الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الإسلام واجه الإرهاب بخطاب مستنير

الإسلام واجه الإرهاب بخطاب مستنير
30 يوليو 2015 22:39
حسام محمد (القاهرة) نشطت الجماعات الإرهابية في الفترة الأخيرة نشاطاً مثيراً للدهشة وطالت ضرباتها الخسيسة الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية ما أسقط الكثير من الضحايا ما بين قتيل وجريح ولم تتورع تلك الجماعات عن النيل حتى من بيوت الله على الأرض، وهي المساجد ولم ينج من تلك الأعمال الإرهابية إلا مجتمعات قليلة نجحت في تحصين نفسها وشبابها في مواجهة هذا الفكر التكفيري الشاذ الذي يخول لأصحابه دماء وحرمات المسلمين في كل مكان ما يطرح سؤالاً مهماً ألا وهو... كيف نواجه هذا الإرهاب الأسود دعوياً وكيف نطور من خطابنا الديني كي نمنع التكفيريين من اصطياد شبابنا؟ وضعنا السؤال على مائدة علماء الدين ورصدنا إجاباتهم في التحقيق التالي: ترجمة أمينة بداية يقول الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: الإرهاب الأسود لن يتوقف بحال من الأحوال إلا عندما تنجح المجتمعات في نشر تعاليم الإسلام الصحيحة في كل مكان ولنا في الإمارات نموذجاً، فالإسلام الوسطي الصحيح الذي يتمسك به الاماراتيون لم يترك مجالا لنمو ظواهر التطرف التكفير، وذلك باختصار لأن الامارات نجحت في ترجمة معاني الوسطية الإسلامية إلى منهج إلى سلوك، وذلك من خلال تفهم المعاني التي وردت في تعاليم الدين الحنيف، فالله عز وجل وصف الأمة الإسلامية بأنها أمة وسط في عقيدتها وعبادتها وفي معاملاتها وفي كل شأن من شؤون الحياة، وهذه هي الوسطية هي التي يجسدها المنهج الصحيح، ولهذا فلا بد من تدريس الإسلام الوسطي الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم في المساجد والمدارس وحتى من خلال البرامج الإعلامية بحيث يدرك كل مسلم أن الإسلام هو دعوة سلام وأمان، دعوة تقوم على الإيمان بقوله تعالي: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ...)، «سورة الحجرات: الآية 13»، ولا بد من نشر الآيات التي تحض على السلم وعلى التعاون بين بني البشر بغض النظر عن أديانهم وأجناسهم وأعراقهم، فهذا كله هو الذي يشكل في النهاية المنهج الذي يرسخ السلم والأمن في المجتمع وينشره في العالم، وإذا صاغ المسلمون خطابهم الديني بهذه الطريقة وروجوا له من خلال أبنائهم المنتشرين في كل دول العالم، فسوف يختفي التطرف والتشدد وسيفشل الإرهابيون في تحقيق مآربهم من استغلال شبابنا لتنفيذ العمليات الإرهابية التي شوهت الإسلام تشويهاً كبيراً. ويشدد د. العبد على أن علماء الإسلام مطالبون في هذه المرحلة المهمة والخطيرة في حياة الأمة بتكثيف جهودهم لإظهار المنهج الوسطي لأنهم حراسه المؤتمنين عليـه، فكثـــير من المســـلمين لا يزالون مقصرين في التطبيق الحقيقي للمنهج الإسلامي الوسطي، مطالباً بضرورة التعاون المخلص لبناء إعلام إسلامي قوي قادر على تقديم حقائق الإسلام وتعاليمه ووتوضيح سمو أهدافه ومقاصده للناس جميعاً. حملة مضادة ويرى الدكتور سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف المصرية الأسبق ورئيس قسم العقيدة والفلسفة بجامعة مصر الدولية أن الأمة في حاجة ماسة لتبني حملة إعلامية تكشف بعد ما يقوم به الإرهابيون عن صحيح الدين، فنحن في حاجة إلى اعلام يواجه كل فكر شاذ ومنحرف يخالف الشريعة الإسلامية السمحاء ويواجه ويدحض فكر الإرهابيين الذين يبتعدون بتفسيراتهم عن صحيح الدين ويقومون بخلط الدين بالسياسة على نحو غير صحيح، وبغرض خدمة أغراضهم ومصالحهم الشخصية دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى، ودون وضع مصلحة الدين وخدمة الوطن في المقام الأول، ولابد أن نعي أن هؤلاء الإرهابيين التكفيريين يحاولون اللعب على وتر النزعة الدينية الموجودة لدى العرب، فيعمدون إلى نشر كل الأفكار المتشددة التي تتبني الفكر المتشدد ويخدعون الناس بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، ولهذا فلا بد من أن تكون المواجهة العربية والإسلامية لهؤلاء التكفيريين الذين يتبنون العمليات الإرهابية مواجهة علمية وتقوم بتفنيد المزاعم والأكاذيب والخرافات التي يبثها الإرهابيون لأن إهمال تلك الآراء الإرهابية يغرق الناس في ظلمات الجهل ويأخذهم عن دون وعي لطريق التطرف والغلو. ويضيف الدكتور عبدالجليل: إذا كنا نبغي فعلا مواجهة الإرهاب الأسود فلا بد في البداية من التصدي لمثيري الفتن وأصحاب الفكر المتطرف والتركيز على مشاكل المجتمع واقتراح الحلول المناسبة لها في إطار تفاعل الدعاة مع قضايا وطنهم بحيث يقومون بالتصدي للأفكار والسلوكيات الدينية المتطرفة ولشرح التأويلات المغلوطة والخاطئة من البعض، فيجب على الأئمة بشكل عام أن يكونوا دعاة لتوحيد الصفوف وتماسكها في وجه دعاة الهدم والتخريب وإشاعة الفوضي وأن يتواصلوا مع نبض الشارع ويتفاعلوا مع قضاياه وأن يعملوا جاهدين على ترسيخ ثقافة الاعتدال والوسطية والتسامح وقبول الآخر واعلاء القيم النبيلة التي تحفل بها الشريعة الإسلامية. ينهي الدكتور عبد الجليل حديثه قائلاً: مواجهة الإرهاب لن تتم إلا بخطاب ديني مستمد مما يحدث في المجتمع، خطاب يحصن المجتمع مسبقاً ضد أي تيارات مخالفة تظهر في المجتمع في أي فترة من الفترات، ويجعله قادرا على عدم التأثر بها. كما ينبغي أن يستهدف الخطاب جمع الشمل ووئد الفتن، لأنه من المعلوم أنه لا يمكن لأي مجتمع أن يتقدم بدون تحقيق الوحدة بين أبنائه بكل طوائفهم. التهديد والوعيد يقول الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: يجب على العاملين في مجال الدعوة الإسلامية والتنوير أن يعتمدوا الآن في معركتهم ضد التيارات المخالفة على الخطاب القادر والقوي على مواجهة كل هذه التيارات بكل ما تحمله من متناقضات، ولا بد أن يكونوا متمتعين بخصائص عدة منها تمتعهم باللغة التصالحية أولاً حتى يجمعوا كل هؤلاء المتنافرين على مبدأ واحد بقدر ما يمكن من جهد، لأنها كما نرى بينهم تنافر شديد وإذا كان الخطاب متنافرا معهم واعتمد لغة التهديد والوعيد فسوف يؤدي ذلك إلى الصراع أو الحرب، لذا لا بد أن يعتمد الخطاب على الحكمة والموعظة الحسنة وحتى لا يكون رقماً من الأرقام في هذا الصراع ولكي يتمكن من جمع كل هذه التيارات في اتجاه واحد اتجاه الاعتدال. فعلى الخطاب الديني أن يخاطب القرآنيين بلغة القرآن، والسلفيين بما كان عليه السلف الحقيقيون سلف الأمة وما كان عليه رسول الله «صلى الله عليه وسلم» وصحابته رضوان الله عليهم أجمعين، ومع الصوفية لا بد أن يستخدم الخطاب لغة مشاعر منهج التصوف ورقته وعذوبته وأخلاقه، ومع العلمانيين لا بد أن يكون الخطاب مدركاً لمعنى العلمانية والليبرالية والدولة المدنية لا بد أن يكون خطاباً مسلحاً بالعلم بكل ما يخص أهل كل هذه التيارات، محيطاً بأهدافهم ونزاعاتهم، عارفاً كل مواطن ضعفهم التي تكشف وتبطل مذاهبهم وتكسر الحدة فيهم. ويشدد الدكتور الجندي على أن الخطاب الديني في كل عصر يعتمد على تأصيل وسطية الإسلام، بمعنى أنه يعتمد على ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وهو يشكل هوية المجتمع والدولة من خلال ما يصنعه من فهم ديني سليم، كما أنه لا يبتعد عن تطورات المجتمع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©