الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«لغة الضاد» تشق طريقها إلى وجدان طلاب مدرسة «البطين» الأجانب

«لغة الضاد» تشق طريقها إلى وجدان طلاب مدرسة «البطين» الأجانب
24 يناير 2014 21:39
لا تزال اللغة العربية تتمتع بحضورها الطاغي في وجدان وعقول العديد من الطلاب الأجانب، الذين يعيشون ويتعلمون في مدارس الإمارات، وفي واحدة من التجارب الثرية التي أثبتت نجاحاً ملحوظاً في السنوات الماضية، تجربة مجلس أبوظبي للتعليم، الذي وضع مناهج عالية المستوى لتعليم اللغة العربية في المدارس الخاصة، لكن إدارة مدرسة البطين الثانوية كان لها رؤية خاصة في تطبيق هذه المناهج، وهو ما جذب العديد من الطلاب الناطقين بغير العربية لكي يتعلموا أصول هذه اللغة ومن ثم يجعلوها لغة الحوار بينهم. أشرف جمعة (أبوظبي) - يتزايد الإقبال على تعلم لغة الضاد من قبل الطلاب الأجانب الذين يتعلمون في مدرسة البطين في أبوظبي، لكن اللافت أن هؤلاء الطلاب تميزوا بقدراتهم على وصف ما يعتمل في وجدانهم من مشاعر بلغة بسيطة معبرة خالية من الشوائب، فضلاً عن براعتهم إلى حد ما في الكتابة التحريرية، لكن المشكلة التي يواجهها هؤلاء الطلاب الأجانب والتي عبروا عنها بمنتهى الصدق والشفافية، تتمثل في أنهم لا يجدون أي استجابة من زملائهم العرب داخل المدرسة من أجل التحاور معهم باللغة العربية، وهو ما وضع تساؤلات جمة في نفوسهم مفادها لماذا يهجر أهل العربية لغتهم الجميلة إلى هذا الحد؟ أساليب عالمية حول تجربة تعليم اللغة العربية للطلاب غير الناطقين بها من قبل مدرسة البطين التابعة لأكاديميات الدار والجديد في ذلك، تقول مديرة المدرسة، التي تحمل الجنسية البريطانية، وتتولى مهام وظيفتها بها منذ ثلاث سنوات تمرا برادبري “سعينا إلى أن نقوم بتعليم الطلاب غير الناطقين العربية وفق أحدث الأساليب العالمية بالاعتماد في الأساس على مناهج مجلس أبوظبي للتعليم، لكننا أردنا أن نولي اهتماماً خاصاً بلغة الضاد على اعتبار أنها اللغة الأساسية لأهل الإمارات، فضلاً عن أن هناك مبادرات كبرى أطلقت من أجل أن تصبح العربية لغة حياة، وهذه المبادرات وضعت الجميع أمام مسؤوليات كبيرة خاصة أن الطلاب الأجانب الموجودين داخل المدرسة لديهم الرغبة الحقيقية في اكتساب مهارات اللغة العربية، ومن ثم نطقها وكتابتها أيضاً”، مشيرة إلى أن الحصص المدرسية سجلت نسبة عالية من حضور هؤلاء الطلاب فضلاً عن أن التقيم العام للمستوى الذي وصلوا إليه كان إيجابياً للغاية. وتتابع برادبري “عندما جئت إلى الإمارات آثرت أن أتعلم العربية احتراماً للثقافة الإسلامية والعربية، ومن ثم الترحيب بالضيوف العرب في أثناء زياراتهم للمدرسة بالإضافة إلى إشعار أولياء الأمور العرب بأننا نحترم لغتهم ونقدرها، ولدينا القدرة على التعامل معهم بلغتهم الأصلية، وهو ما دفع العديد من المدرسين الأجانب بالمدرسة إلى تعلم لغة الضاد؛ فأصبحت المدرسة مثل ورشة متكاملة يتعامل فيها الموظفون مع بعضهم بعضاً بلغات عدة”. وتشير إلى أن إدارة المدرسة تدعم بقوة مبادرات تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها والعرب أيضاً، موضحة “حرصنا على أن تكون لنا أساليب خاصة في التعامل مع المناهج المطروحة، بحيث تكون الاستفادة عالية والنتائج المرجوة إيجابية ومبشرة في الوقت نفسه”. وتؤكد أن المدرسة هدفها أن تكون مركزاً لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، مضيفة “قطعنا شوطاً كبيراً في هذا الصدد، ونحن نحرص على أن يتعامل الطلاب الأجانب باللغة العربية خارج نطاق المدرسة حتى يستطيعوا التعرف على الثقافة الإماراتية وموروثاتها الشعبية من خلال لغتها الأصلية”. وتذكر أن مبادرة “اقرأ” التي يتبناها مجلس أبوظبي للتعليم تساعدهم على مراجعة ممارساتهم العملية بصفة دائمة. طرق التدريس بخصوص آليات تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في مدرسة البطين الثانوية في أبوظبي، يقول رئيس قسم اللغة العربية بها الدكتور عصام لطفي “إدارة المدرسة تقوم بتعليم الطلاب الأجانب اللغة العربية في إطار مناهج مجلس أبوظبي للتعليم لكننا أضفنا للمناهج طرق تدريس إثرائية وفقاً للمستويات الدولية في التعليم، وبالفعل استطاع الطلاب عبر الحصص المدرسية المكثفة أن يخضعوا إلى عدة مستويات من خلالها تعلموا بعض قواعد النحو الأساسية، بالإضافة إلى أننا طورنا مهاراتهم من خلال القراءة والاستماع والكتابة والتحدث، وهو ما شجع العديد منهم على تصوير فيديوهات سجلوا من خلالها حوارات شائقة باللغة العربية، ومن ثم جاؤوا بها إلى المدرسة وعرضوها على المعلمين الذين أسهموا في رفع كفاءتهم العلمية مثل محمود مازن، وعلي حسن، وعمار أحمد”. ويلفت عصام إلى أن “إدارة المدرسة أرادت أن تصنع نوعاً من التنافس بين الطلاب العرب والأجانب إذ إن العديد من الطلاب العرب ليس لديهم حماس لتعلم لغتهم العربية، وعندما وجدوا أن زملاءهم الأجانب لديهم إقبال كبير على تعلم هذه اللغة بدؤوا في الاستجابة، وجعلوها من ضمن مطالبهم الأساسية في التعليم، على الرغم من أنهم لا يتحدثون في الغالب مع الطلاب الأجانب بلغتهم الأصلية، رغم محاولات غير الناطقين بالعربية على إدارة حوار معهم باللغة العربية”، مؤكداً أن الطلاب يخضعون إلى ثلاث حصص في الأسبوع والعديد منهم أصبح لديهم شغف لهذه اللغة التي تجري حالياً على ألسنتهم بطلاقة لكننا “نأمل بتحقيق نتائج إيجابية أكثر في هذا الصدد”. الثقافة العربية من بين الطالبات اللواتي يحملن جنسية نرويجية فكتوريا شودين، التي تعيش وتدرس في الإمارات، وأصبح لديها قسط وافر من مفردات الضاد، حيث إنها حين تعرف أنها أمام شخص عربي تبادره بتحية الإسلام، وتحاول أن تدير معه حوارها باللغة العربية، وتورد أنها أقبلت على تعلم اللغة العربية بكثافة لكونها تحتاج هذه اللغة في المستقبل إذ إنها تعيش في بلد عربي متشبع بالثقافة الإسلامية، وهي تريد أن تتعرف على مفردات الحضارة العربية بلغتها الأصلية. ولا تنكر فكتوريا أنها أحبت هذه اللغة المعبرة التي لا تجيد فيها أي نوع من الصعوبة في أثناء التعلم، فضلاً عن أن أهلها يشجعونها على اكتسابها، لكنها على الرغم من وجودها منذ ثماني سنوات في أبوظبي، إلا أنها لم تجد لدى زملائها في المدرسة رغبة في أن يحدثونها باللغة العربية إذ إنها تهدف من خلال ذلك لتقوية مستوى المحادثة لها، لكنها تتعجب بشدة من هذا النفور الغريب من أبناء العربية وتنكرهم لها. أما الطالب فليكس فرانك، فهو على الرغم من أنه ألماني، يعتز بلغته ويجيد الإنجليزية فإنه يدير في الغالب حواراته مع زملائه الأجانب باللغة العربية، لكي يحافظ على تعلمه داخل حجرات الدراسة. ويشير إلى أن إدارة المدرسة تولي اهتماماً كبيراً باللغة العربية وعندما درستها وتعرفت على بعض أسرارها اكتشفت أنها لغة عظيمة، وأنها استحقت في فترات زمنية سابقة أن تكون لغة الحضارة والعلم، ويضيف “اليوم نحن نحاول أن نعيد التاريخ عبر الإلمام بالثقافة العربية الغزيرة في كل شيء”. ويرى أن المدرسة تستخدم أساليب في تعليم العربية تجمع بين الصرامة المنهجية والترفيهية في آن وهو ما يجعل الإقبال بين الطلاب غير العرب كبيراً. حفيدة شاعر بين أسوار مدرسة البطين الثانوية في أبوظبي تتلقى حفيدة الشاعر الفلسطيني الكبير هارون هاشم رشيد لجين تعليمها، كونها ولدت في كندا وحصلت على الجنسية الكندية ولم يتبق لها من ميراث جدها سوى اللهجة المحلية التي تتعامل بها داخل البيت، لكنها أصرت على أن تكتسب لغتها الأم عبر الانخراط في الدروس. وتقول “التقيت جدي منذ أيام في الشارقة نظراً لتكريمه في مهرجان شعري كبير هناك، وعندما علم أنني أكتب الشعر بالإنجليزية أدرك أن الجينات الإبداعية انتقلت إليّ بالوراثة، لذا نصحني أن أتقن لغة أجداي حتى أتمكن من كتابة الشعر باللغة العربية، ومن ثم أحمل ميراثها الكبير”. وتضيف “لدي الآن إصرار كبير على أن أستكمل مشروع جدي الشعري لكنني سوف أحلق بجناحي العربية والفصحى”. وكان الشاعر هارون هاشم رشيد قد نظم قصيدة ابتهاجا بولادة حفيدته لجين. توأمان أمام السبورة في أثناء تلقي واحدة من الحصص المقررة على بعض الطلاب الأجانب، وقف الطالب ماريوث باكنيث، أمام السبورة وراح يكتب بعض العبارات باللغة العربية، وهو ما دعا توأمه ساورث، الذي يبلغ من العمر 15 عاماً، للوقوف إلى جواره. ومن ثم الكتابة أيضاً على السبورة ويبين ماريوث أنه أحب اللغة العربية. وبلغت به السعادة ذروتها حين أصبح لديه القدرة على التحدث بشكل جيد باللغة العربية، فضلاً عن أنه يكتب بها ويطالع مع أخيه بعض القصص القصيرة، مؤكداً أنه سيستمر في تعلم لغة الضاد حتى يتقنها بشكل تام في ظل التعليم الجيد الذي يتلقاه في المدرسة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©