السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصين تبحث عن المعادن خارج أراضيها

الصين تبحث عن المعادن خارج أراضيها
24 يناير 2014 21:31
بدأت عشرات من شركات التعدين الوطنية الصغيرة الصينية تتوسع خارج الصين ضمن مساعيها الحثيثة إلى تأمين مواردها، وكانت كبريات شركات التنقيب عن المعادن الصينية في العقد الماضي قد نجحت في اقتناص ملكية وحقوق استغلال مناجم في أنحاء العالم، دعماً لاقتصاد هو الآن ثاني أكبر اقتصادات العالم. وفي الوقت الذي كانت تجري فيه صفقات استحواذ كبرى مدوية مثل استثمار تشاينالكو في ريو تنتو عام 2008 كانت الشركات الجيولوجية الصينية الأصغر (التي تسمى مكاتب) تبحث أيضاً، ولكن في هدوء عن فرص استثمار في كافة المناطق في العالم من أستراليا إلى نيفادا بالولايات المتحدة إلى الكونغو وراهنت على قطاعات استكشاف صغيرة نسبياً أملاً في أن تدر يوماً ما مكاسب كبرى. وقال طوني وانج التنفيذي في شركة الشمال الغربي للتعدين والجيولوجيا التي تعد إحدى الشركات (المكاتب) الصينية الوطنية الصغيرة التي تعمل في أستراليا وأميركا الشمالية: «لا توجد موارد كثيرة في الصين إذا أمعنا النظر إلى الخارطة. فإما إنها أُخذت جميعاً أو أنها واقعة في أماكن يصعب العمل فيها مثل سهل التبت أو زينجيانج. والأفضل هو التوجه إلى خارج الصين». تعتبر الصين أكبر مستورد في العالم لخام الحديد والنحاس ومعظم المعادن الأخرى، ولكن لا يأتي سوى 8% فقط من وارداتها من مناجم مملوكة للصين، بحسب الجمعية الصينية لمناجم المعادن. ولتحقيق هدف بكين في زيادة هذه النسبة، لابد من توجه مزيد من الاستثمارات الصينية إلى مناجم جديدة أكثر مخاطرة وعدم الاكتفاء بالمناجم المتقادمة القائمة بالفعل. ويتحمل الجيولوجيون الصينيون مثلهم مثل صغار العاملين في كافة المناجم أحوالاً صعبة في أماكن قاسية. ويبرز الكتيب الذي أصدرته شركة هيواكان المتمركزة في مدينة تيانجن القريبة من بكين صورة لاثنين وعشرين من الصينيين والأفارقة في الزي الأزرق الموحد تحيط أذرعهم بأكتاف بعضهم البعض أمام مبيتات المناوبة تحت أشعة الشمس الحارقة في السودان. يختلف قطاع التعدين الصيني عن النموذج الغربي الذي في وسع الشركات الكبرى فيه تجميع أموال ضخمة للمشروعات الكبيرة بينما لا يتبقى لصغار الشركات سوى القليل من المشاريع بالغة المخاطرة، أملاً في أن تدر بالمكاسب فيما بعد. وعلى غرار النظام السوفييتي السابق، تنقسم الصناعة الصينية حسب المهمة المطلوبة، حيث تعطى شركات الجيولوجيا الصغيرة مهمة التنقيب عن المناجم ثم تسليمها إلى شركة تعدين وطنية لتطويرها. غير أن الإصلاحات الاقتصادية أضافت شركات تعدين صغيرة خاصة إلى المنظومة وأتاحت لصغريات الشركات تطوير بعض المناجم بأنفسها. ونتيجة لذلك النظام، يعرف معظم شركات التعدين الكبيرة الصينية الكثير عن هندسة المناجم والقليل عن الجيولوجيا وبالتالي تفضل الاستثمار في مشاريع خارج الصين سبق بالفعل تطويرها ومتأهبة للإنتاج. وعلى سبيل المثال تتولى شركة منميتالز الصينية قيادة اتحاد شركات صيني تقدم بعرض استثمار في منجم نحاس لاس بمباس في بيرو تبيعه شركة جلنكور اسكتراتا، والمخطط بدء إنتاجه في عام 2015. وبالمقارنة، تحولت شركات الجيولوجيا الصغيرة إلى شركات تعدين متكاملة رائدة تبحث عن مناجم تستطيع هي ذاتها تطويرها أو بيعها. وقال أحد الجيولوجيين في شركة هواكان التي كان اسمها سابقاً مكتب شمالي الصين للتنقيب الجيولوجي والتي تمتلك قطاعات تعدينية في كندا وأستراليا ومنجم ذهب في السودان: «نحن لا نتقن بالفعل سوى التنقيب». وقال خبراء إن أنجح الشركات الصينية الصغرى هي تلك التي لديها خبرة ليس فقط في التنقيب ولكن أيضاً في تطوير وتشغيل المناجم في الصين، وأضاف الخبراء أن تلك الشركات تستثمر في العالم النامي الذي يوجد به موارد غنية واعدة بأسعار معقولة للمستثمرين المستعدين لتحمل مخاطر القلاقل السياسية. وقال زو شانجو مدير قسم التنقيب في شركة الصين لجيولوجيا المعادن التي تسعى إلى استخدام وضعها ككيان حكومي في بلوغ مناجم أكبر وتفادي المنافسة مع شركات صينية خاصة انتهازية على تراخيص محلية: «تعتبر أفريقيا سوقاً مهمة». تتوجه شركات التعدين الصغيرة الغربية إلى أسواق المال في كندا والمملكة المتحدة وأستراليا لجمع مبالغ صغيرة نسبياً من المال لاستثمارها في مناجم ذات مخاطرة عالية. وانتهجت بعض الشركات الصينية الصغرى ذات هذا النهج. لشركة هواكان مثلاً فرع تابع لها في كندا. غير أن هذه الشركات الصينية الصغرى معتادة على النظام السوفييتي السابق الذي لم يكن يميز بين احتياطيات المعادن الموجودة في باطن الأرض وبين ما يمكن استخراجه من المعادن على نحو مجز تجارياً. في النظام الغربي، لا يجذب منجم ضخم اهتمام المستثمر لو أن تكلفة التعدين تجاوزت سعر الخام السوقي، ويتعين على الشركات المدرجة في أسواق المال الإفصاح عن احتياطياتها وفق معايير محددة لقياس تكلفة الاستخراج. وقال أحد التنفيذيين بشركة تعدين الذهب المسجلة في كندا: «إن الشركات الصينية لا تدرك متطلبات المستثمر الغربية مثل لزوم دراسة جدوى مصرفية». وحذر مايكل كومساروف الخبير في اورندالين انفستمنت للاستشارات الصناعية من أن الافتقار إلى قنوات تمويل رسمية من شأنه إجبار الشركات الصينية على تعليق العمل في بعض المناجم. ولا يزال معظم الشؤون المالية للمكاتب الصينية مشوباً بعدم الوضوح، وهو ما يعود جزئياً إلى أن هذه المكاتب لا ترقى إلى وضعية الشركات، ولكنها تعتبر أقساماً تابعة لوزارة الأراضي والثروات الطبيعية الصينية. وقال تنفيذي في شركة تعدين متمركزة بالمملكة المتحدة إن المكاتب الصينية حالياً في إمكانها أيضاً الحصول على مناجم واعدة، خصوصاً أن صغار المستكشفين الغربيين يواجهون صعوبة في تحصيل التمويل في أسواق متقدمة مثل كندا التي شهدت تراجع عدد طلبات تسجيل الشركات وانخفاض التمويلات الجاري تحصيلها. وقال خبراء إن التمويل عنصر شديد الأهمية، وإن كان للشركات الصينية مجال للحصول على تمويل من الحكومة الصينية، فإن أمامها فرصة حالياً للمضي قدماً في أعمالها، حتى لو تعرضت لبعض المخاطرة. عن «فايننشيال تايمز» ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©