الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاتحاد الأوروبي يسعى لتقليل النفوذ الروسي على أسعار الغاز

الاتحاد الأوروبي يسعى لتقليل النفوذ الروسي على أسعار الغاز
24 يناير 2014 21:32
حين قامت جازبروم عملاقة الغاز الوطنية الروسية بقطع الإمدادات عن أوكرانيا في عام 2009 بسبب نزاع على مستحقات مالية متأخرة، عانت آنذاك دول أوروبية أخرى، تمدها جازبرون بالغاز اللازم لتدفئة المنازل وتزويد الأفران الصناعية وتغذية محطات الكهرباء عن طريق خط أنابيب عبر أوكرانيا. ومنذئذ تسعى مؤسسات المنافع العامة والهيئات المنظمة الأوروبية إلى تقليص قوّة الشركة الروسية في السوق. ورغم أنها ربما تبدو في سبيلها إلى كسب المعركة إلا أنه لا يزال لدى جازبروم أوراق تلعب بها لكسب عملائها. تكمن المشكلة في طريقة تحديد سعر الغاز. وتحرص جازبروم على استمرار عملائها الأوروبيين في شراء غاز غال بعقود طويلة الأجل تستمر أحياناً لعقود بأسعار مرتبطة بسعر النفط. وتحقق جازبروم ربحاً جيداً من أولئك العملاء نظراً لارتفاع سعر النفط بينما تنتج الغاز من حقول ضخمة كانت قد طورت إبان العهد السوفييتي، ومع ذلك يجري حالياً تداول جزء كبير ومتزايد من الغاز الأوروبي في أسواق البيع المباشر بأسعار أدنى يحددها العرض والطلب. حين كان الغاز في بادئ الأمر يباع دولياً في ستينيات القرن الماضي لم تكن هناك سوق تحدد سعره. ومنذ استعماله كبديل عن النفط في التدفئة وتوليد الكهرباء بدا من المنطقي ربط سعره بسعر النفط. وكان من المنطقي أيضاً إبرام عقود طويلة الأجل. وكان بناء خطوط أنابيب من سيبيريا إلى أوروبا على سبيل المثال مكلفاً. وكان المنتجون يريدون التأكد من استرداد استثماراتهم بقدر ما كان المشترون سعداء بتأمين الإمدادات. الغاز الصخري ثم بدأت المشاكل، وتضررت أخيرت أسواق الغاز الأوروبية سواء بالركود أو بطفرة الغاز الصخري الأميركية. وابتداءً من عام 2008 تقريباً بدأ تصدير الغاز الطبيعي المسال القطري، الذي كان حينذاك موجهاً إلى الولايات المتحدة، إلى أوروبا لينضم إلى سوق البيع المباشر الصغيرة بالقارة. هذا بينما زادت أسعار النفط تدريجياً من مطلع عام 2009، الأمر الذي رفع سعر الغاز المرتبطة بالنفط وخفض الطلب على الغاز. كل ذلك أحدث فجوة كبيرة بين السعر النقدي المباشر والسعر المرتبط بسعر النفط الذي تطلبه جازبروم وستاتويل النرويجية وغيرهما من كبريات الشركات الوطنية الموردة. وتضرر بائعو الغاز بالجملة ومؤسسات المنافع العامة المرتبطون بعقود طويلة الأجل من المنافسين الأصغر الذين يشترون من سوق البيع المباشر. وكانت المعاناة كبيرة. حيث خسر عملاء جازبروم مليارات الدولارات وكانوا على وشك الدمار. والتمس البعض الرأفة. ففي عام 2010 تردد أن جازبروم وستاتويل أدخلا شيئاً من تسعير البيع المباشر في عقودهما. وطالب بعض المشترين بتشكيل لجان تحكيم محايدة وفق أحكام العقود التي أبرموها. وفي عام 2012 توصلت آي أون الألمانية وشركة الكهرباء الوطنية البولندية إلى تسوية مع جازبروم. وأيد المحكمون آر دبليو إي مؤسسة المنافع العمومية الألمانية الأخرى، مؤكدين لزوم قيام جازبروم بإعادة صياغة عقودها لأخذ أسعار التسليم المباشر في الاعتبار وتعويض آر دبليو إي. وفي شهر نوفمبر من ذات العام قالت شركة أديسون الإيطالية إنها ستلجأ أيضاً إلى التحكيم. ممارسات احتكارية كما تدخلت المفوضية الأوروبية - ففي سبتمبر 2012 بدأت المفوضية التحقيق في شبهة ممارسات احتكارية لتحدد ما إن كانت جازبروم تعيق تدفق الغاز بلا قيود عبر الاتحاد الأوروبي، على نحو يعرقل الموردين المنافسين في الدول الأعضاء بوسط وشرق أوروبا ويفرض أسعاراً غير عادلة من خلال الرجوع إلى مؤشرات أسعار النفط. وأنكرت جازبروم الاتهامات. ومع ذلك آثار التحقيق قلق الشركة بسبب أن أوروبا تشكل 40% من عائداتها. وتردد مؤخراً أن جازبروم توشك على الاتفاق على تسوية في هذا الشأن زادت نسبة غاز أوروبا المتداول في سوق البيع النقدي المباشر من 15% عام 2008 إلى 44% عام 2012. والآن بلغت أكثر من النصف، وفي شمال غربي أوروبا تبلغ حوالي 70%. وتأقلمت ستاتويل مع هذا التحول، لتبيع قرابة نصف غازها بأسعار مرتبطة بسوق البيع النقدي المباشرة الأمر الذي أضعف مركز جازبروم. ذلك أن أسعار غاز عقودها لم تزد سوى بنسبة 5 - 6% على الأسعار الفورية في النصف الأول من عام 2013 مقابل 70% عام 2009. وأرجع محللون ذلك إلى ما تقدمه الشركات من تنازلات وحسومات، وإلى تزايد الأسعار الفورية المباشرة في السنوات القليلة الماضية. وتسعى جازبروم إلى التأقلم مع الأوضاع الجديدة. ورغم تأكيد رؤسائها على استمرار الارتباط بأسعار النفط، إلا أنها تبيع بعض الغاز بالفعل في الأسواق المباشرة، كما تقوم بتوسيع عملياتها عالمياً. غير أنه لم يحن الوقت بعد لتعلن أوروبا فوزها إذ أنها زادت مشترياتها من جازبروم ولم تنقص. وفي عام 2013 توقعت الشركة تصدير 160 مليار متر مكعب غاز إلى أوروبا وهو القدر الأكبر منذ عام 2008. وفي مقدورها تصدير 90 مليار متر مكعب أخرى. وقال هوارد روجرز من معهد اكسفورد لدراسات الطاقة، إنه في مقدور جازبروم، من خلال ضمان استمرارها مورداً هامشياً لأوروبا، التأثير على أسعار التسليم المباشر. مسار بديل ذلك أن لدى جازبروم خطوط الأنابيب والغاز. والصراع بين روسيا والاتحاد الأوروبي على النفوذ السياسي في أوكرانيا يعكس جزئياً أهمية الدولة لكلا الطرفين كممر للغاز الروسي. غير أن جازبروم بدأت على ما يبدو العمل في مسار بديل هو المسار الجنوبي لخط أنابيب تكلفته 38 مليار دولار سعته 63 مليار متر مكعب يمر عبر الممر الجنوبي متجاوزاً أوكرانيا عبر البحر الأسود. وقال محللون إن خط أنابيب الغاز الشمال أوروبي الواقع أسفل بحر البلطيق يكفل لجازبروم من السعة ما يزيد على ما تتطلبه عقودها طويلة الأجل الجارية. كما أن للشركة خططاً لزيادة التخزين في أوروبا على نحو يتيح لها سرعة تصدير الغاز إلى السوق. ستظل جازبروم تصدر كثيراً من الغاز في عقود طويلة الأجل، ورغم أنها ستكون مرتكزة على سعر تسليم الغاز نقداً لا على سعر النفط إلا أن وضعها كمورد هامشي لأوروبا سيمنحها نفوذاً على الأسعار الفورية، وبالتالي على ما يدفعه عملاؤها. وربما يكون لجازبروم رأي في أسعار الغاز الأوروبية لسنوات قادمة. وقال محللون إن صانعي سياسات الاتحاد الأوروبي المهتمين بمصادر الطاقة المتجددة رغم استخدامهم كثيراً من الفحم، لم يعطوا الغاز الاهتمام الذي يستحقه. وتبدو مساعيهم لتحرير أسواق الغاز جيدة على الورق، ولكن التنفيذ شديد البطء. ذلك أن الاهتمام بتشجيع إمدادات غاز بديلة تضاءل. كما تراجع دعم خط أنابيب نابكو الذي كان من المخطط أن ينقل الغاز من آسيا الوسطى إلى أوروبا. وفي شهر ديسمبر الماضي تم تخصيص استثمارات لخط أنابيب أصغر كثيراً مقترح من اتحاد شركات منافس لتصدير الغاز من أذربيجان. وبالنظر إلى سعته الصغيرة فمن غير المرجح أن يشجع تطوير إمدادات من العراق والمنطقة الكردية وتركمانستان. وتشجع السياسات الأوروبية فيما يبدو التحول إلى أسعار التسليم المباشر النقدية والانتظار إلى أن تبدأ منافسة جازبروم. ذلك أن الأسعار المرتفعة ستشجع مزيداً من عرض الإمدادات، ولكن ذلك سيستغرق وقتاً، كما أن الأسواق الأكثر استقراراً ستعمل أيضاً على تقليل مخاطرات المشترين. عن «ذي ايكونوميست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©