الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحمد حسن الشيخ: لديّ حنين للحظات رمضانية تذكرني بروعة الماضي

أحمد حسن الشيخ: لديّ حنين للحظات رمضانية تذكرني بروعة الماضي
1 أغسطس 2013 01:16
دبي إمارة سميت بـ «لؤلؤة الخليج» قبل السبعينيات، كما ضمت قبل أكثر من مائة عام مناطق جميلة ورائعة، شهدت ولادة القادة الذين ساهموا في إبراز نهضتها، وتعد الإمارة من أكبر المراكز التجارية منذ عام 1833م، حيث عمل شيوخها على تشجيع كل مشروع تجاري يساهم في نهضتها، ويعتبر خور دبي من أهم ما ساهم في تشكل حياة أهلها وساعدهم في حياتهم اليومية، خاصة وأنه يقع مباشرة في جنوب الخليج، ومن بين تلك المناطق القديمة التي اشتهرت في دبي «فريج المرر» التي عاش فيها الحاصل على الدكتوراه في الاقتصاد الدكتور أحمد حسن الشيخ، وتنسب المنطقة إلى قبيلة المرر التي تعد من قبائل بني ياس، وقد انتقل البعض منهم إلى إمارة الشارقة، حيث استقر بعضهم في اللية، ولكن بقي فريج المرر في دبي المكان الأكثر شهرة بالنسبة لهم، واليوم تحولت تلك منطقة فريج المرر، نتيجة التغيرات والحداثة والحياة الكريمة التي سادت، إلى سوق يضم مختلف أنواع التجارة، وتحول أهل المنطقة لأكثر مناطق دبي من حيث الحداثة وروعة التصميم. موزة خميس (دبي) - الدكتور أحمد حسن الشيخ، يعمل مديراً للمطبعة العصرية ولديه مجموعة للمطبوعات والنشر، وهو رئيس مجلس إدارة دوكاب، وقد ولد د. أحمد في عام 1962 ونال درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة الإمارات، وعندما تولى مهمة إدارة المطابع عام 1984 ربما يكون قد انشغل وانهمك للعمل من أجل النجاح، ولكن بقي حلم الدكتوراه يراوده، حتى حصل عليها منذ فترة قريبة ربما لا تتجاوز العام الواحد في الاقتصاد، بعد أن نال الماجستير عام 1994 في ذات التخصص. طفولته حافلة بالعمل إلى جانب والده الذي كان من أشهر مصوري صور الجوازات، وقد درس والده في المدرسة الأحمدية، وسرعان ما توجه إلى تجارة الدفاتر والأقلام، ثم تشارك التجارة مع أحد الأشخاص، وبعد أن أنهى تعليمه الثانوي فتح مكتبة في السوق القديم في دبي، وكان يكتب الرسائل للناس ويقرأ لهم الرسائل التي تأتي لهم من خارج دبي أو خارج الإمارات، وكان يشف الصور للناس من الصورة الفوتوغرافية ثم يبيعها لهم، ولكنه أخيراً وجد نفسه منجذباً للتصوير، فأصبح أول من يصور الناس لأجل استخراج الجوازات أو أي بطاقة رسمية. بداية الوالد كمصور ويضيف أحمد الشيخ: بالفطرة كان يستشعر مكان الحصول على المال، والدليل أنه كان يذهب لأبعد المناطق عن دبي في تلك الفترة، والتي لا يوفر فيها مصور ويقوم بتصوير من يرغب، ومن تلك الأماكن منطقة الحويلات وسط جبال رأس الخيمة، وكان كل ذلك هو مدخل إلى كيف بدأ البعض كمصور في إمارة دبي، وهو تاريخ ربما نسيه الكثيرون، وفي ذات الوقت وجد والده نفسه يعمل في تجارة الذهب، ويكمل لنا الدكتور الشيخ حكاية المكان والمراحل التي مرت عليه، حيث يقول: يحكي لنا والدي صعوبة الوصول إلى تلك الأماكن في مرحلة ما قبل قيام الدولة، حيث إن بعض الأماكن لا تستطيع حتى الدواب أن تصعد إليها، وكان على الناس أن يصلوا سيراً وارتقاء إلى قمتها سيراً على الأقدام، وعندما شعر بحدسه التجاري كان عليه أن يجد مشروعاً يدر ربحاً أفضل، فتوجه إلى شراء مطبعة في عام 1959 وكانت معروضة للبيع عن طريق المحكمة، وفي عام 1966 أسس أول عمل مؤسسي، وكان عبارة عن متجر للإلكترونيات والكهربائيات، ولكنه ركز على المطبعة وعندما ولدت وجدت نفسي أكبر فيها. ويوضح أحمد الشيخ: بحكم تجارة الوالد كان كثير السفر، ما جعل تربيتي على يد جدي، وقد عشت معه 11 عاماً متواصلة، وتلك المرحلة صقلت شخصيتي، وكنت أرى جدي لا ينام إلا بعد أن يقرأ، فقد كانت لديه مكتبة وهو مثقف من الطراز الأول، وهذا حال الكثير من رجال الإمارات بشكل عام ودبي بشكل خاص، وكانت لديه بعض الكتب النادرة وقد قام بإهدائها إلى مؤسسة جمعة الماجد، وقد اعتاد جدي ومنذ مرحلة ما قبل التحاقي بالمدرسة، أن يقوم بالمرور يومياً بعد صلاة العصر على أشخاص معينين، ومنهم ناصر بن عبداللطيف السركال، ومحمد بالقيزي وسعيد بالقيزي، وفردان الفردان وسالم الموسى، وهؤلاء من أبرز شخصيات المجتمع في دبي في المجال التجاري والتنموي، إلى جانب الشخصيات المعروفة التي ساهمت في بناء دبي، أمثال: آل بوفلاسه، والجاز، والغرير، والفطيم وجمعة الماجد والحبتور، وغيرهم الكثيرون، ممن أخشى أن لا أذكرهم ولكن لهم أدوار رائعة في النهضة بدبي. وتلك الزيارات اليومية بعد صلاة العصر، على حد قول أحمد الشيخ، ربما لا تكون ممتعة بالنسبة لطفل في مثل عمري، ولكنها ولدت لدي نوعاً من الخبرة تجاه التجارة، وكانت تلك الخبرة الصغيرة معي حين تم تسجيلي في روضة رياض الصالحين، وكان التعليم تحت إدارة حكومة دولة الكويت، التي لا ننسى فضلها علينا في مجال التعليم والصحة، وكان يصرف لنا مبلغ 50 روبية أو ما يعادلها بريال دبي قطر، وعندما انتقلت للابتدائية كان النقل للمدرسة الأحمدية الجديدة، وكان مبلغاً يعد كبيراً بالنسبة للأطفال أو الشباب في وقت يسافر فيه الرجال لخارج الدولة لأجل البحث عن مورد مالي كبير وثابت شهرياً. ذكريات رمضانية وعند الحديث عن الذكريات في رمضان قبل الانتقال إلى مرحلة الشباب في حياته، قال أحمد الشيخ: رمضان جميل لكثرة الأعمال التي يقوم بها المسلم، وللعشر الأواخر من رمضان فضل كبير على كل صائم، وكل صائم يتوق لمزيد من الأجر والثواب، ولذلك يعمل كل صائم على أن يفتح صفحات جديدة من حياته، ليستقبل بعد شهر رمضان ومن أجل ذلك فإن الصائمين يتسابقون لاقتناص اللحظات في هذا الشهر، وكل أسرة قد استعدت أو استعد بعض أفرادها ببرنامج خاص بالأيام الأخيرة من رمضان، سواء العمل على ختم القرآن أو إكثار القيام في جنح الليل للصلاة. ولا تختلف الحياة في منزلنا عن تلك الحياة التي تسعى لها أسر كثيرة، فأهلنا يحرصون على الذهاب لقيام الليل مع أبنائهم الذكور، ولا يمنع النساء من الذهاب إلى صلاة القيام، وكل متطلباتهم واحتياجات المنزل تقضى خلال النهار، حتى يتم التفرغ من بعد صلاة الظهر لتحضير الإفطار، ثم في المساء لتلاوة القرآن، وأيضاً تحرص كل أسرة على التواصل مع الأرحام ما بين صلاة التراويح وحتى الثانية عشرة ليلاً، وتلك الأيام العشر الأخيرة من رمضان فيها خير كثير، والفضل فيها مضاعف ولذلك علمونا أن على الإنسان ألا يفرط في الإكثار من عمل الخير والإحسان إلى الآخرين، وزيارة من ليس لديهم عائل، لأن إدخال الفرحة على قلوبهم فيه الأجر الكثير، وفي رمضان يكثر الخير من الطعام والحلوى. كنا ننتظر الأمهات وهن يطبخن ونأخذ القدور لنتذوق بقايا الحلوى، ولكن أسرتنا لم تكن كبيرة ولكني أشعر بالحنين إلى تلك المرحلة، وبالأخص لأني من الشباب الذين سافروا للدراسة في عمر صغير، حيث كنت أشتاق لأكون مع أهلي خلال شهر رمضان، وأتذكر أني ذهبت للدراسة وعمري 16 عاماً، وكان ذلك تقريباً في منتصف السبعينيات، حيث التحقت بمدرسة داخلية، ولكن لم أجبر على ذلك إنما كنت أرغب في خوض هذه التجربة، وكانت الوجهة للبنان ولكن لم أستمر لأن بوادر الحرب الأهلية كانت قد بدأت تلوح في الأفق، فعدت إلى الإمارات. كبرت معها ويقول أحمد الشيخ: في عام 1978 سافرت إلى بريطانيا لتعلم اللغة الإنجليزية وبقيت فيها ثلاثة أشهر في منطقة ريفية، ولا زلت أذكر ذلك المنزل الأثري الذي سكنت فيه، والذي كان عمره 220 سنة، وتلك الرحلة منحتني خبرة كافية عن الحياة والمجتمع، وكان علي التكيف مع العادات، وتعلمت من تلك الرحلة أن أوازن في مصروفاتي، كما سافرت في عمري اليافع لحضور معارض تجارية في ألمانيا وفرنسا، وعندما عدت للإمارات أكملت تعليمي، وكنت أعمل وأذهب إلى جامعة الإمارات. وفي كل صيف كان والدي يدفع بي إلى المطبعة حتى أصبحت حتى اليوم لا أستطيع أن أتغيب عنها إلا للضرورة القصوى، فقد كبرت معها وكبرت معي، فلا زلت أتذكر عندما كنت في المرحلة الإعدادية وأعطاني المفتاح كي أسبقه إليها، وهي خطوة ذكية كي يشعر أي طفل أنه أصبح رجلاً توكل إليه مهام كبيرة، وفي تلك الفترة ربما تكون الرؤية بالنسبة لهذا الأمر ضبابية لي في عمر الطفولة، ولكن بدأت أعرف عاماً بعد عام لماذا حصلت على المفتاح وأنا في ذلك العمر، حيث تعلمت الالتزام وأصبحت قدوة للموظفين، ولم تكن المطبعة تعتمد على العقود مع مؤسسات حكومية، حيث كانت بداية التعاقد مع المصارف، ولم تكن تلك المصارف تمنح تمويلاً للمطبعة، ولكن أحد البنوك وافق وبعد ذلك أصبح لدينا عقود مع البلدية والطابو وغرفة التجارة. السفر وفوائده ويوضح أحمد الشيخ: في المراحل التي تلت الثانوية والسفر ثم العودة لإكمال دراستي الجامعية، كنت أعمل بمعدل 12 ساعة يومياً وربما تصل إلى 14 ساعة، حيث أخرج عند الساعة السادسة والنصف صباحاً وأبقى للعمل حتى الثانية عشرة من منتصف الليل، فقد كنت أريد أن أعرف المزيد من أسرار العمل، وفي مرحلة الدراسة الجامعية تزوجت، وحرصت أن تصبح المطبعة من أكبر المطابع في الإمارات، حيث بدأت في طرح محارم ورقية باسمها، وفي ذات الوقت كنت أواصل تعليمي في مدينة العين. ولا زالت أذكر عندما يأتي رمضان ونحن طلبة في العين وهي واحة جوها جاف أو قليل الرطوبة، فكان رمضان شاقاً علينا وكنا نتحمل حتى نتذوق طعم الطاعة وحلاوتها عند الإفطار بعد أن صبرنا طويلاً في الحر مع الجوع والعطش، وفي دبي هناك الأهل يتجمعون من أجل إعداد الطعام وقراءة القرآن والتزاور، وقد كنت أجد لنفسي وقتاً للقاء بعض الشخصيات من خلال عضويتي في المجلس الاقتصادي وفي غرفة التجارة في دبي، ورغم أن الحياة العصرية قد بدأت تسرق منا الوقت، إلا أن توجهات الحكومة وحثها لنا على الاستمرار في التواصل وإحياء العادات الأصلية تجعلنا نجد الوقت رغم كل المشاق والعمل من أجل لحظات اجتماعية تعيد روعة الماضي. عادات وتقاليد أصيلة يقول أحمد الشيخ: ربما يكون جزء من تلك الحياة التي عشناها قديماً قد ذهب مع الأهل والأجداد، ولكن كل أسرة تحاول أن تزرع في أبنائها معنى وأهمية المحافظة على العادات الأصيلة، وأهمية أن يكون لكل أسرة أصدقاء إلى جانب توطيد أواصر الصداقة مع الأقارب، فالحياة لا تكون جميلة بالمال والثراء، فلن يتلذذ الإنسان بماله إن كان العنصر الإنساني غائباً عنه في حياته، وقد اعتدنا في دبي منذ طفولتنا على إيجاد الوقت، من أجل استعادة اللحظات الجميلة مع من يشكلون جزءاً في حياتنا، فهذا الوطن يحيا بأهم العادات الإنسانية التي نحاول جيلاً بعد جيل أن تنمو مع النهضة العمرانية والصناعية، وعلينا أن نتمسك بذلك وألا نترك التيارات الغربية وغيرها تسلب منا ذلك في مقابل أن نكون ناجحين اقتصادياً وتنموياً، وقد أبرزت الجانب الاقتصادي في دبي من خلال رسالة الدكتوراه التي حصلت عليها، لأن لدبي ميزة تنافسية وركزت على المتغيرات. واليوم لا تزال دبي بكل من فيها، تواصل العمل والبناء والتطور، والكل يعمل من أجل أن يكون مميزاً، خاصة أن هناك سياسات واستراتيجيات تعمل عليها الحكومة، وقد أثرت في حياة الفرد، فما عاد كل إنسان يقبل أن يكون مجرد مشارك، وإنما أن يعمل كي يكون الأول في مهمة النجاح في أي مكان يوضع فيه، ورغم أن غالبية أبناء دبي قد انتقلوا إلى أماكن جديدة ومناطق أكثر رفاهية، إلا أن أحد منا لم ينس أين ولد ولا فضل المنطقة التي تربى وكبر فيها، حيث نعود لها ليس لأجل التذكر، ولكن لنعيش ولو دقائق من شيء ما يلح علينا أن نكون هناك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©