الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

براهين التجربة

براهين التجربة
20 أغسطس 2014 20:00
تشبّع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بالأمل والتفاؤل ونهل من قيم النبل والعدل والشجاعة، آمن بنفسه، وتمرس على الصعاب فتجاوزها بحنكة الفارس المبادر المغامر الذي لا يؤمن بالمستحيل، ما جعله شخصية مميزة استطاعت أن تجمع بين القيادة والحكمة، وأن تقود دبي إلى القمة وساعدته تجربته الإنسانية الثرية بالخبرات الحياتية الهائلة على نحت شخصيته المتميزة. في كتابيه "رؤيتي. . التحديات في سباق التميز" و"ومضات من فكر" الذي طبع أكثر من مرة خلال شهور قليلة، وترجم إلى عدة لغات ليصل إلى أكبر عدد من القراء في الإمارات والعالم، جاء حاملًا للكثير من أفكار صاحب السمو التي آمن بها وأراد أن يتعلم منها أبناء الإمارات وغيرهم. وحسبنا هنا في هذه القراءة للكتابين المرجعين، أن نعرض لأهم الأفكار الواردة فيهما، انطلاقا من "قمة القيادة" العام 1998 إلى "القمة الحكومية" بداية العام 2013. لسنا في سباق يعرض كتاب "رؤيتي. . التحديات في سباق التميز" للشيخ محمد بن راشد، رؤية سموه للتجربة التنموية، التي تقوم على تحقيق الامتياز والانتقال بالإمارات ودبي من دورهما كمركز اقتصادي إقليمي، إلى القيام بدور حيوي كمركز اقتصادي عالمي، مع التركيز على قطاعات الخدمات المتميزة والسياحة واقتصاد الفكر والمعرفة، والطاقة البشرية المبدعة. لقد صيغت مادة الكتاب على المعايشة اليومية للتنمية ذات المواصفات الدولية العالمية، والتجربة الذاتية، والعمل الدؤوب لرفعة الشعب والوطن. قسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد كتابه إلى خمسة أجزاء، هي "نبض التنمية "، "مقومات صناعة التنمية"، "التنمية في سبيل البقاء"، "الامتياز في التنمية"، و"الطريق إلى المستقبل". الكتاب المرجع يستعرض رؤية سموه في مجال التنمية التي تقوم على تحقيق الامتياز والانتقال بدولة الإمارات من مركز اقتصادي إقليمي إلى مركز اقتصادي عالمي، وضرورة الاعتماد على الخدمات المتميزة والسياحة واقتصاد الفكر والمعرفة والطاقة البشرية المبدعة، وتحقيق معدلات التنمية التي تطمح إليها الدولة. الكتاب الذي وجد ترحيبا منقطع النظير من طرف الباحثين والمهتمين بالشأن التنموي في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الإمارات عموما بعد ما وصلت إليه من تطور ونمو، وبعد أن باتت دبي تمثل رقماً مهماً في مختلف المعادلات بفضل الطفرة الكبيرة التي وصلت إليها. وقد بث صاحب السمو الشيخ محمد من ذاته وتجاربه وممارساته الكثير، وسلط فيه الضوء على المقومات الأساسية لصنع التقدم والريادة، فالرجل لا يرضى بغير الرقم واحد، وهذا لا يكون إلا بتوفر إرادة القائد والشعب في آن. دبي التي باتت اليوم مركزا عالميا يشار له بالبنان، أو هي الإمارة التي اختصرت العالم، لم تكن لتصل إلى ما وصلت إليه لولا المناخ الذي يقوم على الفعل والإنجاز والتجاوز في ملحمة قائد نذر فكره ليؤسس لصنع الامتياز، ويجعل من "دانة الدنيا" نموذجا للتنمية، ومثالا يحتذى به في كل أصقاع العالم. لقد قال سموه بصراحة ووضوح: "لسنا في السباق لكي نعدو فقط بل نريد الفوز"، فلا معنى عنده لمعرفة اسم الشخص الثاني الذي نزل على سطح القمر أو تسلق قمة إيفرست، مستنتجا من المعادلة "أن الحصان الثاني لا يعرفه أحد، لذلك لا بد أن نكون في المقدمة، ثم نحقق المهمة الأصعب ونظل في المقدمة". عن الطليعة وشروطها التنمية في فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تعني أن تكون في الطليعة دائما لأن من لم يكن هناك، يكون في الخلف بالضرورة، فالخلف هو التخلف وما يرافقه من آفات وأزمات وفشل، والمقدمة تعني بالنسبة للقائد النهضة الشاملة والتنمية الكبيرة، إذ لا تقدم ولا ريادة دون تنمية تقوم على أسس واضحة المعالم لا مكان فيها للتخاذل أو الإحباط، فبالتحدي والإبداع نجد الحلول المناسبة لكل الإشكاليات ونتغلب على العوائق والمطبات التي تقف حائلا بيننا وبين التنمية والنهضة المنشودة دائما، والتي لابد أن تجعلنا نقف في الصف الأول دائما بالفعل والعمل والإنجاز لأن "استمرار النمو يتطلب جهداً جباراً وانتباهاً كاملًا شاملًا واستعداداً دائماً لكل طارئ محتمل "و إن لم نكن في المقدمة" ستفوتنا الفرص الكبيرة ولن يبقى لنا سوى فتات طعام الأسود"، على حد عبارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. إن الريادة كمفهوم هي مطلب حاكم دبي الأول والأخير، الريادة في كل شيء، ريادة لا تني أمام الصعاب، ريادة تؤسس لنسق مختلف وتقوم على التطوير الدائم، والتفاعل مع المتغيرات العلمية وفتح النوافذ أمام مختلف التجارب الناجحة لتقليص الفجوة بيننا وبين الآخر. فلا مجال في فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد للتردد أو الجمود، ومن هذا الوعي المنطلق نحو الريادة بخطى واثقة، آمن بأن التغيير يقتضي التأقلم السريع مع واقع متسارع ليتجاوز ويتحدى، التحدي الذي يراه القائد الوصفة المثالية والسحرية لقهر المستحيل، يقول سموه في كتابه "رؤيتي": "ما رأيت في حياتي تحديا إلا وجدت في نفسي الرغبة لقهره واندفعت إليه بلا تردد". كما أن العزيمة والتصميم وترجمة الرؤى والتأقلم مع الأدوات الجديدة إلى واقع مفاهيم من شأنها أن تصنع التنمية والأمن وتساهم في إشاعة مناخ يستشرف المستقبل ويعزز مكانة الدولة ويحقق النجاح الذي هو الغاية والهدف الذي لا حياد عنه، هذا الأمر لا يكون في فكر صاحب السمو إلا بتسليح الطاقات الشابة بالعلم والمعارف والخبرات والتحفيز والتوجيه والرعاية والعناية والحب وإتاحة الفرص أمامهم للتفاعل العملي مع الاقتصاد، والتشجيع على المبادرة والابتكار وتطوير المهارات. يذهب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في رؤيته للتنمية إلى القول: "حققنا الكثير لكننا لا نزال في بداية الطريق، فلنمسك بأيدي بعضنا وننظر إلى المستقبل ونسير على درب الريادة الذي رسمته لنا قيادتنا"، وفي ذلك أكثر من معنى ودلالة من بينها أن النجاح لا يتحقق إلا بتميز الشباب والإيمان بأن النجاح مسؤولية جماعية مناطة بعهدة الحكومة والشعب، كما أن الاتحاد والتفكير في الغد، والسير جنب القائد القدوة من شأنه أن يصنع التنمية التي هي غاية كل من يريد السباق مع المستقبل. رؤية القائد والشعب إن التطور الكبير الذي تشهده دبي والإمارات دليل إيمان سموه بالرؤية، وبالتأكيد فإن إيمان القائد بالرؤية ينعكس على شعبه وقد قال سموه: "أنا وشعبي نحب المركز الأول فأصبحنا لا نحب ولا نرضى بغير المركز الأول بديلاً". لقد أصبحت الإمارات اليوم بفضل قيادتها الحكيمة محط أنظار العالم وهذا شأن البلدان التي يحكمها القادة العظام في كل العالم، إذ إنهم مشغولون بوضع الرؤى في هذا العالم المتغير، ويرون ما لا يراه الآخرون ثم يقومون بعد ذلك بتحفيز الآخرين للتطبيق. فصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يعرف جيدا أن "الطريق إلى ما نخطط له من التنمية والتحديث والبناء شاق وأعرف أنه طويل وأعرف أن المراحل المقبلة أصعب وأطول وأهم، لكنني أؤمن بربي ثم أثق بشعبي وبحكمة قيادتي وبمستقبل أمتي وأنا واثق من أننا سنحقق كل أهدافنا بإذن الله". كما يقول سموه بكل ثقة في النفس: "رؤيتنا واضحة وطريقنا ممهد والساعة تدق، ولم يبق مجال أو وقت للتردد أو أنصاف الأهداف والحلول، كثيرون يتكلمون ونحن نفعل، والسباق نحو التميز ليس له خط نهاية". ومن هذه الرؤية التي جاءت مع قمة القيادة انطلقت دبي في مسارها الذي وإن رافقته بعض الهنات التي لم تشمل دبي فقط، بل العالم من خلال أزمة 2008 والتي تعافت منها الإمارة بعد 4 سنوات، بفضل حرص قائدها على التجاوز والبحث الدائم عن المراتب المتقدمة. الإمارات. . الدولة "ومضات من فكر" الكتاب القيم المتنوع الذي يعرض فيه سمو الشيخ محمد بن راشد بعضا من تجاربه الحياتية، وأفكاره القيادية، وبعضا من الآراء الإنسانية التي تتشكل منها شخصية قائد عربي ناجح، ذي تجربة رائدة، تستحق أن تنشر للعالم كي يطلع عليها ويستفيد منها، إذ أكد على نبذ الطاقة السلبية، وعدم الاعتراف بالمستحيل، وفي فن القيادة والإدارة، والتشجيع على الإبداع والتنمية، وزرع الطموح في نفوس أبناء وطنه. وقد جاء الكتاب شاحذا للهمم، محركا للطاقة الإيجابية، إذ هو نتاج تجربة إنسانية غنية ومتميزة. أكّد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في الكتاب، المضي قدماً في تمكين المواطن الإماراتي الذي هو هدف وأولوية التنمية في البلاد، جرياً على نهج صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله. وشدّد سموه على أن "الإمارات دولة واحدة، لها دستور واحد، وعلم واحد، ورؤية واحدة، دولة رئيسها واحد، هو سمو الشيخ خليفة بن زايد"، مؤكداً أن "دولة الاتحاد وجدت لتبقى وتستمر وتزدهر بإذن الله، والغرس الذي غرسه زايد وراشد وإخوانهما له جذور لا يزيدها مرور السنين إلا قوة وعمقاً". وأشار سموّه: "نحن لسنا إمارات، نحن دولة الإمارات، وجميع المواطنين في أرجاء الوطن كافة لهم نفس الاهتمام والأولوية عند خليفة بن زايد، وعند محمد بن راشد، وعند جميع الحكام". وأضاف: "ذلك هو نهج أخي الشيخ خليفة، ونحن في هذه الحكومة نمضي وفق هذا النهج، فالمواطن أولاً، وثانياً، وثالثاً، والتوطين أولوية لدى رئيس الدولة، وأولوية لدى الحكومة". وتوقّع سموه أن تلعب الإمارات دوراً محورياً متزايداً على الخريطة العالمية خلال السنوات المقبلة، مشيراً إلى أن الدولة رقم جديد في الاقتصاد العالمي، راسخ برسوخ برج خليفة. وقال سموه: "ندرك أن عالماً جديداً قد بدأ، المستقبل فيه لمن يجرؤ أن يحلم، ويملك الشجاعة لتنفيذ حلمه"، لافتاً إلى "أننا اليوم في مرحلة تمكين إنسان هذا الوطن، الذي هو هدف أولويات التنمية في الإمارات حالياً". إن الأفكار تأتي من الجميع، والقائد الذكي هو الذي يستمع للجميع، وينصت لجميع فئات المجتمع، حتى يستطيع الاستفادة من جميع العقول، مهما كان مستواها، ورأي الجماعة أفضل بكثير من رأي الفرد، مهما كانت إمكانات هذا الفرد أو مكانته ومنصبه، وفي ذلك يقول سموه في كتابه "لقد علمتنا القيادة العسكرية أن القائد لابد وأن يستمع لجنوده، ومن أفضل قيادة من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ومع ذلك كان يستمع إلى أصحابه ويسألهم رأيهم". حكومة المستقبل يتضمّن الكتاب أفكاراً وآراء من وحي الجلسة الحوارية لسموه أثناء القمّة الحكومية الأولى التي انعقدت في فبراير 2013، وجاء ملما بالعديد من المحاور المفيدة والحكم والعبر التي تقيم الدليل على حرص سموه الكبير على أن تبقى دولة الإمارات العربية المتحدة في القمة، مقدما العديد من الدروس في مجالات مختلفة. واعتبر صاحب السّمو نائب رئيس الدولة أن "وظيفة الحكومة هي تحقيق السعادة للمجتمع، ورؤيتنا للحكومة أنها ليست كياناً منفصلاً عن الناس، بل هي جزء منهم، وتعمل من أجلهم". كما أكد أنه "عندما تطور الحكومات نفسها وخدماتها لتسهل حياة الناس، فإنها تحقق لهم الراحة والسعادة، وعندما تخلق فرصاً لأبناء الوطن، فإنها تحقق لهم السعادة. وعندما تقدّم أفضل أنظمة التعليم، فإنها تزوّدهم بأهمّ أسلحة مستقبلهم ليكونوا سعداء". وتناول صاحب السّمو في كتابه مواصفات ومهام حكومة المستقبل، مشيراً إلى أنها "ستقدم خدماتها للناس 24 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع، 365 يوماً في السنة" إذ كتب في هذا المجال يقول: "نريد للحكومة أن تتفوق على الفنادق في حسن الاستقبال، وعلى البنوك في دقة الإجراءات، فهدفنا هو منافسة القطاع الخاص والتفوّق عليه في جودة الخدمة المقدّمة للمتعاملين". فحكومة المستقبل عند سموه هي الحكومة التي يستطيع المواطن من خلالها إنجاز أي معاملة له من خلال أي من مراكز خدماتها، بغضّ النظر عن الجهة التي يتبعها. ونقل الكتاب عن سموه قوله: "بل أكثر من ذلك، نريد الانتقال من مراكز تقديم الخدمات الحكومية إلى الهواتف الذكيّة للمتعاملين، حيث يستطيع المتعامل تقديم طلبه للحكومة من هاتفه المتحرّك، ومتابعة هذا الطلب في أي وقت من ليل أو نهار"، وأضاف نريدها "حكومة مبدعة قادرة على توليد الأفكار بشكل مستمر، سواء من خلال موظفيها أو جمهور المتعاملين معها". كما استعرض الكتاب نظرة صاحب السمو نائب رئيس الدولة للمؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان، ناقلاً عن سموه قوله: تعرفت على الكثير من زعماء العالم، السياسيين والاقتصاديين، فلم أشاهد أكثر بساطة من زايد، رحمه الله، كان أكثرهم تبسماً وانشراحاً، وكان يحب الجمال في الحياة، ويتلمسه في الشعر والنثر، وفي البر والبحر، رغم كثرة انشغالاته ومسؤولياته. وعلّق سموه بقوله: "الحياة خلقت بسيطة، ولابد أن نعيشها كما خلقت، نصيحتي للجميع أن يعيشوها بسيطة، والبساطة تبدأ من القلب ومن المشاعر والأحاسيس، بعيداً عن السلبية والتشاؤم". الإبداع والأولويات وأورد سموه أن العام 2012 شهد ولادة أكثر من 20 ألف فكرة إبداعية جديدة لتبسيط الخدمات الحكومية وتطويرها، مضيفاً: "هدفنا خلق بيئة متكاملة للإبداع، تولد الأفكار، وتُحتَضن، ويُعمل على تنفيذها وقياس فاعليتها باستمرار، فالإبداع هو رأس مال المستقبل". وقد تطرق الكتاب إلى أولويات التنمية في الإمارات وهي الشغل الشاغل لسموه "الجواب في ثلاث كلمات: التمكين، التعليم، التوطين. نحن اليوم في مرحلة تمكين المواطن في جميع مؤسساتنا وهيئاتنا والمواطن قادر، وثقتنا في أبنائنا كبيرة". وحثّ نائب رئيس الدولة، القطاع الخاص، ممن استفادوا من هذا البلد المعطاء، المساهمة في موضوع التوطين حتى يكونوا مشاركين في مسيرة التطوير في دولة الإمارات. المعرفة والمركز الأول تحدث سموه عن إصراره الدائم على المركز الأول، مشيراً إلى أن "الإنسان لن يعيش مئات السنين، ولكن يمكن أن يبدع شيئاً يستمرّ لمئات السنين". واعتبر صاحب السّمو نائب رئيس الدولة أن "الإبداع هو أن تضيف شيئاً جديداً للحياة، لا أن تكون إضافة أخرى لها، وإذا عوّدت نفسك على الإبداع في الأشياء الصغيرة، فستبدع أيضاً في الأشياء العظيمة"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن "الإبداع يكون في كل شيء، ولابد أن يكون أيضاً جزءاً من شخصيتنا إذا أردنا التميز". برج خليفة ثم تحدث سموه عن قصة بناء برج خليفة، مؤكداً أن تنفيذ أعلى بناء على وجه الأرض هو عمل وطني، ومحطة تاريخية، ومنعطف اقتصادي رئيس. وهو ليس فخراً لأبناء الإمارات فقط، معرباً عن أمله في أن يكون برج خليفة اليوم رمزاً للتغيرات العالمية الجديدة، عالم جديد يتلاقى فيه الشرق بالغرب، وتتمازج فيه الحضارات ويسود فيه الإبداع البشري من دون النظر للحدود الجغرافية أو العرقية أو الدينية. وأضاف: "شارك في هذا البناء العظيم، الذي استخدم تقنيات جديدة يعرفها الإنسان للمرة الأولى للوصول لهذه الارتفاعات، آلاف المهندسين والعمال والاستشاريين وغيرهم من أنحاء العالم كافة، وكذلك من الإمارات، فنحن مركز عالمي جديد، تجتمع فيه أفضل العقول لتحقيق أكبر الأحلام". وأكد سموه على أهمية العلم والتعليم في نهضة الشعوب والدول، فالحضارات تبنى بالتعليم، ومستقبل الأمم يبدأ من مدارسها، وعملية تطوير التعليم أمر مستمر، ليس له نقطة نهاية، لأن العالم يتطور، والعلوم تتسع، وأنه لا بديل لنا عن المركز الأول، و"كلمة مستحيل ليست في قاموسنا في دولة الإمارات". فالمعرفة هي طريق الفوز، ولابد أن تعرف أكثر من غيرك. وقال سموه: "لست وحدي من يريد المركز الأول، ضربت مثالاً للحضور إمارة أبوظبي، التي تريد تحقيق الريادة العالمية في مجال الطاقة البديلة، فاستثمرت، وأبدعت، في هذا المجال وغير من المجالات الثقافية فتحقيق المركز الأول في أي عمل، هو أهم محفز للإنسان، ومن يضع لنفسه هدفا استراتيجيا صعبا لاشك أنه سيحققه إن بذل الجهد المناسب، ومن يقنع نفسه بأنه لا يستحق المركز الأول فقد حكم على نفسه بالفشل"، ويقول سموه: "لا أحد يعرف صاحب المركز الثاني أو العاشر أو غيره، ولا أحد يعرف ثاني شخص صعد إلى قمة جبل إيفرست في جبال الهمالايا، أو ثاني شخص صعد لسطح القمر أو غيرهما من أصحاب المراكز الثانية، وفي ذلك دعوة إلى التمسك بالمركز الأول والريادة دائما “. وأشار إلى أن دولة الإمارات اليوم هي الأولى بالمنطقة في البنية التحتية، ومعدلات الأمن والأمان، والتنمية البشرية، والتطور التكنولوجي، واقتصاد المعرفة، ومعدلات السعادة والرضا بين مواطنيها، والطاقة المتجددة، والاستيراد وإعادة التصدير، والأولى في مجالات أخرى عديدة. وأكد في هذا السياق: "سنظل نسعى لأن نكون الأفضل عالمياً في المجالات كافة، لأننا شعوب لا ترضى إلا بالمركز الأول"، فالنجاح يجد طريقه في بناء دولة أو شركة أو فريق عمل بقلوب متحابة، وموحدة، ومن يريد نجاح مشروعه عليه تقريب قلوب فريق العمل، لأن المحبة أساس النجاح، يقول سموه في هذا الإطار: "نصيحتي لأي قائد إن كان يقود دولة، أو شركة، أو فريق عمل، أو غيره: لابد من توحيد القلوب قبل توحيد الجهود، ولابد من روح تسري في المكان قبل بدء البنيان". الوقت والعمل والإبداع كل دقيقة من حياتنا لابد أن نستغلها جيدا للإبداع والعمل، فالوقت هو الحياة، إذ لا نستطيع تخزينه أو إيقافه، لذلك لابد من استثماره بالشكل الأمثل، يقول سموه: "إذا أردت تحقيق الإنجازات فاحرص على كل دقيقة من حياتك، استمر بالعمل والتفكير والإبداع والاستمتاع في كل دقيقة وسترى ذلك إنجازات على أرض الواقع". ولأن الفرصة لا تسنح للإنسان أكثر من مرة أحيانا، والذكي هو ذلك الشخص الذي يحرص على استثمار الفرص، وتحويلها إلى إنجاز جديد كلما لاحت له، لا يتردد، ولا يتكل على غيره، يقول سموه: "مجموع الأيام التي استثمرتها في نفسك أو أسرتك أو في مجتمعك أو لآخرتك"، فالعمر ليس أياما نعيشها ونحسبها، بل هو الأيام الحقيقية التي نترك فيها أثرا يدل علينا، فاحرص كل الحرص على تنظيم وقتك، وتحديد أولوياتك، واستمتع بحياتك "فلا تسمح أبدا لأي شخص بأن يسرق وقتك، لأنه يسرق حياتك". فليس هناك ما يدفع الإنسان الناجح إلى تأجيل مشاريعه الناجحة للغد، المستقبل عند صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد "يبدأ اليوم وليس غداً، ولو انتظرنا الغد حتى يأتي فسنستمر في تأجيل كل شيء"، المستقبل لا ينتظر المترددين، وكلما أنجزنا أكثر أدركنا أننا يمكن أن نفعل أكثر"، لأن النجاح رحلة لا تنتهي، وكلما يصل الإنسان إلى قمة في مجال ما فعليه أن يتطلع إلى القمة التي تليها ليصل إليها، وهذا هو الطموح الذي يحقق النجاح تلو الآخر، و صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يقول في ذلك: "النجاح رحلة، وكلما وصلت فيها إلى قمة تطلعت فيها للقمة التي تليها". . حكم وعبر يذهب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إلى اعتبار الروتين هو أشرس عدو للإبداع، وهو ألد أعداء التغيير نحو الأفضل، ولأن المبدع الحقيقي هو المؤمن بالتغيير ومن يقاوم الروتين. وبدلا من التسابق في التسلح، وزرع بذور التوتر يؤكد سموه انه علينا إطلاق المشاريع، لأنها تقوي الاقتصادات المضطربة، في عالم يحتاج للأمل والبناء والتنمية، أكثر من حاجته للصواريخ والحروب والدمار، يقول سموه: "كل شعب لديه طاقة، ولابد أن تصرف هذه الطاقة، فإما أن تصرفها في البناء والعمل، وتمنحهم التفاؤل والأمل، وإما أن تصرفها في المشاحنات والمظاهرات والتوترات والحروب". فالتحديات تبرز في الأشخاص أفضل ما عندهم، وأسوأ ما عندهم أيضا، وهي كذلك أفضل وسيلة لصقل القدرات، والخبرة الحقيقية ليست في عدد سنوات العمل، بل الخبرة الحقيقية في عدد التحديات التي نتغلب عليها يقول سموه في هذا الإطار: "الحياة السهلة لا تصنع الرجال، ولا تبني الأوطان، التحديات هي التي تفعل ذلك، وهي التي تصنع الرجال، وهؤلاء الرجال هم من تبنى بهم الأوطان". ولأن من يريد الوصول إلى أهدافه عليه أن يترك الخوف والتردد جانبا، لأنهما يقتلان كل إبداع وانطلاق نحو القمة، فمن يريد الوصول لتحقيق أهدافه عليه أن يجازف ويخاطر، ومن لا يخاطر لا يصل، قال سموه للمترددين: "إن أكبر مخاطرة ألا تخاطر". وقد سرد عددا من المواقف التي حصلت له في هذا المجال. فلن ينتظرك المنافسون حتى تتأخر في الإبداع والتطوير، وسباق التميز لا خط للنهاية له، وهو رحلة مستمرة تستغرق العمر كله ولا تتوقف، وكلما وصل المبدع لمحطة رأى محطات جديدة، يقول سموه: "سنستمر في هذه المسيرة من دون توقف أو راحة، لأن التوقف مضيعة للوقت، والراحة هي في الحقيقة تعب". السعادة والطاقة الإيجابية يؤكد سموه في كتابه: "أسرع وسيلة لتكون سعيداً هي أن تغرس السعادة في نفوس الآخرين"، فلا بد من زرع الأمل والطمأنينة في النفوس، وأن بث الطاقة الإيجابية، ومحاربة السلبية عند البعض، تقتضي المواجهة، والإقبال على التحديات، ولعل التجربة الذاتية لصاحب السمو قد تركت في نفسه الكثير في هذا الباب حيث قال "واجهنا تحديات كثيرة خلال حياتنا العملية، ولم يهزمنا أي منها، هل رأيت الصخرة إذا اعترضت ماء يجري، هل يقف الماء؟ لا يقف بل يذهب يمينا أو يسارا، ليتجاوزها، وهكذا الإنسان صاحب الطاقة الإيجابية يعرف ويدرك تماما أنه لن يوقفه أي تحد عن الاستمرار وعن بلوغ الهدف". إذ لا يؤمن صاحب "ومضات من فكر" بالمستحيل، ويعتبره: "كلمة اخترعها من لا يريدون العمل، أو كلمة اخترعها لنا من لا يريدوننا أن نعمل، وهو كلمة يستخدمها بعض الناس لوضع حد لطموحاتهم، وأحلامهم وتطلعاتهم، هو قيد يضعه الإنسان في يده أو في رجله يمنعه من الحركة" وهو "أكبر سجن يمكن أن يضع الإنسان نفسه فيه، سجن يمنعه من الحركة وممارسة الحياة وبناء الإنجازات الكبيرة". فمن يعمل لابد أن يخطئ، ولابد أن يتعلم الإنسان ويستفيد من أخطائه، وفي ذلك يقول: "الخطأ يعلم الإنسان، إلا ترى أن الشخص إذا سقط، فانه لا يقوم من مكانه نفسه، بل يقوم من مكان متقدم قليلا، فكذلك المخطئ تزيد معرفته وخبرته بخطئه". . فـ(فاقد الشيء لا يعطيه)، ومن أراد أن يكون فاعلا في المجتمع فعليه أن يبدأ بتطوير مهاراته، ويبني شخصيته بنفسه قبل أن يبحث في التأثير على شخصيات الآخرين، يقول سموه "الذي يحكم نفسه يستطيع أن يحكم غيره، ويستطيع أن يحكم العالم من حوله، والذي لا يملك نفسه فهو عن غيره أعجز". هذه ليست سوى شذرات من فكر قائد استطاع أن يحقق أهدافه بفضل أفكاره الرائدة ورؤيته العميقة، وحرصه الدائم على أن يكون ووطنه في الطليعة، وهذا ما هو حاصل بالفعل على أرض الواقع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©