الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصوم ظاهره حرمان وإمساك وباطنه عبادة وجزاء

الصوم ظاهره حرمان وإمساك وباطنه عبادة وجزاء
6 أغسطس 2011 22:07
بين الصيام والتقوى علاقة وثيقة ورباط متين بينها الله عز وجل في قرآنه بقوله: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) «البقرة، 183». وإذا أردنا أن نبين هذه العلاقة بينهما، فلابد أن نلقي الضوء على الصيام أولاً، ثم على التقوى ثانياً، ثم نبين كيف تكون العلاقة بينهما. فنقول: إن الصوم هو منع تصرف في مباح وهو ما يعبر عنه العلماء بالإمساك عن الطعام أو الشراب أو غيره من بزوغ الفجر الصادق إلى غروب الشمس مع النية. فالصوم ظاهره حرمان وإمساك وباطنه عطاء وجزاء ولذلك قال الله تعالى في الحديث القدسي (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به). وأما التقوى فهي منزلة إيمانية في القلب تمنع الإنسان من كل ما يخالف منهج الله تعالى ولا تحقق هذه المنزلة إلا بالجهد والمثابرة، وقد سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبي بن كعب رضي الله عنه عن معنى التقوى؟ فقال له: يا أمير المؤمنين أما سلكت طريقاً ذا شوك؟ قال: نعم، قال له: فماذا فعلت؟ قال عمر: شمرت عن ساقي، فقال أبي: فذلك التقوى. وقد عرف الإمام علي كرم الله وجهه التقوى بقوله: (إنها الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل). خير الزاد التقوى هي المخرج للمسلم من أزمات الدنيا وأهوال الآخرة، فهي خير زاد له كما قال الله تعالى: (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى)، وهي الأساس المتين الذي لابد لنا أن نبني حياتنا عليه قال تعالى: (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين) «التوبة». وكفى أن يعلم الناس أن الذي يتقي الله تعالى فإنه يفلح، يقول تعالى: (واتقوا الله لعلكم تفلحون) وإذا كان الإنسان حريصاً على الفلاح فلابد أن يبحث عن الأسباب التي تحقق له التقوى، ولقد ذكر الله تعالى كثيرا من هذه الأسباب التي تحققها، فمن أعظم هذه الأسباب الصوم فالصيام سبب رئيس من الأسباب التي تجعل الإنسان تقياً، وهنا لابد أن نسأل فنقول: ما هي الأشياء التي يفعلها الصيام في الإنسان حتى يجعله تقياً؟. أي يخاف من الجليل ويعمل بالتنزيل ويرضى بالقليل ويستعد ليوم الرحيل؟ أقول نعم إن الصيام يفعل ذلك بأشياء منها: - معلوم أن الله تعالى فرض علينا الصوم في شهر رمضان لكي يعرف كل منا نفسه من أي النفوس هي؟ هل هي من النفس الأمارة بالسوء؟ أم اللوامة، أم الملهمة، أم المطمئنة، أم الراضية، أم المرضية، أم الكاملة، والله أعطانا السبيل كي نعرف ذلك، فقد أبعد عنا - في رمضان - الضغوط التي تشوش علينا هذه المعرفة، والمتمثلة في وسوسة الشياطين لأن هذه الوسوسة الشيطانية تشوش علينا تشخيص نفوسنا وتجعله غير ممكن لأن الإنسان يعيش بين وسوستين، وسوسة الشيطان ووسوسة نفسه. فغل الله الشياطين في رمضان ليبعد عنا وسوستهم وليعرف كل إنسان منا وسوسة نفسه ويفرق بين الوسوستين، وليعلم هل نفسه هي التي تزين له الشر والمعاصي؟ فيجب عليه أن يؤدبها، أم أنه يقع فريسة لوسوسة الشيطان فلابد أن يأخذ حذره منه، ويعرف طرق الابتعاد عنه، فيعرف بذلك عدوه من صديقه وإن كان لابد أن نأخذ حذرنا منهما. أبواب الجنة قال صلى الله عليه وسلم: (قد جاءكم شهر مبارك افترض عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم). فقد ذكر الحديث أن الشياطين قد غلت في رمضان فلا توسوس للإنسان حتى يحكم كل واحد منا على نفسه. فتحجيم الضغوط الخارجية المتمثلة في وسوسة الشيطان، تمنع زيادة وقود الشهوات وتكسر حدة المعاصي وذلك لتتحقق التقوى. - إضعاف قوة الشهوة بالحد من كثرة الطعام والشراب مما يقلل من كثافة الجسم، ليساعد بذلك على تحرر أكثر للروح التي تعاني طيلة السنة من قيد الطعام والشراب، فيقلل بذلك من الرغبة في الحصول على الشهوات والاندفاع إليها. وبالجملة، فإذا تغلب الإنسان على عنصر الطينية بإعلاء عنصر الروحية، فإنه يشعر بالانتصار والفرحة ولعل هذا أو غيره سر الفرحة اليومية التي يجدها كل صائم كلما وفق لإتمام صومه حتى يفطر، والتي ذكرها الحديث الشريف حيث قال صلى الله عليه وسلم: (للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه). - معرفة معنى الصبر وتحمل الألم ومعرفة ماهيته معرفة جيدة، والإمساك به أي بالألم فمن عرف ماهية الألم وماهية الصبر عليه، علم كيف يتعامل معهما ولا يضره أن يصبر على أي ألم آخر، بل ويستطيع أن ينازع نفسه حينما تريد إرغامه على فعل المعصية فتتولد الإرادة التي تحقق قوة الشخصية والانتصار على الترددات والمعاصي فتتحقق التقوى. سمير عبده مطر
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©