الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الإيطاليون يخلدون ذكرى قتلاهم في العراق

19 سبتمبر 2006 00:44
روما ـ منار محمد: مع تسلم اليسار مقاليد السلطة في إيطاليا كان الإعلان الفوري عن انسحاب القوات الإيطالية من العراق فيما فسره البعض على أنه تملص إيطالي من الالتزامات الدولية ذات التكلفة العالية، خاصة وأنه كان قد سقط للإيطاليين إثنا عشر قتيلاً من جنود الكرابانييري في هجوم على قاعدتهم في الناصرية، لكن حكومة يسار الوسط سارعت إلى المبادرة فيما يتعلق بإرسال قوات إلى لبنان لدعم اليونفيل، وهنا اتضح أن الانسحاب من العراق إنما هو نوع من الابتعاد عن الولايات المتحدة، وأن المشاركة في أزمة لبنان إنما هي نوع من أنواع البحث عن دور أوروبي مستقل عنها، في تعبير عن قطاع من السياسيين الأوروبيين الذين يحاولون التمرد على سيطرة الولايات المتحدة، وهو ما وصفه توني بلير مؤخراً بالعداء الجنوني المتنامي ضد الولايات المتحدة أوروبياً· ويتصاعد الجدل حول أسس العلاقات بين جانبي الأطلسي، بعد هزيمة الفكر الشيوعي، وصعود قضايا جديدة إلى مقدمة اهتمامات الجانبين، وهي القضايا التي يراها كل طرف من زاوية مختلفة، فأسلوب الحرب على الإرهاب، وأسعار النفط، وإجراءات الحماية الجمركية، والمنافسة في السوق العالمية كلها جزء من ميدان واسع للخلاف، وهنا يجند دعاة توحيد جانبي الأطلسي القائم على تبعية أوروبية للولايات المتحدة كل طاقاتهم في مواجهة الداعين لأوروبا مستقلة، وذات دور عالمي منافس لأميركا، وتصبح الكتب والمقالات والبرامج التلفزية بل والأفلام أدوات في هذه المعركة، والتي تتعامل مع كل المعطيات الدولية انطلاقاً من مواقف مسبقة، تفسر على أساسها الأحداث، وتستشرف من خلالها التوقعات· ··حتى لا ننسى وفي السياق نفسه، وتحت شعار ''حتى لا ننسى'' رصد عدد من المؤسسات الإعلامية من بينها القناة الخامسة، وشركة نوفا فيلم للإنتاج السينمائي، مبالغ طائلة لإنتاج فيلم حول مصرع الجنود الإيطاليين في الناصرية، وعهدت بالبطولة للنجم الكبير راؤول بوفا، والذي عاد من الولايات المتحدة خصيصاً لتصوير الفيلم، بينما رشح للبطولة أمامه الطفل العربي ''عمر ناصر''، والذي لم يتمم عامه الثامن بعد، ويتوقع أن يبدأ عرض الفيلم في الثاني عشر من نوفمبر القادم، أي بحلول ذكرى الهجوم على قاعدة ''المايسترالي'' في الناصرية، كما يتوقع أن يضاعف الفيلم من الجدل الدائر أساساً حول دور القوات الإيطالية في الخارج· يقول سكرتير الإنتاج نيلو أرجينتو،: إن الشارع الإيطالي حساس بشدة إزاء فقدان جنود ضمن مهام دولية، وفي مناطق بعيدة، ولا شك أن الفيلم سوف يفجر المزيد من المناقشات خاصة في ظل الأوضاع الحالية، ووجود القوات الإيطالية في مهمة أكثر من صعبة في لبنان، والاحتمالات المختلفة لانفجار الوضع، والحساسية الشديدة التي تتميز بها العلاقات مع المسلمين، خاصة بعد تصريحات البابا الأخيرة، كل ذلك يعطي إنتاج مثل هذا الفيلم في هذا الوقت أبعاداً سياسية، كما أن قبول نجم محبوب مثل راؤول بوفا لاقتسام البطولة مع طفل عربي الذي هو عمر ناصر، حيث ينتهي الفيلم بمقتل راؤول وبقاء عمر حياً لهو أمر ذو دلالة عميقة، إنني أتوقع ردود فعل واسعة لهذا الفيلم· أما مخرج الفيلم ميكيلي سوافي فيعارض ذلك الإطار لرؤية الفيلم، ويقول: إن الفيلم هو محاولة لتخليد أرواح الجنود، وهو أشبه بإقامة نصب تذكاري لهم، وقصة الفيلم توضح أن العلاقات الإنسانية ليست محددة بثوابت سياسية أو تقاليد عسكرية، والطفل العربي في الفيلم يرمز للقيم العراقية النقية، والبراءة المظلومة كما يمثل تعلق قائد القوات الإيطالية بالطفل، ثم إصرار المجموعة على حمايته تعبيراً عن الالتزام الأخلاقي إيطالياً تجاه تلك القيم، إنه فيلم إنساني بالدرجة الأولى، وليس فيلماً سياسياً· العربي الواعد أما النجم السينمائي راؤول بوفا فيقول: إن الفيلم يقدم علاقة الأب بابنه كواحدة من أرقى العواطف الإنسانية، أنا شخصياً لست مهتماً بالأبعاد السياسية، وحتى في أدائي لهذا الدور فإنني أركز على مشاعري تجاه الطفل العراقي الذي يمثله عمر ناصر، أما موقفي إزاء مشاركة قواتنا في مهام من هذا النوع، سواء في العراق أو لبنان، فهو موقف الدعم لأي عملية مساعدة إنسانية بشرط أن تكون هذه المساعدة ممكنة فعلاً، ولا تتحول إلى إهدار عبثي للطاقات· وتقول سابينا باريانتي: إن مفاجأة الفيلم في رأيي ستكون الطفل عمر ناصر، أولاً لأنه ممثل معبر وحساس، وكونه عربياً يجيد ثلاث لغات فهذا أمر هام لأنه سيعطي انطباعات جيدة عن ماهية الأطفال العرب، والذين يقدمهم الإعلام دائماً لنا من خلال صور الجوع والدمار وأطفال الحجارة في الأماكن الملتهبة من العالم العربي، هذا الطفل سيعطي صورة محددة عن ذكاء وموهبة الأطفال العرب· أما مدير التصوير جانني مامولوتي فيقول: هذا طفل استثنائي، وعلى مدار عشرين يوماً من التصوير تغير بشكل مذهل، وأصبح يكفيه القليل جداً من التوجيهات، كما أنه تقمص الفنانين الكبار فعلاً، لقد أبدى استياءه بالأمس لأنهم أحضروه مبكراً جداً، ولم يبدأ بالتصوير إلا في الثالثة عصراً، لقد أصبح يفهم تماماً كيف تسير الأمور في مواقع التصوير، وأعتقد أنه سيحدث فارقاً هاماً لصالح الفيلم·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©