الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفتنة تحدث لمن يرتكس ومن أراد العفة سيستقيم

5 أغسطس 2011 22:23
هل يمكن للشباب أن يلتزموا بالعفة، ويتجنبوا الحرام في زمان صار فيه الحرام أدنى إلى الإنسان من شراك نعله؟ هل يتمكن الشباب من النجاة من الفتن في هذا العصر الذي تعرض فيه الفتن على المؤمن كالحصير عوداً عوداً، يصبح المؤمن مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل!؟ وترى العديد من الشباب يرتكسون في الفتن وينغمسون في الحرام ويلقون اللوم على الظروف الصعبة تارة ويحملون المسؤولية لفساد الزمان تارة أخرى، وتارة ثالثة يتهمون جهات تقف وراء إفساد الشباب!! والحقيقة أن الفتن التي تحيط بالشباب صعبة وكثيرة، وإن اللسان ليعف عن ذكرها، ولكنها ليست وليدة القرن الحادي والعشرين! بل إن الفتن وجدت يوم خلق الإنسان، وأسكنه الله تعالى الجنة، وأباح له ثمارها وأشجارها وأنهارها وكل شيء فيها إلا شجرة لم يسمح له أن يقترب منها (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ)، (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) وقد حذرنا الله من الوقوع في مثل هذه الفتن فقال في سورة الأعراف (يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ). وصف الفتن فلنترك جانباً الحديث عن وصف الفتن ولنتحدث عن كيفية مواجهة هذه الفتن. فما من مسلم يقرأ القرآن إلا وتمر به قصة شاب وسيم كانت النسوة تتهالك على جماله (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) هذا الشاب عاش في ظروف صعبة إذ ألقي في غيابة الجب حسداً من غير ذنب، وبيع عبداً من غير رق في سوق النخاسة، وعمل خادماً يتقلب في قصر عزيز مصر بين الفتن تتعرض له النسوة، ويتحرشن به صباح مساء، وممن وقع في غرامه امرأة العزيز، (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ) كان بإمكان هذا الشاب أن يرتكس في الفتنة ويقع في الحرام، ويقول إني غريب ومظلوم ومقهور، وإنها سيدة مطاعة أنفذ أمرها!! ولكنه قال: “(مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ). هل منكم يا شباب من تعرض لمثل هذا الموقف الرهيب، وعاش في مثل هذه الظروف القاسية؟! لقد دعي مرة أخرى، وهدد بالسجن إن لم يفعل الحرام كما جاء على لسان امرأة العزيز (قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ* فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). روايات يتمسك بعض الشباب بروايات غير صحيحة أوردها بعض المفسرين تذكر أن يوسف كاد أن يقع في شباك الحرام وجلس مع امرأة العزيز مجلس الرجل من امرأته! وكأنهم يريدون أن يقولوا للشباب إذا كان نبي الله قد هم بالحرام وكاد أن يفعله لولا أن رأى برهان ربه.. وعلى هذا فالشباب معذورون!! ولتوضيح هذه الشبهة أضع بين أيديكم الحقائق التالية: - معنى الهم في اللغة إذا اتصل بالأفعال فهو عقد العزم على الفعل، وإن اتصل بالأشخاص فمعناه قصد الإيذاء.. هم بفلان إذا أراد ضربه.. ويصبح معنى (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) أي بضربه انتقاماً منه لأنه كسر كلامها، وحطم غرورها، ومعنى (وَهَمَّ بِهَا) أي هم بضربها دفاعاً عن نفسه. - لقد وقعت من امرأة العزيز المراودة، وأجابها (مَعَاذَ اللَّهِ) فهل يستقيم أن يقول لها معاذ الله ثم يجلس معها جلسة الرجل مع امرأته؟! - إن الله تعالى قد شهد ليوسف بمقام المخلصين (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) وقال الله تعالى لإبليس: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) “82” إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83). - إن سياق الآيات تفيد بأنه لم يقم بأي شروع في الفحشاء، كما قال الله عز وجل (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ) ولم يقل: لنصرفه عن السوء والفحشاء. - اعترفت امرأة العزيز بطهارته وعفته أمام النسوة فقالت (وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ) واعترفت مرة أخرى أمام الملك فقالت (أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ). - لقد أظهرت نتائج التحقيق براءته من الهم بالحرام (فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ)، وقد جاء في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وذكر منهم (وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ..)، أخرجه البخاري 620. عصر الرسول فمن شاء أن يقع في الفتنة ارتكس فيها وإن كان في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ومن أراد العفة والاستقامة فسيستقيم ويعف ولو كان في قصر العزيز!! فكم من إنسان فتن وهو في مكة وكم شاب كتبت له الهداية والاستقامة وهو في بلاد غير المسلمين. وعلينا أن نستحضر أن الله تعالى سيسألنا عن شبابنا كما قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ، عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبلاه، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ) وإن هذا السؤال يحتاج إلى إجابة صادقة وواقعية، فكيف ستكون إجابتنا ونحن نعيش في بلد إسلامي، ننعم فيه بالأمن والأمان، ارتفعت فيه المآذن، وعمرت فيه المساجد، وانتشرت فيه مراكز تحفيظ القرآن الكريم، وأنشئت فيه المدارس والجامعات، والمراكز الثقافية والرياضية والترفيهية ووفرت للناس سبل العيش الكريم، وخص الشباب بالبعثات العلمية، وفرص العمل وإنشاء المشاريع، ومنحة الزواج لتحقيق العفاف، وبناء أسرة مستقرة، والتنافس في ميادين السبق والإنتاج. عند ذلك سيكون الجواب أكثر صعوبة بين يدي الله تعالى إذا سألك: أين أبليت شبابك يا عبدي؟ وعلينا أن نستحضر أن ثواب الشاب العفيف المستقيم الذي ينشأ في عبادة ربه عز وجل أن يظله يوم القيامة تحت ظل عرشه كما ذكر من السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة (... وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ..). د. محمد بسام الزين نساء بني الأصفر أحب أن أؤكد على أن الفتن ليست وليدة عصرنا ففي زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد يسقط إنسان في الفتنة، وقد ورد في الآثار أنه لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج إلى تبوك قال له جد بن قيس يا رسول الله إني امرؤ صاحب نساء ومتى أرى نساء بني الأصفر أفتتن، فنزل فيه قوله تعالى (أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ).
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©