الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

زين الدين زيدان الأستاذ

زين الدين زيدان الأستاذ
17 سبتمبر 2006 00:06
وضعه بيليه ضمن أفضل خمسة لاعبين في تاريخ كرة القدم ومنحه لقب ''الأستاذ''، وصفه ميشيل بلاتيني بالرائع الذي يبتكر الجديد في كل مباراة، وأطلق عليه ميشيل دينيسو مذيع قناة كنال بلوس الفرنسية الزعيم، واختاره الاتحاد الأوروبي كأفضل لاعب في النصف قرن الأخير· زين الدين زيدان هو الأستاذ والرائع والزعيم والساحر والمبدع والفنان والمايسترو، أعاد كتابة تاريخ الكرة الفرنسية ورسم بموهبتة الاستثنائية اجمل لوحات الإبداع في ملاعب الكرة واحتلت كل أعماله مكانة بارزة في متحف التاريخ الكروي مع بيليه ومارادونا وكرويف وديستفانو وبلاتيني · ترك الملاعب وعلق الحذاء على الحائط بعد مونديال المانيا 2006 ولكن إنجازاته التي سطرها خلال 16 عاماً لن تغادر ذاكرة عشاق كرة القدم لسنوات طويلة، ومع إبداعات زيدان نتوقف في أهم المحطات من خلال أحدث كتاب صدر عن قصة حياة استاذ كرة القدم · لاعب كرة غير عادي·· اجتهد لكي يكون إنساناً عادياً هو رمز بكل ما تحمله الكرة من سحر، مجرد النطق باسمه ينعش أجمل الذكريات الكروية، ليس عند الفرنسيين وحدهم، وإنما عند عشاق كرة القدم في كل مكان·· زين الدين زيدان صاحب أسلوب في اللعب لا يمكن نسيانه، فهو مزيج من التحكم غير العادي في الكرة، والأناقة والرشاقة في التعامل معها·· هو السهل الممتنع·· أيقونة كرة القدم الفرنسية والعالمية· وزيدان ليس خطيباً مفوهاً، وإنما يعبر عن نفسه من خلال أسلوب لعبه المتميز·· إرادته تظهر بوضوح عندما يستطيع قلب نتيجة مباراة كان الجميع يتصورون أنه لا أمل في الفوز بها وإن الخسارة فيها قادمة لا محالة·· ذكاؤه الفطري يظهر في كل تمريرة يلعبها الى زميل، وتواضعه يظهر في الكرم الذي يبديه تجاه زملائه· هو التركيبة السحرية لنموذج لاعب كرة القدم العظيم·· كائن رياضي استثنائي، ونموذج للإنسانية في أسمى معانيها· والحكي عن زيدان إنما يعني في تصوري - والكلام للكاتب - رصد تلك اللحظات التي تعبر عن الجوانب المعددة للاعب كرة عظيم يدخل في زمرة النجوم البارزين والمشاهير في عالم الكرة·· من الجوهرة السوداء بيليه الى الهولندي الطائر يوهان كرويف ومروراً بمارادونا وبلاتيني·· هو أحد المبدعين في عالم الساحرة المستديرة، يبتكر الكثير من الألعاب الفنية الجديدة تجعله نسيج وحده·· لقب الفنان الذي التصق به لم يأت من فراغ لأنه عرف كيف يسعد الجماهير ويحقق لها المتعة·· ببساطة زيدان هو نجم هذا العقد الأخير أو السنوات العشر الأخيرة· وهناك أيضاً زيدان الإنسان·· العاقل·· الخجول·· المتواضع·· المنصف·· وهو النموذج المضاد للنجم الإنجليزي الشهير ديفيد بيكهام، فهو لا يحب الأضواء مثله وإنما لا يتنفس جيداً إلا إذا عاش بعيداً عن كاميرات التليفزيون وأضواء الشهرة· إنه لاعب كرة غير عادي اجتهد لكي يكون إنساناً عادياً ولعل هذا ما جعل الجميع يتعلقون به مهما حدث منه ومهما ارتكب من أفعال غير متوقعة من شخص دمث الخلق مثله·· إنها ''الكاريزما'' التي تجعل الكل يغفر له ويسامحه·· كاريزما تجعل الصحفيين يجلسون في صمت واحترام خلال أي مؤتمر صحفي يعقده، رغم أنه ليس ''الزبون الجيد'' الذي يرغب فيه الصحفيون· وإذا كان زيدان قد أصبح زيزو·· رئيس كل الفرنسيين، وحل محل القديس بطرس في قلوب مواطنه، فقد حدث ذلك رغماً عنه فهو ليس من نوعية المواطنين الذين يعتمدون على الصوت في التأثير على الآخرين، بل انه يكرر دائماً أن مجاله لا يتجاوز مدرجات الاستادات ولكن يبدو أنه اجتاز ذلك ليصبح شخصية متكاملة·· بطل قومي لرواية مكتوبة بالأقدام· وهذه الحكايات المنفصلة المتصلة عن زيدان ترسم صورة كاملة متكاملة لحياته كلاعب كرة بلغ من الشهرة والمجد وحب الناس منزلة ومكانة يحسده عليها الكثيرون· أجمل خمسين حكاية عبر خمسين حكاية عن نجمنا زين الدين زيدان يدعونا الكاتب المؤلف الى اكتشاف صبي من مرسيليا مليء بالأحلام وكله موهبة، مشجع سعيد بأنه استطاع أن يحصل على فانلة مثله الأعلى، هداف عبقري في مباريات تاريخية، محبوب شعب بأكمله، بل عالم كامل· ويبدأ لابروني كتابه بجملة تاريخية قالها زيدان ذات يوم وعادة ما يرددها كثيراً ويقول مضمونها: ''هناك شيء واحد فقط مؤكد·· انه منتخب فرنسا أجمل شيء صادفني في حياتي ولا ينبغي التشكيك في ذلك أبداً''· وتعالوا نبدأ الحكايات··· هذه مدينتي نادراً ما يكون هناك ارتباط وثيق بهذا الشكل بين مدينة وإنسان، ولكن هذا هو الحال دائماً بين زيدان ومدينة مرسيليا·· وأي زائر لهذه المدينة لابد وأن تلفت نظره صورة زيدان الكبيرة المعلقة على جدار ارتفاع عشرة أمتار وهي تزين سور الكورنيش في مواجهة البحر، وكأن زيدان أسطورة وحيدة صُنعت في مرسيليا·· انه طفل بلد وفخر مدينة وسفير مسقط رأسه التي شاهدته وهو يكبر ويبلغ أعلى القمم· وعندما يتحدث زيدان عن مرسيليا فإنه يلخص صورته وشخصيته بكل بساطة وتواضع فيقول: ''إنها مدينتي وهذا يكفي''· ففي هذه المدينة الواقعة على ساحل البحر المتوسط، عاصمة كرة القدم ووطن نادي أوليمبيك مرسيليا، يكفي ذكر اسم زيدان حتى تلتهب المشاعر والعواطف، بل يتحول الأمر كما لو كنا نتحدث عن شخص مقدس، ولهذا فإن زيزو المولود في هذه المدينة في 23 يونيه عام 1972 أصبح كما لو كان رمزاً لها رغم أنه لم يرتد فانلة فريقها أوليمبيك مرسيليا في يوم من الأيام! وزيدان هو سليل أسرة من المهاجرين من الجزائر (من القبائل) وقد نما وكبر واشتد عوده في الأحياء الشمالية لمرسيليا بمنطقة ''لاكاستيلان'' ومعه أشقاؤه الثلاثة وشقيقته· وهناك في ميدان تارتان، وعلى أرض مبلطة بالإسمنت، تعلم زيزو كرة القدم وسجل أول أهدافه بين حوضي زهور! وقتها كان نجمنا يقيم عند الجزء الشمالي لاستاد ''فيلودروم'' ملعب أوليمبيك مرسيليا·· وشاهد وهو صغير على هذا الملعب منتخب فرنسا بقيادة بلاتيني عام 1984 (كان زيدان في الثانية عشرة من عمره) وهو يفرض سيطرته على منتخب البرتغال في مباراة الدور قبل النهائي لبطولة كأس الأمم الأوروبية· وفي نفس الملعب اكتشف زيدان مثله الأعلى ولاعبه المفضل إنزو فرانسيسكولي مهاجم أورجواي العظيم والذي لعب لأوليمبيك مرسيليا موسماً واحداً عام ·1989 أما مثله الأعلى الآخر فهو شقيقه نور الدين الذي كان لاعباً متألقاً وجذب أطماع بعض الأندية الشهيرة ومنها سانت ايتيان، ولكن الأب اسماعيل زيدان عارض بشدة إتاحة الفرصة لنور الدين لمواصلة مشواره الكروي، والطريف أنه بعدها ببضع سنوات اتخذ موقفاً مغايراً تماماً مع ابنه الآخر زين الدين زيدان حيث وافق على انضمامه الى صفوف نادي ''كان'' عندما طرق مسؤولو هذا النادي بابه وكان هذه المرة أكثر تساهلاً وتفهماً بخلاف رفضه القاطع مع نور الدين· وهكذا شهد زيزو بدايته الحقيقية كلاعب محترف في نادي ''كان'' الواقع على بعد 150 كم من مرسيليا واستادها العظيم فيلودروم· زيدان مشجعاً عندما كان زيدان صغيراً، وبمجرد أن أصبح يدرك ما هي كرة القدم من خلال مشاهدتها، أصبح مشجعاً متحمساً لها وزاد حبه للكرة من كثرة مشاهدة نجم أوروجواي إنزو فرانسيسكولي المهاجم الخطير في أواخر الثمانينيات وتحديداً عام 1989 عندما كان لاعباً في صفوف فريق أوليمبيك مرسيليا· كان فرانسيسكولي مهاجماً عبقرياً صاحب انطلاقات رائعة بالكرة ولمحات فنية جميلة كانت مصدر إلهام لزين الدين زيدان، ومن شدة عشقه لهذا النجم أطلق اسمه على ابنه الأكبر إنزو كنوع من التكريم والاعتراف بفضل نجم أوروجواي الكبير الذي جعل زيدان يحب الكرة أكثر· ولزيدان حكاية تؤكد حبه الشديد لإنزو فرانسيسكولي،، ففي ديسمبر عام 1996 وبينما كان فريق يوفنتوس تورينو الإيطالي الذي كان يلعب له زيدان وقتها موجوداً في طوكيو باليابان حيث كان يلعب نهائي كأس الانتركونتننتال ضد فريق ريفر بلات الأرجنتيني، التقى زيدان وجهاً لوج بمعشوقه ومثله الأعلى كروياً إنزو فرانسيسكولي·· وكانت لحظات مليئة بالمشاعر والعواطف الجياشة على الأقل من جانب زيدان· فبعد فوز يوفنتوس واحتفاله بالنصر تقدم زيدان نحو إنزو ليبوح له بكل ما يحمله له من مشاعر حب وإعجاب وتقدير، وإذا بزيدان يرتجب ويرتعش من شدة وقع المقابلة، ولكنه كان يتمنى هذه اللحظة منذ زمن بعيد·· كان إنزو يبلغ من العمر وقتها 35 سنة ويلعب مهاجماً في صفوف هذا الفريق الأرجنتيني وكانت آخر مباراة له· وتحقق حلم زيدان بارتداء فانلة طلع عليها اسم مهاجم أوليمبيك مرسيليا السابق إنزو فرانسيسكولي ذلك المايسترو الذي تعلم منه زيدان الكثير عندما كان يداعب الكرة بمهارة ورقة في ستاد فيلودروم بمرسيليا· وبالمناسبة·· كان إنزو فرانسيسكولي ملقباً بالأمير ولعب لمرسيليا موسماً واحداً عام ،1989 وكان قادماً من نادي ماطرا ريسينج باريس·· سنة واحدة فقط ولكنها كانت بالنسبة لصبي مرسيليا الصغير زيزو أشبه بدهر كامل· ويعترف زيدان قائلاً: إنزو هو اللاعب الوحيد الذي يمكن أن أركع على ركبتي أمامه· ومن وقتها·· وقت مباراة يوفينتوس وريفر بلات أصبحا صديقين· وإلى حكايات أخرى في الحلقة القادمة
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©