الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ما العمل مع كوريا الشمالية؟

4 ديسمبر 2017 23:15
في بعض الأحيان لا تنجح العقوبات الاقتصادية الأولية التي يتم فرضها على الدول التي تسيء التصرف مثل كوريا الشمالية. ولذلك، فربما تنجح زيادة العقوبات. لعل هذا هو ما توصلت إليه إدارة ترامب وحلفاؤها الآسيويون في الوقت الحالي، فيما يواصلون جهودهم الدولية التي استمرت عقوداً لوقف برنامج تطوير الأسلحة النووية الذي يحقق تقدماً سريعاً لذلك النظام المارق العنيد. وفي السنوات الأخيرة، أصبحت العقوبات التي تفرض ضد البلدان والأفراد والشركات وسيلة سياسية تلجأ إليها الدول الغربية التي تحتاج إلى بيان صحفي لإظهار أنها تفعل شيئاً لكبح جماح دولة أخرى، وقد فرض الرئيس دونالد ترامب مزيداً من العقوبات قبل ذلك على بيونج يانج. ولكنه قال إن العقوبات الأقسى على الإطلاق ستتمثل في تعزيز وجود القوات العسكرية الأميركية في المنطقة. ومؤخراً، أعاد ترامب كوريا الشمالية رسمياً إلى قائمة الدول الراعية للإرهاب. وهي القائمة التي ما كان ينبغي أن تتركها في عام 2008 في عهد جورج بوش الابن، وهنا تكمن المشكلة: فالدول الآسيوية، العدو والصديق على حد سواء، تعرف أن الإدارات الأميركية -وسياساتها- تأتي وتذهب في غضون سنوات قليلة. ولذا فهي تتجاهل، وتومئ بأدب أو تنتظر ببساطة بعيداً عن الحديث القاسي. وفي منتصف السبعينيات مثلاً، كان جيمي كارتر يشعر بالجزع بسبب تزايد العجز التجاري مع اليابان. وشن حروباً بالكلام ضد سياسات طوكيو التجارية. بيد أنها لم تنجح. ومن المفترض أن تُحدث العقوبات أقسى الآلام الاقتصادية على من تستهدفهم، وطبيعي أن تحاول الدول التي تسيء التصرف وقادتها تغيير مسارها ووقفها. والآن، يقول مسؤولو إدارة ترامب إن العقوبات تلحق الضرر باقتصاد كوريا الشمالية. والنتيجة؟ زادت الاختبارات الصاروخية لكوريا الشمالية بنسبة 10% هذا العام حتى الآن. ولكن مهلاً! ربما لا تكون العقوبات هي المشكلة. ربما كانت المشكلة تتمثل في أنماط السياسة الغربية غير المتسقة في حد ذاتها، فبعض الدول تبدو وكأنها تعاقب، ولكنها تعترف ضمناً مع مرور الوقت بعصيان كوريا الشمالية وجنوحها المتزايد للحصول على ترسانة نووية، وفي عام 1988، وُصفت بيونج يانج بأنها دولة ترعى الإرهاب لأنها أسقطت طائرة كورية جنوبية ما أدى إلى مقتل 115 راكباً، بالإضافة إلى اغتيال دبلوماسيين من سيؤول في بورما. فهل تتذكرون عام 1988، والشيء بالشيء يذكر؟ يومها، قبل 29 عاماً، أسقطت الطائرة الأميركية فوق لوكيربي، بأسكتلندا، ليقتل 243 راكباً، وقيل إن النظام الليبي السابق هو من دبر تلك العملية. وبعد ذلك، دفع معمر القذافي تعويضات للأسر، في مقابل وعود غربية بالصفح، بالإضافة إلى أنه قد تخلى عن برنامجه للأسلحة النووية. وماذا كانت مكافأة القذافي بعد ذلك؟ انضم أوباما إلى القوات الأوروبية للإطاحة بالزعيم الليبي في أكتوبر 2011. ومزقته الغوغاء. وبعد ذلك بأسابيع قليلة، حدثت مصادفة أخرى. أصبح «كيم جونج –أون» هو ديكتاتور كوريا الشمالية، فهل تعتقدون أنه قد لاحظ ازدواجية الغرب؟ ومنذ أوائل التسعينيات، وافقت كوريا الشمالية الفقيرة على كبح جماح برامجها للأسلحة في مقابل الحصول على جوائز وحوافز اقتصادية مثل توفير الأغذية ووقود التدفئة الذي تزداد قيمته في فصل الشتاء. وفي ظل تعاقب رؤساء أميركيين متفائلين وصبورين بدرجة مؤلمة وغير مستعدين لاستعراض حقيقي للقوة، واصل برنامج كوريا الشمالية التقدم إلى درجة أن مسؤولي الاستخبارات في واشنطن يقدرون أن صواريخ «كيم» النووية من الممكن أن تصل إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة في وقت مبكر من العام المقبل. وحتماً، فإن النظام الشيوعي الذي ضبط في سلسلة من عمليات الغش، تم جذبه إلى الطاولة مع مزيد من التنازلات، وبعد ذلك عاد إلى الغش مرة أخرى. فقد قام بتصدير قذائف وصواريخ إلى إيران. واختطف يابانيين وأميركيين وقصف جزراً وقوارب كورية جنوبية. وفي شهر فبراير، وباستخدام غاز أعصاب محظور، قام عملاء «كيم» في ماليزيا باغتيال أخيه الأكبر المنفي. وفي عام 2007، ساعدت كوريا الشمالية سوريا على بناء مفاعل نووي. ورفضت الولايات المتحدة القيام بأي شيء، بيد أن إسرائيل قصفته وحولته إلى أنقاض. * كاتب متخصص في الشؤون الدولية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©