الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العادة والتعود

العادة والتعود
25 فبراير 2009 00:52
هناك معان كثيرة لمصطلح الشخصية، منها أن ''الشخصية مصطلح يدل على استمرار الصيغ الوظيفية والقوى التي تتجلى من خلال الترتيبات المتعاقبة للعمليات المنظمة والسائدة، والتي تتشكل منذ الولادة وحتى الممات''· وباختصار ·· الشخصية هي ''عبارة عن مجموعة عادات، والعادات هي مجموعة أفعال تكررت بطرق معينة حتى أصبحت قوية''، فكيف تكونت العادة؟ يولد الإنسان وهو لا يعي شيئاً عن هذه الدنيا، فجعل الله له خمساً من الحواس ليتواصل بها مع الدنيا ويتجاوب مع أحداثها ومتغيراتها، وهذه الحواس تسمى بقنوات الإدراك، قال تعالى: (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(النحل:78)· وقد خرج أحد البحوث بمعلومة مفادها: أن أكثر من 90% من كل قيمنا تكون قد خزنت عندما نبلغ 7 سنوات· وأن هذه القيم تكون قد تأسست عند بلوغنا 10 سنوات· وأنه عندما نصل 21 سنة تكون هذه القيم قد ثبتت وتبرمجت في عقولنا· فالنفس وما تعودت عليه، ولكن هل فعلاً من شب على شيء شاب عليه؟ سؤال يجعلنا بين مفترق طرق، بين ''نعم'' و''لا''، فنعم إذا ما تشرّب قلب المرء واعتادت عليه حواسه وجوارحه، ولا إذا ما أراد المرء تغيير تلك العادات التي اعتاد عليها، وهنا يأتي البعض ويقول: ''ولكن يصعب على المرء أن يقطع العادة!'' فنقول له: هناك ستة مستويات في ذهن الإنسان وهي على الترتيب من أعلى إلى أسفل: البيئة، السلوك، المهارات والإمكانات، المعتقدات والقيم، الانتماء، الإيمان· وما يجعل الصعوبة في الإقلاع عن العادات السلبية هو التركيز المباشر لتغيير البيئة أو السلوك أو كليهما معاً، الأمر الذي يجعل المرء يتشبث بها أكثر، وما يفضل التركيز عليه وهو التغيير في المستويات العميقة، كتركيزنا على المهارات والإمكانات كما فعل الرسول عليه الصلاة والسلام عندما رأى ذلك الرجل يسأل الناس وليس في جسده علل، فحرك الإمكانات التي لديه ووجهه، فجعل منه رجلاً حطاباً يقتات من عمل يده، أو التركيز على تغيير المعتقدات السلبية والقيم الخطأ وإيجاد معتقدات وقيم إيجابية، وبهذا نكون قد حركنا القوى الفكرية السليمة لدى المرء، وإذا أردنا التأثير القوي فعلينا بالمستوى العميق ألا وهو الإيمان، فنعظه بالآيات والأحاديث وأقوال العلماء والفقهاء، فهذه التغييرات في المستويات العميقة تعمل تغييراً كبيراً في المستويات السطحية فيتغير سلوك المرء، وتتغير بيئته تبعاً لذلك· وهناك طريقة جميلة دائماً ما ننصح بها، وهي إذا كنت تجد صعوبة في التوقف عن عادة سلبية فلا تركز عليها وقم بفعل مغاير لها دون قطع العادة، وركز على الفعل الجديد، فهذا يجعل له حيز وجود كبير في الذاكرة والنفس فتتلاشى العادة السابقة شيئاً فشيئا، فكما أوجدت لنفسك عادة سلبية، فبإمكانك إيجاد عادة حميدة، فهل أنت مستعد؟ الدكتور/ عبداللطيف العزعزي dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©