الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد المنصوري: عشق الصقارة لا يقتصر على ممارستها بل توريثها

محمد المنصوري: عشق الصقارة لا يقتصر على ممارستها بل توريثها
7 فبراير 2010 20:15
تحظى رياضة “القنص” بتقدير كبير لدى ممارسيها من أبناء الدولة، وتعد من الرياضات والتقاليد التراثية، لذا تمت العناية بشكل بالغ بالصقور وتم توارث هذه الرياضة- الهواية جيلا بعد جيل.. وهو ما دفع الصقّار محمد بن راكان المنصوري إلى ممارسة هذه الهواية والحرص الشديد على التعامل برفق وعناية مع الصقور، والإشراف على تدريبها وخصها بأفضل الطرق.. فضلا عن عمله مدربا لصغار “الصقّارة” من الطلبة وأعضاء “نادي تراث الإمارات” يدربهم على كيفية التعامل مع الصقور وطريقة تدريبها على القنص، ويعرفهم بالأدوات اللازمة لإتمام الصيد. لم يقتصر اهتمام محمد المنصوري برياضة قنص الصقور انطلاقا من كونه يرغب بممارسة رياضة ما! بل لأنه ابن بيئة تعنى بهذه الرياضة العريقة من جهة، ولأنه من جهة أخرى يعشقها لاتصالها بتاريخ المنطقة وتراث الآباء والأجداد. وبذا أصر خلال عمله كمدرب صقور وصقارة على ممارستها وتوريثها للأجيال اليافعة، حماية لها من الاندثار، وليس أدل على عشقه لهذه الرياضة من كونه أحد أكثر الصقارين تميزا على الرغم من صغر سنه إذ يبلغ 30 عاما من عمره. هواية ووراثة منذ 4 أعوام مضت والمنصوري مدرب صقارة في “نادي تراث الإمارات” وهو يمارس القنص منذ 15 عاما، يقول: “أمضيت نصف عمري مع الصقور، فقد كنت دون الخامسة عشرة حين “شلت طير”- حملت صقرا. فأنا من بيئة تعنى وتهوى الصقور والقنص، ومعظم اخواني صقارين، وقد علّمت بعضهم القنص”. يعود بذاكرته إلى سنوات خلت، ويقول: “أول طير امتلكته كان ثمنه 10 آلاف درهم، وكنت لا أزال طالبا في الثانوية، ثم امتلكت عدة صقور منها على سبيل الهدية أو العثور عليها أو اقتنائها، وقد فقدت صقرا بعد خمسة أعوام رافقته فيها في عدة رحلات، وتأثرت وحزنت كثيرا على موته”. سافر المنصوري في رحلات قنص عديدة، يشير إليها ويقول: “قصدت السعودية في الربع الخالي، حيث تكثر فيها الأرانب البرية وبعض الحبارى، كما سافرت إلى سورية ففي صحرائها أماكن صيد وفيرة، وكذلك العراق والأردن، وننام عادة في البر، إذ تمتد رحلة القنص بحسب وفرة الصيد من (10- 15) يوما”. يضيف: “يلجأ الصقار عادة إلى تجويع صقره كي يصيد، وفي كل صيد يعطيه القليل من لحم الحبارى أو الأرنب أو الحمام كي يعاود الصيد.. فيما قد يمتد عمر الصقر إلى نحو 15 عاما، لكن تظهر عليه علامات الشيخوخة، ومنها: احمرار في العينين وضعف في الرؤية وضمور حجمه وتغيير لونه وقصر ريشة “الموس” التي كلما قصرت كانت دليلا على كبر عمر الصقر وضعفه”. الصقارون الصغار يُرى في هواية القنص رياضة صعبة فهي تعتمد في أدائها على طرفين: الصقار والصقر. لذا يجب أن يتحلى الصقار الصغير بالهدوء والوعي والانتباه والتريث والرأفة في التعامل مع الصقر. ويحدد المنصوري أولويات التعامل مع الصقر، فيقول: “من الضروري التعرف إلى أعضاء وأجزاء الصقر، وكيفية حمله على “المنقل” دون إخافته، والتعرف إلى مستلزمات وأدوات “القنص”، وكيفية “شله” خلال التدريب أو الرحلات. مع أهمية سرد الصقار المدرب بعض الحكايات الشعبية والقصص المشجعة على ممارسة هذه الهواية، خاصة أن بعض الناشئة يخافون أحيانا من الصقور ويخشون حمله أو مجرد لمسها.. وثاني خطوات التدريب هي تعليم الصغار كيفية ترويض الصقر والتعرف إليه، فالتدريب الخاطئ للصقر يؤدي إلى العديد من المخاطر أو النتائج السلبية، منها: كسر ريشه، جرح نفسه، لا يلبي نداء الصقار أو الخشية منه، يؤذي نفسه، يفقد هدوءه”. يسترسل المنصوري مشيرا إلى تجربته في التدريب، ويقول: “في مركز الوثبة التابع للنادي، حيث أدرب الصقارة الصغار؛ حقق العديد منهم تطورا كبيرا في تعلم أساسيات المقناص، ومنهم من بات جاهزا لرحلات القنص، فيما يستمر تدريبهم يوميا خلال ملتقيات السمالية الصيفي والربيعي ومهرجانات النادي المتعددة، أما خارج الفعاليات الدورية هناك يوم تدريب أسبوعي للصقارة، فقد خصص سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة رئيس نادي تراث الإمارات العديد من الصقور والصقارة المدربين في كافة فروع النادي في الإمارة تأكيدا على الحرص الشديد على إحياء كافة مفاصل التراث بما فيها صيد الصقور”. لا يخشى المنصوري أن يفقد الصقر خلال قيامه بتدريب الصغار من أعضاء النادي، يوضح ذلك ويقول: “إن لكل طير “حيل”- حلقة تحيط بقدمه وعليها رقم الصقر. وثمة “شب”- قطعة معدنية صغيرة مشبوكة بصدره تحوي كافة المعلومات الخاصة به، وتلزم الصقار بمراجعة دورية في مستشفى الصقور، إذ تحمل جميعها ملفات طبية لضمان سلامتها من جهة وعدم فقدانها من جهة أخرى، حيث يلجأ إلى المستشفى كل من يعثر على طير ليسلمه إلى إدارتها”. طرق مختلفة يقوم الصقار عادة بتعليم صقر أو أكثر في كل موسم، حيث يحتاج الصقر مدة تدريب تتراوح من شهر إلى شهرين ليتعرف إلى مدربه حين “يدعاه” أي يستمع لندائه ويلبي أوامره ويتقن الصيد بحسب الطريقة التي تعلمها. يقول المنصوري في ذلك: “نجاح الصقر في مهمته يعني أكثر من مجرد قدرته على الانطلاق خلف الطريدة والإتيان بها، ففي ذلك دلالة واضحة على أن الصقار أجاد تدريب صقره بشكل جيد واختار له طريقة الصيد الملائمة، إذ يفترض بالصقار المحترف أن يجيد تحليل قدرات صقره وميزاته، ومن ثم يختار له طريقة تدريب لصيد الطريدة، فثمة صقر يتعلم مهاجمة الطرائد خلال وجودها في الجو، أو يتعلم كيف يُجهد طريدته خلال طيرانها، أو كيف يتحين الفرصة لاقتناصها. أو كيفية الانقضاض على الطريدة وهي على الأرض، أو يتعلم مناورتها أثناء التحليق والطيران، أو المهاجمة والمطاردة من أعلى إلى أسفل، وهكذا”. أنواع المقيض تبدأ مواسم القنص في الخريف وتستمر حتى الشتاء (أي من شهر11 إلى شهر3). ويشرع هواة صيد الصقور في الاستعداد للسفر في رحلات الصيد التي ينتظرونها من عام إلى آخر، ويسبق مواسم القنص مرحلة يشير إليها المنصوري، ويقول: “تبدأ في الربيع مرحلة “المقيض” وهي على نوعين: تقليدي، وتخصص فيه للصقور غرفة تربط فيها إلى “أوكارها” ويتم إطعامها لحوما منوعة وفري، وتحبس داخل غرفتها الواسعة وتحرم من الطيران ليتساقط ريشها وينمو لها آخر، وتظل على هذه الحالة حتى شهر 10 وتصبح جاهزة لما يسمى “الشل”. يضيف المنصوري: “هناك مقيض “الفك” تكون فيها الصقور طليقة داخل مزرعة مسوّرة، تمكنها من التحرك والطيران لتصبح لياقتها أعلى. ويتم إطعامها وتفقدها دائما قبل إطلاقها لئلا تؤذي بعضها أو تجرح نفسها. وبعد انقضاء فترة مقيضها يبدأ الصقار بتدريبها والعناية بها لتكون جاهزة بعد تدريب نحو شهرين على الانطلاق والتحليق والصيد”. أدوات ومستلزمات يستخدم الصقار مجموعة أدوات أثناء تدريب الصقور على الصيد، أو خلال رحلة القنص، وهي: “مخلاة” عبارة عن كيس من القماش الأبيض مصنوع من القطن، له حمالة من نفس نوع القماش. “السبوق” وهو خيط رفيع لربط أرجل الطير، مرفق به “المرسل” وهو خيط مكمل لإحكام القبض على الطير. “التلواح” وهو جناح حبارى كبير مربوط بحبل طويل، يستدرج به الصقر للطيران خلفه. “الوكر” وهو قائم خشبي مخروطي الشكل مصنوع يمكث عليه الصقر. “المنقل” هو الدرع الواقي لساعد الصقار من مخالب الصقر”. “البرقع” فهو قناع يوضع على رأس الصقر ليحجب الرؤية والضوء عن عينيه خارج أوقات الصيد”. “جهاز اللاسلكي” الذي بفضله يكتشف الصقار مكان صقره ويستعيده محافظا عليه من الضياع.. فليس أقسى على الصقار من فقدانه طيره في رحلة المقناص.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©