مسلمو إسبانيا يواجهون تحديات الاندماج

بعد أن شبّ أول جيل حديث من المسلمين المولودين في إسبانيا عن الطوق، بات مسلمو البلاد في مفترق طرق· فقد ثار جدل حامي الوطيس حول مسألة اندماج المسلمين بعد إعلان حزب المحافظين المعارض عن اعتزامه فرض حظر على الحجاب في معظم المدارس في حال فوزه بالانتخابات المقرر إجراؤها في التاسع من الشهر المقبل· هذا الاقتراح أثار انتقاداً من جانب الحزب الاشتراكي الحاكم وجناح أقصى اليسار، حيث وصفوا المحافظين بأنهم عنصريون يكرهون الأجانب· يقول كمال رحموني رئيس اتحاد المهاجرين المغاربة: ''ينبغي ألا يصير المهاجرون أبداً سلعة انتخابية رخيصة''· ويقدر عدد المسلمين في إسبانيا بما يربو على مليون مسلم، وهو ما يجعل الإسلام ثاني أكبر ديانة في البلاد بعد المسيحية ''الكاثوليك الرومان''· ويتحدث المسلمون في العادة كجماعة واحدة، لكن واقع الحال يقول إنهم يتألفون من خليط واسع من القوميات بدءاً من المغاربة الذين يصل عددهم إلى 800 ألف مغاربي ويمثلون أكبر جالية وانتهاء بالباكستانيين والقادمين من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا· وهناك اتحادان يمثلان المسلمين في التعامل مع الحكومة، غير أن رحموني يقول: إن كثيراً من المسلمين لا يشعرون بأن هذين الاتحادين الذين أسسا في أواخر الثمانينات ومطلع التسعينيات من القرن الماضي يمثلانهم على أفضل وجه· كما يقول: إن الانقسامات الداخلية والتنافس قد حالا دون وجود زعيم ظاهر للمسلمين وتوحيد كلمتهم· وبحسب المراقبين، فإن ذلك ساهم في تجاهل الحكومة لاتفاق غير مسبوق في عام 1992 يقضي نظرياً بمنح المسلمين الحقوق ذاتها الممنوحة للكاثوليك · ويقول منتقدو حكومات المحافظين 1996-2004: إنها لم تكن متحمسة للدفاع عن حقوق المسلمين بسبب صلتها الوثيقة بالكنيسة الكاثوليكية· ومع تزايد تعداد المسلمين بدأت حكومة الاشتراكيين الحالية بخطى متثاقلة في إعادة تنشيط التعاون مع الاتحادات الإسلامية في إطار كونها مؤسسة جديدة· ومدريد تتباهي بوجود ما يعد أكبر مسجد في أوروبا، وقد تم تشييده بتمويل سعودي· لكن الغالبية الكبرى من المساجد في إسبانيا (700 مسجد) لا تزال مقامة في مرآبات العمارات و''البدرومات'' والمصانع السابقة أو المخازن· ويعتقد رحموني أن التنوع الثقافي الذي تتسم به إسبانيا سوف يسهل عملية اندماج المهاجرين''· وتنفرد إسبانيا عما عداها من دول أوروبا الغربية في كونها خضعت جزئياً لحكم المسلمين طيلة 8 قرون حتى عام 1492؛ ولذا فإن الثقافة الإسبانية خضعت لتأثيرات عربية وبربرية هائلة بما في ذلك أكثر من 4 آلاف كلمة إسبانية مشتقة من ''العربية''· وعقب تفجيرات قطارات مدريد عام 2004 والتي أودت بحياة 191 شخصاً في مدريد حدثت زيادة طفيفة في عدد هجمات النازيين الجدد والتهديدات ضد المساجد، لكن إجمالاً يصف رحموني رد فعل المجتمع الإسباني بأنه ''في غاية النضوج'' حتى الآن على الأقل·