الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسبان يدافعون عن صناعة القطارات السريعة

31 يوليو 2013 22:23
أندريه كالا إسبانيا عقب كارثة القطار التي حدثت في إسبانيا الأسبوع الماضي عندما انحرف قطار عن سكته، كان لهذه المأساة البشرية أن تفتح ملفاً واسعاً من التحقيقات القانونية والأمنية. وباتت كل الأطراف ذات العلاقة بالحادث تعمل بكل جدّ للدفاع عن مصالحها ومنها على نحو خاص الصناعة الحكومية للسكك الحديدية. وتمتلك إسبانيا أطول شبكة من خطوط القطارات السريعة في العالم بطول إجمالي يبلغ 3100 كيلومتر، وما من دولة في العالم تتفوق عليها في طول خطوطها السريعة سوى الصين. وتمثل هذه الصناعة واحدة من أهم قصص النجاح التي حظيت بإعجاب خاص من الرئيس أوباما، وهي صناعة التكنولوجيا المتقدمة الواعدة والمفصلة بدقة بحسب المقياس الذي ينسجم مع توجهات إسبانيا نحو بناء نموذج جديد لاقتصادها المبني على الاستقلالية. وقضى في الحادث المؤلم 79 شخصاً فيما بقي أكثر من عشرين في حالة حرجة بعد أن خرج القطار الواصل بين مدريد ومدينة «جاليسيان» التابعة لإقليم «فيرول» الواقع شمال غربي البلاد والمحاذي لشواطئ المحيط الأطلسي، عن سكته بعد دقائق قليلة من دخوله «محطة سانتياجو» وهو يحمل 220 راكباً. وسارع أرباب صناعة السكك الحديدية في إسبانيا إلى الظهور على خلفية هذا الحادث المروّع للدفاع عن صناعتهم والتأكيد على انطوائها على أعلى معايير السلامة والأمان والتفخيم من الدور المهم الذي تلعبه القطارات السريعة في الاقتصاد. ويعارض بعض المعنيين الآخرين بالحادث بمن فيهم اتحادات عمال النقل بالقطارات وسائقوها، تحميل المسؤولية الكاملة للسائق حتى لو حوّم عليه شك كبير بسبب السرعة الفائقة للقطار لحظة وقوع الحادث. وستسعى المحكمة إلى التدقيق في هذا السبب وبقية القصص التي يتداولها شهود العيان حول هذه المأساة. وانطلقت التحقيقات المتعلقة بالحادث لتوّها، ولم يتم حتى الآن فتح العلب الإلكترونية الشبيهة بالصناديق السوداء للطائرات للكشف عن ملابسات الحادث. إلا أن وزيرة النقل الإسبانية «آنا باستور» قالت: إن السائقين هم المسؤولون الوحيدون عن عدم احترام قواعد السلامة لتدعم بذلك تصريحات حكومية أكثر تفصيلاً تجتمع كلها على تحميل المسؤولية للخطأ البشري في وقوع هذا الحادث المأساوي، وذلك في إطار رفع المسؤولية عن قطاع صناعة السكك الحديدية ذاته. وعمدت الشركتان الحكوميتان المتخصصتان بصناعة النقل بالسكك الحديدية وهما، «رينفي» Renfe المتخصصة بصناعة القطارات السريعة و»آديف» Adif المتخصصة بتنفيذ البنى التحتية، إلى التأكيد على أن الحادث لا يعود لأسباب تتعلق بأمن وسلامة الأنظمة التكنولوجية التي تسير بموجبها القطارات، بل بسبب خطأ ارتكبه السائق، وهو عين الموقف الذي عبرت عنه كافة الشركات الحكومية الأخرى المعنية بصناعة النقل بالسكك الحديدية. وبالرغم من كل هذا، فلقد تصاعدت من وراء هذا المشهد بعض الطروحات الصادرة عن مسؤولين حكوميين لتتحدث بطريقة نظرية المؤامرة. وقال «ألبرتو نونييز فييجيو» النائب عن إقليم جاليسيا السبت الماضي: «إنه لمن الواضح أننا نجني العوائد العظيمة من صناعة السكك الحديدية بما فيها الفوائد الاقتصادية المتنوعة التي تجنيها شركات كثيرة تعمل في تموين قطاع صناعة القطارات السريعة بالأنظمة المكملة». وكان «فييجيو» يشير بذلك إلى عقود عالمية دسمة بعدة مليارات من اليوروهات لبناء أنظمة النقل بالقطارات السريعة نجحت إسبانيا بالفوز فيها، ومنها عقد تبلغ قيمته 12 مليار يورو لربط «ريو دو جانيرو» بمدينة «ساو باولو» في البرازيل، بحيث يبدأ العمل في المشروع قبل انطلاق دورة الألعاب الأولمبية التي ستقام هناك عام 2016. وفازت إسبانيا أيضاً بمشاريع عملاقة للنقل بأنظمة القطارات السريعة من أهمها مشروع في كازاخستان، وآخر بتكلفة إجمالية تبلغ 6.8 مليار يورو يربط بين مكة المكرمة والمدينة المنورة. وتتطلع الشركات الإسبانية أيضاً للفوز بعقد قيمته 14 مليار يورو لإنشاء خط قطار سريع يربط بين موسكو وسانت بطرسبرج في روسيا الاتحادية، وآخر في كاليفورنيا يربط بين ساكرامانتو وسان دييجو، فضلاً عن مجموعة من العقود الأصغر حجماً. وبلغت العوائد الإجمالية لصناعة السكك الحديدية في إسبانيا 4.8 مليار يورو عام 2012. وتشغّل هذه الصناعة 18 ألف خبير وموظف وعامل. ومؤخراً، عمدت الحكومة إلى تخصيص مبلغ 25 مليار يورو للاستثمار في هذه الصناعة تنفيذاً لبرنامج انطلق مؤخراً ويستمر حتى عام 2024، وهو مبلغ يفوق استثماراتها في البنى التحتية للطرق المعبدة العادية. وتم تقسيم الحصص في صناعة السكك الحديدية الإسبانية بين القطاعين العام والخاص بطريقة منصفة، وهذا ما يتجسّد في العقد البرازيلي الذي ينتظر أن تنفذه شركات تنتمي للقطاعين. وكانت من شروط التقدم لمناقصة العقد البرازيلي ألا يشهد نظام السكك الحديدية المماثل المقام في إسبانيا خلال السنوات الخمس الأخيرة التي تسبق التقدم للمناقصة أي حادث. وهذا يوضح السبب الذي جعل شركتي «رينفي» و«آديف» ومعهما المسؤولون الحكوميون يؤكدون بأن خروج القطار عن سكّته لا يعود للسرعة العالية لأنه يحدث عادة في السكك التقليدية أن يتم تغيير مسار القطار قبل بضعة كيلومترات من دخول محطة سانتياجو. وربما كان الحادث يعود لخطأ في تحويل المسار. الجدير بالإشارة أيضاً أن الشركات الحكومية للسكك الحديدية وخاصة تلك المتخصصة ببناء أنظمة القطارات ذات السرعة العالية تعمل الآن على تنفيذ خط يصل بين مدريد وجاليسيا وسوف ينتهي عام 2018. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©