إعداد ـ أيمن جمعة:
عندما يتحدث المحللون في المؤتمرات الدولية عن مستقبل الاقتصاد العالمي فإن الأنظار تتطلع عادة إلى ''دول الشرق'' وفي مقدمتها الهند المفترض أن تكون المركز المقبل لوادي السيلكون وصناعة تكنولوجيا المعلومات· هذه هي نظرة المراقبين من الخارج، لكن الأمم المتحدة والشركات العالمية التي تتدافع على الهند لافتتاح فروع هناك، تحذر بشكل مستمر من مشكلة اجتماعية خطيرة تهدد المستقبل الهندي وهي وباء نقص المناعة المكتسب ''الايدز''·
وتستشعر الشركات الدولية وخاصة العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات الدولية خطراً كبيراً من انتشار الايدز بين موظفيها، خاصة وأنها تستهدف من وجودها بالهند أساساً العقول الشابة· وتعهدت عدة شركات دولية عملاقة في هذا المجال منها جيسكو سيستمز ومايكروسوفت كورب وانتل كورب بإطلاق برامج توعوية بأخطار الايدز، وانضمت إلى هذه الحملات أيضاً شركات من قطاعات أخرى مثل فورد موتور للسيارات والتي سبق أن قدمت برامج مماثلة في جنوب افريقيا وتايلاند والصين· وتشعر الشركات الهندية هي الأخرى بوطأة المرض، ويقول اتحاد الصناعة الهندي إن 10 % من شركاته الأعضاء وعددها خمسة آلاف تعهدت بتوعية موظفيها بالايدز·
ويقول المراقبون ''سبق وأن حذر البعض من خطورة الوباء على بعض الجيوش الافريقية، واليوم هناك تحذيرات بأن الايدز قد يقوض بشدة المكانة الاقتصادية للهند التي تتدفق عليها الشركات الدولية للتعاقد مع أبنائها الشبان المتعلمين جيداً والذين يتقنون الانجليزية·''
وأيدت الامم المتحدة هذه المخاوف عندما أصدرت تقريراً في يوليو الماضي بأن النمو الاقتصادي الهندي قد ينخفض بمقدار نقطة مئوية سنوياً خلال العقد المقبل بسبب الايدز، وذلك استناداً إلى تجربة المرض مع الاقتصاد الجنوب أفريقي· وتقدر المنظمة الدولية عدد مصابي الايدز في الهند التي تعتمد طفرتها الاقتصادية على سواعد أبنائها من الشباب، بنحو 7,5 مليون شخص مما يجلعها في مكانة متدهورة بكثير عن عديد من الدول التي تتركز عليها الأضواء مثل جنوب افريقيا التي تضم 5,3 مليون مصاب· لكن وكالة المخابرات المركزية الاميركية ترى أن عدد المصابين قد يصل الى أكثر من 20 مليون شخص بحلول عام 2010
وتقول صحيفة ''وول ستريت جورنال'' في تقرير ''تحولت فئات عريضة من الشباب الهندي خاصة الذين لا يعملون في وظائف مساعدة مثل العاملين في مراكز الرد على الاتصالات الهاتفية إلى ما يمكن وصفه بالمجموعات الخطيرة التي يحتمل ان تكون حاملة لوباء الايدز·'' وتضيف ''وهذا الوضع يعمل الآن كجرس إنذار لبعض الشركات في الهند· كثير من المؤسسات تنظم الآن برامج داخلية لتوعية العمال بهذا الوباء· انتشار المرض يهدد مستقبل الشركات المحلية الهندية وآفاق النمو الاقتصادي للدولة·''
ويقول ريتشارد هولبروك السفير الاميركي السابق في الامم المتحدة والرئيس الحالي لتحالف الاعمال العالمي ''لا نريد أن تصل الهند الى ما آلت اليه جنوب افريقيا·· حيث تسبب المرض في تفكك القوى العاملة ودفع القوى العاملة الماهرة من أطباء ومحامين ومهندسين للهرب من البلاد·''
واعترف بنك ''ستاندرد تشارترد'' ومقره لندن بأن هذه المشكلة تؤرقه، خاصة وأن ربع عدد موظفيه واجماليهم 43ألف شخص يعملون في الهند، وأعلن على لسان المتحدثة باسمه ايما شميت عن تنظيم دورات للعاملين في مراكز خدمة العملاء في شيناي وعددهم ستة آلاف شخص للتوعية بالمرض· ولم يكتف البنك بذلك بل يقوم بإرسال تحذيرات على شاشات الموظفين لتذكيرهم من حين لآخر بإخطار المرض·
ويقول الطالب الهندي ورهيت نانج (20 عاما): ''اعرف ان العادات الاجتماعية الجديدة تحمل في طياتها مخاطر جديدة والحاجة لاحتياطيات جديدة خاصة مع استفحال انتشار مرض الايدز بسبب العلاقات غير الشرعية والوشم·''
وخلصت دراسة أجريت في فبراير الماضي إلى أن نسبة المصابين بالايدز وصلت في بعض الشركات إلى 11 % من الموظفين الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و26 عاماً· ويقول اشيش ميتال نائب الرئيس التنفيذي لشركة ''أي انيرجايزر'' ''بعد ظهور نتائج الدراسة الأخيرة قررنا شيئاً واحداً هو أن نضيف إلى برامجنا التدريبية برنامجاً عن الايدز وأخطاره، لكي يصبح الجميع على دراية بأخطاره· لقد وضعنا الأمر على رأس قائمة أولويات الإدارة·''
عدد اليوم
