الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ابن رشد الفقيه الفيلسوف ضحية الحاسدين

ابن رشد الفقيه الفيلسوف ضحية الحاسدين
3 أغسطس 2011 22:50
كان ابن رشد واحداً من أعظم فلاسفة الإسلام وأبرز المتكلمين المسلمين، ومن كبار فقهاء المذهب المالكي الذين أحاطوا بالفقه المقارن لمذاهب الفقه الإسلامي، وهو علم من إعلام الطب تأليفاً وممارسة، والقاضي الذي بلغ منصب قاضى قضاة قرطبة، واختلف حول أفكاره واجتهاداته السابقون واللاحقون، ورموه بأنه الداعي إلى حضارة “عقل” تقوم على أنقاض حضارة “دين” واتهموه بالكفر والزندقة والخروج على الملة، وأحرقوا كتبه ومات محبوساً بداره بمراكش. ويقول الدكتور محمد عمارة - المفكر المعروف - ولد أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد ابن رشد في سنة 520 هـ/ 1126م، ويميزونه “بالحفيد” في قرطبة ببلاد الأندلس تمييزاً له عن ابن رشد الجد، وكلاهما يكنى بأبي الوليد، وينتمي لأسرة عريقة في العلم والفقه والقضاء والسياسة والإدارة، ودرس الطب والفلسفة على أعلام عصره ومنهم أبو جعفر هارون وأبو مروان بن جربول البلنسى وابن باجة وابن طفيل. وتولي القضاء في أشبيلية سنة 564هـ - 1171م. واشتهر ابن رشد في تاريخ الفلسفة على النطاق العالمي بمشروعه لقراءة وفقه وشرح وضبط أعمال فيلسوف اليونان “ارسطوطاليس”، وبدأ ابن رشد هذا المشروع الفلسفي بمبادرة من الدولة، ودعوة من السلطان أبي يوسف يعقوب بن يوسف وبترشيح من الفيلسوف الطبيب ابن طفيل، فلقد كانت عبارات ترجمات الفيلسوف اليوناني قلقة غامضة فنهض ابن رشد لضبطها وشرحها ثلاثة أنواع من الشروح المختصر والمتوسط والكبير حتى اشتهر عالمياً بالشارح الأكبر لأرسطو. وأمضى ابن رشد عمره في البحث والتأليف، وقدم إبداعات رائدة في علم الكلام الإسلامي، وتمثلت في أثاره الفكرية “تهافت التهافت” الذي رد به على هجوم أبى حامد الغزالي على الفلاسفة القدماء، و”مناهج الأدلة في نقائد الملة” الذي حاكم فيه مناهج المتكلمين”. وخلف في الفقه العديد من المؤلفات القيمة، فله كتابه المتميز “بداية المجتهد ونهاية المقتصد” الذي لم يجعله مجرد كتاب في الفقه المالكي، وإنما جعل منه ميدانا لفلسفة الفقه، وتقعيداً لأسباب اختلاف الفقهاء، كل الفقهاء من كل المذاهب فجاء إلى جانب كونه كتاباً مهماً في الفقه المالكي دراسة في الفقه الإسلامي المقارن يمثل الأفق الأعلى للباحث المقتصد. كما أنجز في الطب، بالإضافة لموسوعته الشهيرة “الكليات” أكثر من عشرين كتاباً. وساهم بالعديد من الإبداعات السياسية، وجعلها إضافات وتعليقات في ثنايا شروحه لأعمال أرسطو. وألمت بابن رشد بعد أن علا شأنه في ميدان الفكر والقضاء وفى بلاط السلطان كطبيب وحكيم محنة، أبعد فيها إلى مدينة “أليسانة” على مقربة من قرطبة مع عدد من المشتغلين بالفلسفة، ويبدو أنها كانت إرضاء من السلطان “أبي يوسف يعقوب” الملقب بالمنصور الذي كان محباً للفلسفة لبعض الفقهاء، فبعد أن قربه لمجلسه ورفع منزلته لمكانة عالية، كاد له بعض الفقهاء الحاقدين عليه ووشوا به واتهموه بالكفر والزندقة والخروج على الملة وزيغه عن الحق والهداية، وأوغروا صدر السلطان ضده، فأمر بعقد مجالس لمحاكمته انتهت بنفيه وأحرقت كتبه الفلسفية. بين الرشدية اللاتينية والإسلامية فلسفة ابن رشد يجب أن نتلمسها في إبداعاته أكثر مما نلتمسها في شروحه على أرسطو، وأن نحذر تحميله مسؤولية الآراء التي قال بها “الرشديون اللاتين”؛ لأن هناك فرقاً كبيراً بين هذه الرشدية اللاتينية المزعومة، وبين الرشدية الإسلامية التي أبدعها هذا الفقيه المتكلم الفيلسوف. و التوفيق بين الحكمة والشريعة هو مفتاح فهم مشروعه الفكري والروح السارية في كل كتاباته، ولذلك اتخذ لنفسه موقعاً تميز به في مواقف وقضايا كثيرة مثل قضية الحرية الإنسانية، ومعضلة خلق العالم، والمعرفة الإلهية عن كثير من الفلاسفة من علماء الكلام المسلمين. وكانت وفاة ابن رشد في سنة 595هـ - 1198م بمراكش من بلاد المغرب وحمل جثمانه إلى الأندلس فدفن هناك.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©