الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة السورية.. هل كان بوتين على حق؟

الأزمة السورية.. هل كان بوتين على حق؟
23 أغسطس 2014 23:26
في مثل هذا التوقيت من العام الماضي، كان الغرب يسابق الزمن للقيام بعمل عسكري ضد نظام الأسد في دمشق، الذي كان متهماً باستخدام أسلحة كيماوية في هجمات ضد شعبه. ولكن هذا التدخل لم يقع أبداً، لأسباب ليس أقلها الرأي العام المحلي في دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة المعارض لمزيد من التدخلات العسكرية في الشرق الأوسط. ويا له من اختلاف في الموقف حدث على مدار عام! فالولايات المتحدة تفكر الآن في توسيع نطاق هجماتها الجوية على مسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية» الذين ينشطون في العراق وسوريا. . أولئك المقاتلون الذين ينتمون إلى المنظمة الإرهابية التي تقود الحرب ضد نظام الأسد! وقد أثار تفاقم خطر تنظيم «الدولة الإسلامية» واستيلاؤه على بعض الأراضي في العراق، واستمرار قمع وذبح الأقليات الدينية هناك وفي سوريا، إدانة عالمية واسعة النطاق. وفي هذا السياق قال السفير الأميركي السابق لدى سوريا «ريان كروكر»: «إنني لست مدافعاً عن نظام الأسد، ولكن على صعيد أمننا القومي، يُمثل تنظيم الدولة الإسلامية التهديد الأكبر في الوقت الراهن». وربما تبدو المفارقة الآن مأساوية، ولكنها أيضاً ليست مفاجئة بالنسبة للبعض؛ إذ حذر كثيرون من إصرار إدارة أوباما، والحكومات الأخرى، في بداية الثورة السورية على ضرورة رحيل الأسد، خوفاً من تلك القوى التي قد تملأ الفراغ الذي سيتركه. وكان من بين هؤلاء المنتقدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي حذر من التدخل الأميركي في سوريا، من خلال مقالة افتتاحية نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» في سبتمبر الماضي. وحذر بوتين من أن أي هجوم سيزيد من وتيرة العنف ويطلق موجة جديدة من الإرهاب. ويمكن أن تقوض أية ضربة ضد النظام السوري الجهود التعددية الرامية إلى حل مشكلة النووي الإيراني والصراع العربي الإسرائيلي وتزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويمكن أن يهدد ذلك توازن النظام العالمي أيضاً. وقد تفاقمت بعض الأزمات التي استعرضها بوتين في مقاله على أية حال، بغض النظر عن تحرك الولايات المتحدة أو تقاعسها. ولكن إصرار بوتين ارتكز على قراءة الصراع في سوريا بقلب قاسٍ ودم بارد على خلاف الرؤية التي كانت لدى البعض في واشنطن عند بداية الصراع. وكان الرئيس الروسي رأى أن «سوريا لا تشهد معركة من أجل الديمقراطية، وإنما صراعاً مسلحاً بين الحكومة والمعارضة في دولة متعددة الأديان»، مشيراً إلى أن نظام الأسد ذا التوجه العلماني اسمياً، وعلى رغم أخطائه، كان بمثابة قوة استقرار أكثر من أي قوة أخرى يمكن أن تحل محلها. وانتقد بوتين العناصر الإسلامية المتطرفة المتزايدة في صفوف الثوار السوريين، لافتاً إلى أن مرتزقة من بعض الدول العربية يقاتلون هناك، ومئات المسلحين من الدول الغربية وحتى من روسيا، أصبحوا مبعث قلق عميق، متسائلاً: هل سيعودون إلى دولنا بخبرتهم التي حصلوا عليها في سوريا؟ وقد أصبح المسؤولون الأميركيون والأوروبيون يُبدون هذا القلق علانية في الوقت الراهن، بعد أن أثار حفيظتهم التواجد الكبير للمواطنين الأوروبيين بين قوات تنظيم «الدولة الإسلامية». ويعتقد أن «جهادياً» بريطانياً يتحدث بلهجة لندنية هو من أعدم الصحافي الأميركي جيمس فولي، الأسبوع الماضي. ويعتبر انصراف الانتباه العالمي بصورة جذرية عن جرائم القتل التي يرتكبها نظام الأسد إلى تلك التي ينفذها المسلحون الذين يحاربونه دلالة على تعقيدات الحرب الهائلة، التي أفضت إلى انهيار الحدود واضطراب سياسات بعض الدول في أنحاء الشرق الأوسط. ولا يعني هذا الكلام، بطبيعة الحال، تبريراً أو إثباتاً لما قاله بوتين. ومثلما أوضح زميلي آدم تايلور من «واشنطن بوست»، فإن مقال الرئيس الروسي قدم قراءة غير ملائمة، ولاسيما في الوقت الذي تتدخل فيه موسكو بصورة غير مقبولة أبداً في أوكرانيا، مشيراً إلى أن اهتمام بوتين الشديد بتكامل الأنظمة العالمية يصعب أخذه على محمل الجد في ضوء ضم أراضٍ خاضعة للسيادة الأوكرانية في مارس الماضي، وكذلك استمرار معارضة الحلول الدبلوماسية للأزمة الأوكرانية في مجلس الأمن الأممي. ويشير بعض المتشككين الآخرين في موقف بوتين بشأن سوريا إلى مصالح موسكو الضخمة مع نظام الأسد، الذي يمنح روسيا قاعدة بحرية في البحر المتوسط، ويشتري دائماً المعدات العسكرية الروسية. وفي مارس عام 2011، في ظل الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في تونس ومصر، خرج المتظاهرون السوريون إلى الشوارع. ولكن تظاهراتهم السلمية الضخمة قوبلت بإجراءات عنيفة ووحشية من قبل قوات الأمن الحكومية. وفي النهاية تحولت الاضطرابات إلى صراع ثم انقلب الصراع الآن إلى حرب أهلية طائفية متكاملة الأركان حصدت أرواح ما لا يقل عن 191 ألف شخص حسب إحصاءات الأمم المتحدة الأسبوع الجاري. ويزعم البعض في واشنطن أنه لو أن إدارة أوباما بدأت تسليح المعارضة «المعتدلة» وتمكينها مبكراً، لما حصلت القوى المتطرفة التي ظهرت الآن على هذا التأثير والقوة. ولكن من الصعب تخيل أن أي سيناريو يشمل تدخلاً أميركياً مباشراً للإطاحة بنظام الأسد، كان من شأنه ألا يفيد الفصائل الإسلامية المنخرطة في الصراع. وقد كان ما يسمى بـ«الربيع العربي» قبل ثلاثة أعوام ونصف يبدو مزدهراً، واعتقد المسؤولون الأميركيون أن تغيير النظام في سوريا بات حتمياً. ولكن من الواضح أن تلك الحسابات كانت مخطئة تماماً. بيد أن الصراع بات الآن راسخاً ومستقطباً وغائراً في معاناة ومآسي ملايين السوريين، وعصياً على أن تكون المصالحة السلمية فيه خياراً من بين الخيارات. وربما أمكن لروسيا الدفاع عن جرائم نظام الأسد بتكرار دعوات دمشق إلى الحوار، التي طالما اعتبرتها قوى المعارضة غير مخلصة. ولكن يبدو أن استدراك فرصة تقارب من ذلك النوع يُمثل بصيص ضوء ضئيلاً في الظلام الحالك الذي اكتنف سوريا منذ ذلك الحين. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©