الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عقبات تقنية كبرى أمام تحقيق الرؤية الإدراكية عند «الروبوتات»

عقبات تقنية كبرى أمام تحقيق الرؤية الإدراكية عند «الروبوتات»
4 نوفمبر 2010 20:51
لا تزال القدرة المحدودة للروبوتات على الرؤية وتلمّس البيئة التي تتحرك ضمنها، تعدّ من أهم العوائق التي تجعلها أقل من البشر قدرة على إنجاز الأعمال؛ إلا أن أنظمة تقنيات الرؤية الاصطناعية تتطور الآن بسرعة تثير الدهشة. وهي تستوحي تطورها من محاكاة وتقليد أنظمة الرؤية الطبيعية للأحياء بمن فيهم البشر. وكل يوم، تزداد الروبوتات ذكاء وجاذبية. وأصبح بعضها يتكفل الآن بالفعل بإنجاز مهمات معقدة تتطلب الكثير من الدقة مثل تفكيك القنابل المعدّة للانفجار، والمشاركة في المهمات القتالية والتجسسية وراء خطوط العدو، وتشغيل وإصلاح الآلات والأجهزة التي ينطوي الاقتراب منها على خطر كبير كمفاعلات إنتاج الطاقة النووية. وبعض الروبوتات تتكفل بالترفيه عن الإنسان، وأصبح بعضها الآخر يشكل فرقاً للتنافس في لعبة كرة القدم. يتساءل تقرير نشرته مجلة “إيكونوميست”: هل يعني هذا أننا سنرى الروبوتات في المستقبل القريب وهي تنتشر على نطاق واسع في ميادين القتال والمصانع والطرق والبيوت؟. ثم يقول إن ذلك لن يحدث لسبب بسيط يكمن في أن الروبوتات ذاتها لا تتمتع بحاسة الرؤية على النحو الكافي. وصحيح أن مئات الشخصيات الروبوتية الجديدة أصبحت مجهّزة بكاميرات للرؤية الاصطناعية، إلا أن هذه الكاميرات لا تمثّل في الواقع أكثر من مجرّد أجهزة متخصصة بالتقاط البعض القليل من العناصر (أو النقاط) التي تشكل صور الأشياء. وهذه العناصر هي التي يطلق عليها اسم “النقاط الضوئية أو “البيكسيلز” pixels. وتحرّيا للدقة في شرح هذا التعريف، يشار إلى أن “البيكسيل” هو ببساطة مقياس لعدد النقاط الضوئية المنعكسة من الشيء الذي يراد تصويره “أو رؤيته” إلى مجسّ الرؤية sensor المزروع في الروبوت والذي يتكفّل بإرسال هذه التفاصيل إلى البرنامج التطبيقي للكمبيوتر. وتكمن المشكلة الرئيسية التي تواجه تطوير أنظمة الرؤية عند الروبوتات في التساؤل التالي: كيف يمكن للروبوت أن “يفهم” مغزى النقاط التي يراها حتى يميز بين الأشياء؟. وربما يتضح من هذا السؤال أن الرؤية ليست ظاهرة فيزيائية أو فيسيولوجية بسيطة لأنها ترتبط أيضاً بالإدراك. وبالنسبة للإنسان، لا يتأتى مفهوم التمييز بين الأشياء التي ينظر إليها إلا من خلال التجربة والتعوّد أثناء الطفولة. ولا يتطلب الأمر منه إضاعة أكثر من برهة من الزمان حتى يعلم أن الذي يراه بعينيه في لحظة ما هو سيارة أو كرة قدم؛ إلا أن تأليف البرمجيات التي يمكنها أن تزوّد الروبوت بنوع مماثل من الحسّ البصري الإدراكي أثبت أنه يمثل مهمة بالغة التعقيد. وفي حالة الإبصار الطبيعي عند البشر، تتشكل صورة الشيء المرئي على شبكية العين لتنتقل بعد ذلك إلى قطاع يقع في الجزء الخلفي من الدماغ يدعى “القشرة الدماغية البصرية” visual cortex التي تتولى تفسير المشهد أو الصورة. وهذه العملية، بالرغم من السرعة الهائلة التي تحدث بموجبها في الدماغ، إلا أنها تنطوي على تفاصيل فيزيائية عضوية بالغة التعقيد. كما أن من الواضح أن حاسة الرؤية عند البشر تطوّرت إلى الحدّ الذي جعلنا نميّز بين بعضنا البعض فنقول هذا فلان وهذا فلان. وهذا المستوى الإدراكي البصري المتقدم لا يوجد عند الحيوانات؛ وربما يكمن في هذه الظاهرة السر الذي يجعل من غير الضروري أن تتصف الأبقار بالملامح؛ ولا يكون ثمة من معنى للقول: هذه بقرة جميلة وتلك بقرة دميمة. وفي أواخر عقد الثمانينيات من القرن الماضي، ترأس عالم روبوتات يدعى يان لوكون يعمل الآن أستاذاً محاضراً في جامعة نيويورك، فريقاً بحثياً سعى لمحاكاة طريقة عمل “القشرة الدماغية البصرية” للبشر عند الروبوتات. وتكللت جهوده بابتداع “الشبكات العصبية الالتفافية” convolutional neural networks التي تتألف من عدد كبير من “مرشحات البرامج التطبيقية” software filters التي يمكنها تفسير المعنى الجزئي لسلسلة من النقاط الضوئية المتجاورة. وبتجميع المعاني الموافقة لمجموع الأجزاء، يمكن فهم الشكل العام للشيء الذي يراه الروبوت. ويزعم لوكون أنه حقق بشبكاته تلك أول تقنية مشابهة لطريقة عمل “القشرة الدماغية البصرية”. وتركّز هذه المرشحات على العلامات الفارقة للشيء الذي يراه الروبوت وخاصة الزوايا والحدود الخارجية وانحناءات السطوح. ويتولى البرنامج التطبيقي بعد ذلك “رسم خريطة” تتشكل من تجميع هذه النقاط المميزة إلى أن يتمكن البرنامج التطبيقي من التعرّف على المغزى الإدراكي لذلك الشيء. وقد يوحي هذا الشرح المبسّط لطريقة أداء “الشبكات العصبية الالتفافية” بمدى التعقيد الذي تنطوي عليه الرؤية الإدراكية للروبوتات، وبضخامة العمل الذي ينبغي بذله في المختبرات قبل أن نشهد الميلاد الحقيقي للروبوتات القادرة على الرؤية. وأما ما نراه أو نسمع عنه كل يوم حول التطورات التي تم تحقيقها في مجال بناء الروبوتات القادرة على تجاوز العوائق، فلا يعدو أن يكون مجرّد نجاح تقني في تركيب مجسّات صغيرة تشبه الرادارات وتعمل بالموجات فوق الصوتية “غير المسموعة”؛ وهي أشبه ما تكون بتلك التي يعتمد عليها الوطواط الأعمى لتجنّب الاصطدام بجدران الكهوف.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©