الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النفس المطمئنة موعودة بالجنة

النفس المطمئنة موعودة بالجنة
6 أغسطس 2011 22:08
أبرز القرآن الكريم مراتب النفس وجعل أعلاها مرتبة النفس المطمئنة التي تكون راضية بقدر الله عز وجل مفعمة بالطمأنينة وراحة البال مما يقودها للمزيد من الخيرات والأعمال الصالحة لأنها موقنة بأنها عائدة إلى الله ومن ثم يكون الثواب والرضا. قال الله تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية) “سورة الفجر، الآيتان 27-28”. يقول الدكتور طه حبيشي - أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر - الخطاب في هذه الآية للمؤمن الذي اطمأن إلى الله وآمن به وصدق رسله بأن نفسه مطمئنة إلى ذكر الله ساكنة إلى حبه وقرت عينها بالله. واختلف العلماء في معنى الاطمئنان في هذه الآية فقال مجاهد: النفس المطمئنة التي أيقنت أن الله تعالى ربها وصبرت على أمره وطاعته وقال الحسن: المؤمنة الموقنة وقال عطية: الراضية بقضاء الله تعالى وقال الكلبي: الآمنة من عذاب الله وقيل: المطمئنة بذكر الله قياسا على قوله تعالى: “وتطمئن قلوبهم بذكر الله”. صفات النفس تبرز هذه الآية صفة من أهم صفات النفس التي كشف الله عن حقيقتها وأهم مدلولاتها ومصيرها وهذا من تمام الإعجاز النفسي، حيث يسعى المؤمن جاهداً ليتوصل بنفسه إلى هذه المرتبة، وبذلك يكون له الفوز يوم القيامة. قال الحسن البصري إن الله تعالى إذا أراد أن يقبض روح عبده المؤمن اطمأنت النفس إلى الله تعالى واطمأن الله إليها. وقال عمرو بن العاص: إذا توفي المؤمن أرسل الله إليه ملكين وأرسل معهما تحفة من الجنة فيقولان لها: أخرجي أيتها النفس المطمئنة راضية مرضية ومرضياً عنك أخرجي إلى روح وريحان ورب راضٍ غير غضبان فتخرج كأطيب من ريح المسك. وقال سعيد بن زيد: قرأ رجل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - “يا أيتها النفس المطمئنة” فقال أبو بكر: ما أحسن هذا يا رسول الله فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: “إن الملك يقولها لك يا أبا بكر”. وقال الله تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) “سورة الرعد، آية 28”، وجاء في تفسير هذه الآية أن من علامات النفس المؤمنة زوال القلق والاضطرابات والإحساس بالفرحة واللذة بذكر الله لأنه لا شيء أحب للقلوب ولا أشهى ولا أحلى من محبة خالقها والأنس به والتقرب إليه وعلى قدر معرفة النفس المطمئنة بالله ومحبتها له يكون ذكرها له بالتسبيح والتهليل والتكبير. وقيل المراد بذكر الله في هذه الآية كتابه العزيز الذي أنزله ذكرى للمؤمنين ولهذا تأتي طمأنينة القلوب بذكر الله لأن النفس المؤمنة المطمئنة حين تعرف معاني القرآن الكريم وأحكامه تطمئن لها لأنها تدل على الحق المبين المؤيد بالأدلة والبراهين، وبذلك تطمئن القلوب التي لا تطمئن إلا باليقين. إن ذكر الله تعالى أفضل ما يخطر بالبال وأشرف ما يتحرك به اللسان وأزكى ما يؤثر في الأخلاق والسلوك. ويسدد خطوات الإنسان على طريق الحياة الصحيحة ويبصره بالرسالة التي خلق من أجلها ويجعله عبداً يرتفع في مستواه إلى الملأ الأعلى ويشعر الإنسان بالسكينة النفسية لأنه يعلم أنه في جوار ربه وأنه إذا آوى إلى الله فإنه يأوى إلى ركن شديد، وقد يشعر الناس بالعجز أمام ضوائق أحاطت بهم ونوائب نزلت بساحتهم وهم أضعف من أن يرفعوها. المؤمن الحق يتذكر أن الله على كل شيء قدير، وأنه بكل شيء بصير، وأنه غالب على أمره وأن شيئاً لن يفلت من يده، ولذلك يشعر بالسكينة والطمأنينة وتطمئن النفس المؤمنة بإحساسها بالصلة بالله والأنس بجواره والأمن في حماه وليس على وجه الأرض أشقى ممن يحرمون طمأنينة الأنس بالله في رحاب ذكره. والإنسان إذا سعى للتحلي بصفات أصحاب النفس المطمئنة سينال الاطمئنان النفسي في الدنيا والراحة الأبدية في الآخرة ومن صفات أصحاب النفس المطمئنة الإخلاص ومن علاماته أن يكون الإنسان في عناية الله تعالى ومعيته وأحواله ليست مضطربة وبذل المجهود في طاعة الله وأن يكون الإنسان حريصا على إسرار الأعمال إلا ما ينبغي إظهاره مثل الصلاة والدعوة إلى الله والحرص الشديد على إتقان العمل وإحسانه والخوف من عدم القبول لأن العبد يعيش لله لا لنفسه فكل ما يفعله لوجه الله. والاهتداء بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى تطغى محبته للنبي على حب المال والولد والنفس قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين” ومن علامات الاهتداء معرفة سنته - صلى الله عليه وسلم - وأحواله وسيرته والاقتداء به والرضا عن الله تعالى فعندما يذوق الإنسان طعم الإيمان يمر عليه البلاء وهو مطمئن ساكن هادئ البال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: “ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا”. محبة الله من تعلق قلبه بمحبة الله فقد صبغت حياته بصبغة جميلة من حسن الظن بالله تعالى إذا ابتلاه صبر ورضي وإذا أنعم عليه شكره وحمده على نعمه فسبحانه ودود يتودد إلى عباده الصالحين قال تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) “سورة مريم، آية 96”، وعلامات محبة الله تعالى الأنس بالله في الخلوة والتلذذ بتلاوة القرآن وكثرة ذكر الله وموافقة العبد ربه فيما يحب ويكره. والصدق يجعل الإنسان يعيش مطمئناً في التعامل مع الله قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة”، والصدق يكون مع الله في الأقوال والأعمال وصدق مع النفس حتى لا تميل مع الشهوات وصدق مع الناس وتقوى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحسن الخلق. الإيمان يدفع الإنسان إلى العمل الاطمئنان يجعلنا نتأمل في كل ما هو جميل ورائع في هذا العالم من ماديات وروحانيات ومعنويات قال تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق)، وقال تعالى: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) والذين يتأملون في أسرار الكون وكيف يسير من توالي الليل والنهار وجريان الأنهار وحركة البحار وحدوث الزلازل والبراكين كل هذا لدى المؤمن الواعي يقوي شعوره ويزيد من طمأنينته ويهيئ الإنسان نفسياً للعمل الصالح والخلق البناء، وهنا يربط الإيمان بين الواقع والحياة وبين أنماط التوافق النفسي إنه الإيمان الذي يدفع الإنسان إلى العمل الصالح الذي يحمي من الزيغ والانحراف. والنفس البشرية تعمل وفق نظام محكم في الكون والله تعالى وهب لهذه النفس البشرية عقلها ومنحها القوة لتميز بين الخير والشر، وبالتالي فالإنسان السوي هو الذي ينمي نفسه ويسمو بها قال تعالى: (قد أفلح من زكاها) والإنسان غير السوي هو المضطرب الذي يعيش في إحباط وقلق ويحس بالدونية والنقص قال تعالى” (وقد خاب من دساها).
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©