الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصوم تضامن.. وقناعة

6 أغسطس 2011 22:12
الصيام الحق هو الذي يزيد في حدة شعور الصائم بانتمائه إلى المجتمع، وأنه مسؤول عن إسهامه في نشر الخير وبذل المعروف وإنفاق المال، تيسيراً لحاجة المعسرين والمعوزين، قال تعالى: «لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ» (آل عمران 92)، فلن يصل الإنسان إلى درجة الإبرار الصالحين المقبولين عند الله إلا إذا تغلب على شح نفسه، وبذل المال فيما يرضي الله، وتخير من أطايب أمواله وأفضلها عنده وأحبها إلى نفسه وتصدق منها. بهذا النفس من الإيثار ربى القرآن الكريم وربى النبي صلى الله عليه وسلم الأفراد، فكون منهم أمة هي خير أمة أخرجت للناس. أهل القناعة وردت لهم البشارة على لسان خير البشر صلى الله عليه وسلم عندما قال: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ (مسلم)، وقال أحد الحكماء: «سرور الدنيا أن تقنع بما رزقت، وغمها أن تغتم بما لم ترزق». والمشكلة الرئيسية هي أن كثرة الحرص يجعل الإنسان يرى دائماً أن ما ليس في يديه هو أفضل مما في يديه، فإذا أراد الزوجان أن يعيشا سعيدين فليقنع كل بزوجه، فعلى الرجل أن يقنع بزوجته كما هي بسلبياتها وإيجابياتها، فليس هناك امرأة كاملة. فإن كان حصل على ذات جمال فهناك من هي أجمل منها، وإن كان حصل على ذات خلق فهناك من هي أحسن منها أخلاقا، وعلى المرأة كذلك أن تقنع بزوجها، فليس هناك امرأة كاملة وليس هناك رجل كامل. وقد ورد في التاريخ أن امرأة عمران بن حطان نظرت يوما في المرآة، وكانت من أجمل النساء، فأعجبها حسنها. ثم نظرت إلى زوجها عمران وكان قبيحا، فقالت: أبا شهاب، هلم فانظر في المرآة، فجاء فنظر إلى نفسه، وهو إلى جانبه كأنه قنفذ، ورأى وجهه قبيحا، فقال: هذا أردت؟ فقالت: إني والله لأرجو أن أدخل الجنة أنا وأنت. فقال: بم؟ قالت: لأنك رزقت مثلي فشكرت، ورزقت مثلك فقنعت وصبرت، والشاكر والقنوع والصابر في الجنة. والقناعة لا تتناقض مع التوكل والأخذ بالأسباب والرغبة في الاستزادة من الخير وفق شرع الله وآدابه وأحكامه، ومن الخطأ أن تفسر القناعة بالركون إلى التقاعس عن العمل وترك الأخذ بالأسباب والتمني على الله الأماني، فالقناعة أخذ بالأسباب والحزم في العمل والتعلق بالله طلبا للعون والتوفيق. والمسلم يقنع بما قسم الله له في ما يتعلق بالدنيا، أما في عمل الخير والأعمال الصالحة فإنه يحرص دائما على المزيد من الخيرات مصداقا لقوله تعالى: «وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» (البقرة: 197)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©