الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما.. تصريحات صماء حول «فيرجسون»

25 أغسطس 2014 00:08
بيتر ويلسون أستاذ التاريخ بجامعة «هيل» البريطانية إذا كانت تصريحات أوباما حول العرق في الأعقاب المؤلمة للحكم على «جورج زيمرمان» بأنه غير مذنب قد لمعت في الضوء، فإن كلماته حول الغضب الذي ضرب بعنف مدينة «فيرجسون»، بولاية ميسوري، قد اكتنفها الظلام. فقد أظهرت هذه الكلمات زعيماً موهوباً جعله انزعاجه الواضح من مناقشة العرق في بعض الأحيان راوٍ لا يمكن الاعتماد عليه وبعيدا عن حياة السود. وعندما أدلى «أوباما» بتصريحه حول الكارثة التي وقعت في فيرجسون، فقد كان حذراً ألا يقع في خطأ. ومن المفهوم أن الرئيس لم يكن يريد تأجيج العنف. كما أنه أيضا تعلم الدرس بعد أن عبر عن أسفه لغباء ضابط الشرطة الذي ألقي القبض على «هنري لويس جيتس»، الأستاذ بجامعة «هارفارد» لاقتحام منزله الخاص، وقد دفعت عواقب هذا التدخل «أوباما» المتحفظ بالفعل إلى صمت حول العرق. والآن فإن الرئيس في الغالب يوازن الأمور عندما لا تترك المطالب الملحة له سوى القليل من الخيارات. وقد كان هذا هو الحال عندما فسر «أوباما» ببلاغه حالة الحزن والغضب التي اجتاحت مجتمعات السود عقب تبرئة «زيمرمان»، وهو شاب أبيض من أصول لاتينية، من تهمة قتل «تريفون مارتين»، المراهق الأسود الأعزل. كما كان هذا هو الوضع أيضاً مع أحداث فيرجسون. وإذا بدا «أوباما» وكأنه يشعر بالضجر من احتمال تكرار نفسه – «لقد قلت ذلك من قبل»، كما يذكرنا – فإن ذلك بالكاد يتوافق مع تبرم الضحايا السود الذين يشهدون التاريخ وهو يعيد نفسه بصورة مأسوية. ومثل أفلام هوليود، فإن العرق في الولايات المتحدة - خاصة عنف الشرطة ضد السود – لا يتغير: قد تتغير الأماكن أو يتغير الممثلون لكن القصة تبقى كما هي. ونظرا لموهبة «أوباما» غير العادية في مخاطبة الأمة في الأوقات الصعبة، فإن ملاحظاته حول «فيرجسون» كانت مخيبة للآمال للغاية. فقد برر «أوباما» تردده في قول الكثير بخشيته من قول «أنه يحاول التأثير على القضية بصورة أو بأخرى». وقد كان الرئيس محقاً بشأن ضرورة أن يترك تحقيقات وزارة العدل تأخذ مجراها، لكن المرء لا يمكنه تجاهل كيف أن ميزان العدالة يميل بشدة ضد شعب فيرجسون، وضد الملايين من جميع أنحاء البلاد الذين مروا بأوقات عصيبة للحصول على دولة يمثلها «أوباما» للعمل نيابة عنهم. ويحسب لأوباما أنه اعترف أن «هناك هوة من عدم الثقة بين السكان المحليين وإنفاذ القانون» وأن « الكثير من الشباب الملونين مهملون وينظر إليهم كأهداف للخوف». لقد تحدث الرئيس عن «مجتمعات مهملة، والتي... عادة ما تجد نفسها معزولة وبلا أمل، وبدون آفاق اقتصادية» بينما ينتهي الحال بشبابها «في السجن أو في نظام العدالة الجنائية» بدلا من «شغل وظيفة جيدة أو التحاقهم بالجامعة». وقد استشهد «أوباما» فيما بعد بمجموعة من «الاتجاهات»: فالشباب الأسود واللاتيني يميلون إلى مواجهة معدلات أعلى من التوقف عن الدراسة، ويميلون إلى التفاعل بصورة متكررة مع القانون وقد يكونون عرضة لمحاكمات وأحكام «مختلفة». ومثلما هو الحال مع الرئيس نفسه، كانت اللغة متأنية ومعتمدة وحذرة وربما منفصلة عاطفياً، فهو ينتبه دائماً لعدم تفضيل السود في تحليله، حتى لا ينظر إليه وكأنه يميزهم، وهو الشيئ الذي لم يحاول «اليمين» المتطرف أن يتهمه به. ورغم ذلك، فإن هذا قليلا ما يستحوذ على الحقائق النارية التي تحترق في أجساد ومجتمعات السود. وما قاله «أوباما» كان صحيحاً لكنه غير مكتمل. فالظلم ليس ببساطة مجرد مسألة إدراك، ومثال على ذلك عندما «يشعر» السود أنهم مهملون وعرضة لأشكال «مختلفة» من العدالة. والحقائق الغاشمة تقول إن الأمر كذلك، وتساعدنا تلك الحقائق على تفسير لماذا احترقت فيرجسون بالفوضى الصارخة؟ الإجابة: عقود من عدوان الشرطة، القتل المتكرر للسود العزل، الفقر المدقع للمواطنين السود، الانحياز في نظام العدالة الجنائية، عدم المساواة الاجتماعية، الحرمان المقصود أو غير المقصود من الحقوق بالنسبة لقطاع كبير من المواطنين، الآفاق القاتمة للترقي، والتي تزداد قتامة يوماً بعد يوم. كما أنه يجب على السود غالبا استخدام إجراءات استثنائية، فيما يتعلق بالاحتجاج في الشوارع، والظهور في وسائل الإعلام ومناشدة القادة على المستويين المحلي والوطني للاهتمام بمظالمهم، والانتهاء من حيث يبدأ المواطنون البيض. ومن الناحية النفسة، فقد فجرت فيرجسون الهوية الخاصة بها. وفي مواجهة كل ذلك، تمحور «أوباما» على نفسه، وأشار إلى أن برنامجه «حارس أخي» للارتقاء بالصبية السود والملونين سيعمل مع وزارة العدل في «المجتمعات المحلية لغرس المزيد من الثقة في نظام العدالة الجنائية». لكن الشباب الأسود لا يريد مزيدا من الثقة، لكن نظام العدالة في حاجة إلى تحول أساسي. لقد استمر «أوباما» في ركل الشباب الأسود الذي يشعر بالإحباط لأنه يوجه حديثه عن القانون والنظام ضد أجسادهم المعرضة لرقابة مفرطة وحماية أقل من اللازم: «هناك شباب أسود يرتكبون الجريمة» والذين «يجب محاكمتهم لأن كل مجتمع لديه مصلحة في أن تسود السلامة العامة». هذا صحيح، لكنه يأتي في ضوء حقيقة أن التجريم الظالم للأشخاص السود قد أدى إلى أزمة وطنية - والتي من أجلها كانت أبرز إجابة لأوباما هي توصية بانتهاج برنامج اجتماعي وليس سياسي. ويزعم المدافعون عن «أوباما» أنه رئيس وليس ناشط، لكنه يبدو وكأنه ناشط هنا، بل وناشط سيئ أيضا. وكان أفضل ما فعله أوباما هو أنه أرسل المدعي العام «إريك هولدر» إلى فيرجسون، على الرغم من أنه كان يجب أن يذهب بنفسه، كما ذهب إلى «نيوتاون» بولاية «كونيتيكت» والمجتمعات التي دمرها إعصار ساندي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©