الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاستدانة للحج جائزة بشرط القدرة على السداد

الاستدانة للحج جائزة بشرط القدرة على السداد
4 نوفمبر 2010 20:37
اختلفت آراء علماء الأزهر حول فتوى دار الإفتاء المصرية التي أجازت الاستدانة لآداء فريضة الحج، فهناك من أيدها على أساس مقدرة الإنسان على سداد الدين بعد آداء الفريضة ومن رفضها مستدلا بالقاعدة الشرعية التي تقول إن الحج لا يجب إلا على المستطيع والإنفاق من أهم أوجه الاستطاعة. وكانت دار الإفتاء المصرية قد أجازت استدانة المسلم لأداء الحج رغم أن الإسلام لا يفرض ذلك، وأكدت في فتواها أن حج المسلم صحيح في هذه الحالة بشرط أن يؤدي ما عليه من دين. وبينت أن الاستطاعة شرط من شروط وجوب الحج والعمرة على أي شخص، ولكن شرط صحة الحجة والعمرة أربعة فقط هي: البلوغ والتمييز والإسلام والحرية وليس من بينها الاستطاعة، فغير المستطيع لا يجب عليه الحج والعمرة، ولكن إن تكلف ما لم يكلف إياه الشرع فاستدان وحج او اعتمر صح حجه وصحت عمرته. ليست ممنوعة وقال الدكتور أحمد محمود كريمة -استاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر- إن الحج قائم على الاستطاعة كما جاء في قول الله عز وجل: “فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين”- (آل عمران الآية 97)، وأن الاستطاعة هي إمكان الوصول الى مكة المكرمة بلا مشقة فادحة مع وجود أمن على نفس ومال الحاج وتوفر النفقة التي تلزمه ومن يعول. وأضاف: اختلف أهل العلم في صفة وجوب الحج هل هو على الفور أم التراخي وجمهور الفقهاء يرجح الرأي القائل بالتراخي ومن هنا منعوا الاستدانة لأجل الحج، بينما يرى المالكية ان الحج يجب على الفور حتى ولو بالاستدانة وبيع شيء للوفاء بالحج، وعلى ضوء هذا فالاستدانة لأجل الحج ليست ملزمة وليست ممنوعة بل حسب قدرات وإمكانيات كل إنسان، فمن وجد في نفسه المقدرة على سداد الدين من دون أن تلحقه مشقة فادحة فلا بأس، ومن تسببت له الاستدانة في مشقة فادحة أو أضافت عليه أعباء فلا داعي لها فالناس أدرى بأمور دنياهم. اجتهادات عصرية وقال الدكتور محمد الدسوقي - أستاذ الفقه وأصوله بكلية دار العلوم جامعة القاهرة - إن القاعدة الشرعية تقول إن الحج لا يجب إلا على المستطيع بنص القرآن الكريم، أي توفر الانفاق والصحة البدنية وشعور الإنسان بالأمن، أما الذي يستدين لآداء فريضة الحج فهو ليس مستطيعا وما دام ليس مستطيعا فالحج ليس واجبا عليه. وتساءل الدكتور الدسوقي عن الاسباب التي تجعل الحاج يستدين لأداء الفريضة وهل يضمن أن يؤدي ما عليه من دين بعد الحج؟ ولذلك يرى أن من يستدين ليس عليه حج، وطالب بألا نتوسع في مثل هذه القضايا حتى لا يترتب على ذلك أن يتعرض الناس لمشاكل في سداد الدين ويجرهم ذلك الى ساحات القضاء، وقد يعجز الانسان عن السداد ويقدم للمحاكمة ويسجن. ولذلك يرى أنه لا يجب الحج على الانسان في هذه الحالة وينتظر حتى يجعل الله له من بعد عسر يسرا، وأكد أن الذي لا يستطيع الوصول الى بيت الله الحرام لعجزه المادي فهو مأجور وإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى. وأوضح الدكتور الدسوقي أن الاجتهادات العصرية ملزمة بالنص الشرعي أولا، فإذا كان ليس هناك نص شرعي وقطعي الدلالة وقطعي الثبوت، ففي هذه الحالة يمكن أن نجتهد ما دام مجال النص يسمح بالاجتهاد وفي الصحيح أن الرسول– صلى الله عليه وسلم– ما سئل عن شيء في حجة الوداع إلا قال: “ افعل ولا حرج” وخاصة فيما يتعلق بالأمور الثانوية مثل تقديم نسك على نسك والتي لا تعد من أركان الحج الأساسية، ولذلك كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم– ييسر على الناس ولا يلزمهم ويقول: “افعل ولا حرج”. وهناك قضايا أساسية لا مجال فيها للاجتهاد في الحج مثل الوقوف بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة وطواف الافاضة وغير ذلك من الأمور المعروفة. القدرة على السداد وأكد الشيخ عادل أبوالعباس -عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف- أن الاختلاف في الفرعيات مشروع بين العلماء وأنه يجوز أن تتعدد الآراء الفقهية طالما أن النص من الكتاب أو السنة يحتمل هذا الاختلاف، وهو ما يطلق عليه الفقهاء اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد وهذا ما قال به سفيان الثوري عندما جعل من شروط الفتوى أن يكون المفتي عالما باختلاف العلماء. وأوضح أنه لا خلاف بين العلماء في وجوب الحج على القادر المستطيع من جميع نواحي الاستطاعة البدنية والمالية، ولكنهم اختلفوا في هل الحج واجب على الفور أو على التراخي فمن قال على الفور استدل ببعض مفاهيم النص ومن قال على التراخي استدل أيضا ببعض مفاهيم النص. وأضاف: قضية الاستدانة مختلف فيها بين العلماء فقد أجازوها عندما يكون للإنسان مال ليس في يديه ومضمون عودته، ففي هذه الحالة ليست القضية هنا الاستطاعة وعدمها وانما هو مالك لمال قد لا يستطيع أن يتملكه في لحظة وجوب الحج مثل بعض التجار الذين لهم أموال طائلة في الأسواق وعند العملاء أو بعيدة عنهم. لكن الآخرين قالوا إن استدان الانسان وهو لا يملك المال فإنهم كرهوا الأمر كراهية تحريمية لأن الحاج سيترك أولاده فقراء ثم يزيد عليهم هم الدين في أمر لا يعلم العودة منه الا الله، وقد يموت هناك وقد لا يستطيع السداد بعد العودة وهنا خرج عن مفهوم الآية: “لمن استطاع إليه سبيلا” ولذلك فإن الأمر يختلف من شخص لآخر فإن كان الانسان قادرا على السداد وعنده مايملك من عقارات أو أرض أو أموال يمكن ردها إليه فلا مانع من الاستدانة، أما اذا كان لا يستطيع فإن عمله لا يرضاه الاسلام.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©