة ومنَ الآدابِ المشتركةِ بينَ الزَّوجينِ التَّزينُ والتَّطيبُ، بخلافِ ما يظنُّهُ البعضُ أنَّ هذا حقٌّ للرَّجلِ فقطْ، فكما يحبُّ الزَّوجُ أنْ يَشمَّ منْ زوجتِهِ رائحةً طيِّبةً ويراهَا في أحسنِ صورةٍ فهيَ كذلكَ تريدُ أنْ تشمَّ منْ زوجِها رائحةً طيِّبةً وتراهُ في أحسنِ صورةٍ، قالَ ابنُ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما: «إنِّي لأحبُّ أنْ أتزيَّنَ للمرأةِ كما أحبُّ أنْ تتزينَ لي المرأةُ؛ لأنَّ اللهَ يقولُ: ?{?وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ?}?» تفسير ابن كثير. إنَّ الإسلامَ حريصٌ على تماسكِ الأسرةِ وقوتِهَا، واستمرارِها ودوامِها، لذلكَ رتَّبَ على كلِّ واحدٍ منَ الزَّوجينِ حقوقاً وواجباتٍ وآداباً تضمنُ للأسرةِ الاستقرارَ والسَّعادةَ، فمنْ الحقوق الَّتي ينبغي للرَّجلِ أنْ يقومَ بها تجاهَ زوجتِهِ تحمُّلُ المسؤوليَّةِ في الرِّعايةِ والحمايةِ والإنفاقِ، وهو مَسْؤولٌ أمامَ اللهِ عنْ هذه الأمانةِ العظيمةِ. زكيا الحمقة
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©