الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان ووحدة الأديان

7 أغسطس 2011 22:17
الصيام عبادة قديمة تقرب بها كل الأنبياء الذين سبقوا محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما من أمة من الأمم التي جاءها هدى الله على لسان رسله إلا أمروا أن يتقربوا لله بالصوم، فالصوم طاعة ارتضاها الله ليتقرب الإنسان بها إليه، مهما اختلفت الأعصار والأمصار وتحولت الظروف وتبدلت، فنحن أمة الإسلام ومن تقدمنا من الأمم الغابرة سواء، مأمورون جميعا بالصوم. وفي ذلك دلالة جديرة بأن نقف عندها وهي في تقديري من أهم مقاصد فرضية الصيام، وهو البعد الإنساني، أمر إلهي واحد من إله واحد، وحلقات منتظمة من سلسلة الهداية الإلهية للعالمين، من تاريخ أول رسول، فيشدنا كل هذا إلى الإنسانية، في ماضيها وحاضرها ومستقبلها، ويجمعنا بها على أساس إيمان برب واحد، وعبادة رب واحد، فكلنا أبناء أب واحد، والأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى لهداية خلقه إخوة في انتماءاتهم وفي أهدافهم، يقول صلى الله عليه وسلم: (الاَنْبِيَاءُ إِخْوَة مِنْ عَلاَّتٍ، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، فَلَيْسَ بَيْنَنَا نَبِيٌّ) “مسلم”، وآخر تلكم الحلقة في سلسلة النبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فكانت رسالته رحمة للإنسانية كافة، رسالة محبة وسلام وتعاون. ولقد صور النبي صلى الله عليه وسلم رسالته الخاتمة أبلغ تصوير عندما قال: إِنَّ “مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ هَلا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ” (البخاري). وللتعايش بين بني البشر الذين خلقهم الله مختلفين أصلا لابد من الحوار، وفقدان الحوار يعني غياب التفاهم وحضور الصراع، وبالحوار يتمكن الناس من التعارف والتواصل والتعاون على حل الخلافات، فالحوار إذن هو المنهج الأساس للعلاقات الناجحة بين البشر على اختلاف أعراقهم وأديانهم وألوانهم خاصة إذا ما كان منضبطاً وفق جملة من الأدبيات والتعليمات ومستوعباً لجملة من الشروط ومتمثلاً لمقاصد ووصايا النصوص الدينية. الحوار إذن، هو السبيل للتفاهم والتلاقي، ولعل الصدامات ومظاهر الإرهاب التي يشهدها العصر ما هي إلا انعكاس لحقيقة مؤلمة هي حقيقة غياب الحوار والتفاهم، ولذلك خليق بالمسلمين أن يحرصوا على تمثل هذه القيم فكراً وسلوكاً في هذا الشهر المبارك، وأن يفعِّلوا المؤسسات التي تهتم بهذا الشأن خاصة بين الأديان والثقافات والحضارات. ولكي يتم هذا يجب أن يربى المرء على الحوار منذ الصغر في العائلة وفي مؤسسات التربية والتعليم كي ينشأ متقبلاً لفكرة الاختلاف والآخر، وواعياً أيضاً أن الحوار جسده ربنا عز وجل مع خلقه (الملائكة)، وحري بنا أن نتمثل ذلك الخلق ونعمل على تجسيمه في شتى الميادين مع الذات والعائلة وفي المجتمع وبين الأديان والثقافات والحضارات لأنه فعلاً يحقق التواصل والتعايش والرفق في الأمر كله.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©