الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرهان على الذهب.. سياسة روسية

31 يوليو 2015 22:20
يبدو أن الانخفاض الكبير في أسعار الذهب جعل روسيا تبدو بمظهر الإنسان المرتبك. وعندما كان السعر يواصل انخفاضه، كانت تزيد من مخزونها الاحتياطي منه، لكأنها بذلك تعاقب البنك المركزي لأنه راهن على الذهب بدلاً من الرهان على الأصول الأميركية منذ ظهر خلال العام الماضي وكأن الحرب الباردة على وشك العودة مجدداً. إلا أن الأمر ليس بمثل هذه البساطة، فالذهب الذي تشتريه روسيا يتم إنتاجه محلياً بعد دفع ثمنه بالروبل ذي القيمة السوقية المنخفضة. وتحتل روسيا المرتبة الخامسة عالمياً من حيث مخزونها من الذهب، بعد الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وفرنسا على الترتيب. وتمكنت من بلوغ هذه المرتبة بشرائها المتواصل للذهب من المنتجين المحليين. ولم يمنعها التراجع المتواصل لأسعاره، منذ بلغ سعره القياسي عام 2011، من متابعة هذا التوجّه. ومن وجهة النظر الاستثمارية، يعد ذلك التوجه إصراراً عنيداً على رهان خاسر. وفي مطلع سبتمبر 2011، بلغ المخزون الاحتياطي الروسي من الذهب 27.2 مليون أوقية (الأوقية أو الأونصة تساوي 28.35 غرام)، بقيمة إجمالية بلغت 53.3 مليار دولار. وفي نهاية يونيو 2015، ارتفع المخزون إلى نحو 41 مليون أوقية، إلا أن قيمته الإجمالية هبطت إلى 48.1 مليار دولار، ثم هبط هذا الرقم إلى 44.9 مليار دولار حالياً. أليست هذه طريقة بلهاء في إدارة المخزون الاستراتيجي؟ كان السبب الذي دفع الروس إلى ذلك سياسياً بالدرجة الأولى. وخلال العام الماضي، وبعد غزو روسيا لجزيرة القرم، تصاعدت المخاوف من أن تؤدي العقوبات المالية الغربية ضد روسيا إلى الغرق في وضع مالي سيئ بعد أن بلغت قيمة الأصول والإيرادات القابضة 86 مليار دولار في ديسمبر، انخفاضاً من 126.2 مليار دولار في فبراير، مما دفع الروس للاعتقاد بضرورة البحث عن ملاذ آمن حيادي، فلم يجدوا أمامهم غير الذهب. وبلغ مجموع مشترياتهم منه عام 2014، ما يقارب 171 طنا متريا أي ما يعادل 5.5 مليون أوقية. وذلك لا يفسر أبداً السبب الذي كان يدفع روسيا لشراء كميات كبيرة من الذهب حتى قبل تصنيفها كدولة تشكل خطراً على الأمن العالمي، ولا لماذا واصلت سعيها لزيادة مخزونها منه هذا العام بعد أن شعرت بالخوف من العقوبات الصارمة. ولم تعد روسيا تهتم بشراء الأسهم والسندات الأميركية، وفقاً لتقرير صادر عن الخزانة الفيدرالية الأميركية، بعد أن حافظت على سقف استثماراتها في هذا المجال عند أقل من 70 مليار دولار في أشهر فبراير ومارس وأبريل، ثم عمد البنك المركزي الروسي إلى رفع السقف بشكل طفيف إلى 70.6 مليار دولار في مايو. ورغم ذلك، واصل البنك المركزي الروسي شراء الذهب. وبعد انخفاض الإقبال على الشراء في شهري يناير وفبراير الماضيين، اشترى المركزي الروسي 2.2 مليون أوقية خلال الأشهر الأربعة التالية. وقد يُعزى هذا السلوك الغريب إلى اعتماد صناعة الذهب الروسية على مشتريات البنك المركزي. وخلال العام الماضي، ووفقاً لبيان صادر عن «اتحاد تعدين الذهب»، أصبحت روسيا ثاني أكبر منتج لهذا المعدن الثمين في العالم بإنتاجه 288 طناً سنوياً. ولا يُسمح لمنتجي الذهب الروس بتصديره للخارج مباشرة. وبدلاً من ذلك، يتوجب عليهم بيعه للبنوك المحلية التي يُسمح لها بعقد صفقات بيعه للمشترين الأجانب وللبنك المركزي الروسي. وخلال العام الماضي، اشترت البنوك المركزية الأوروبية 76 طناً من الذهب الروسي. وفي نهاية فبراير الماضي، حذّر «اتحاد تعدين الذهب» من أن أكبر زبائنه باتوا لا يظهرون إلا القليل فحسب من الرغبة في الشراء، ووجه رسالة بهذا الصدد إلى البنك المركزي يطالبه فيها بزيادة مشترياته بنسبة 30? هذا العام مقارنة بعام 2014، كتعويض عن الارتفاع الحاد والمتزايد لأسعار الفائدة على الإيداعات النقدية بالروبل، وأيضاً من أجل تحقيق التوازن في السوق المحلية. واستجابة لهذا الطلب، وعد نائب محافظ البنك المركزي الروسي، «ديمتري تولين»، بمواصلة شراء الذهب. ليونيد بيرشيدسكي * * محلل روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©