الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإساءة اللفظية.. الأشد تأثيراً على شخصية الطفل

الإساءة اللفظية.. الأشد تأثيراً على شخصية الطفل
30 يوليو 2015 19:40
خورشيد حرفوش (القاهرة) كثير من الآباء والأمهات يمارسون عنفاً لفظياً على أطفالهم دون وعي أو إدراك بعواقبه أو تداعياته السلبية على الأمد القصير أو البعيد، ويصعب تحديد العنف اللفظي الذي يمكن أن يوجه للغير أو للطفل ، بشكل خاص، على وجه الدقة، وذلك لعدم وجود علامات ظاهرة وواضحة للعيان، مثل: علامات، أو كدمات، أو أي من الأشكال الأخرى التي يحدثها العنف البدني مثلاً. وهناك عوامل خطر محددة يمكن أن تبين أن الطفل قد يكون أكثر عرضة لسوء المعاملة العاطفية، مثل وجود تاريخ للعنف اللفظي في الأسرة، أو الحصول على نتائج ضعيفة في المدرسة، أو أن يكون الطفل معزولاً اجتماعياً، أو أن يظهر على الطفل سلوك معاد للمجتمع. كما يثار الجدل كثيراً حول التعريف الدقيق للعنف اللفظي الموجه للطفل، فإنه بكل تأكيد يخضع لعوامل عديدة، منها ثقافة المجتمع، وثقافة الأسرة ودرجة تعليم الوالدين، ونمط التربية السائد، وغير ذلك من متغيرات، لكن الرابطة الطبية الأميركية، والتصنيف العالمي للطب النفسي، يعرف العنف اللفظي بأنه «أي تهديد للطفل، بالكلام أو الصراخ، أو الإساءة المتعمدة، أو التجاهل، واللوم أو التوبيخ أو أي نوع من الكلام الذي يسبب ألماً نفسياً للطفل». العنف الأصعب تؤكد الاختصاصية النفسية موزة المنصوري، أن العنف اللفظي وهو عنف نفسي وعاطفي من حيث التأثير أنه الأصعب والأكثر إيلاماً على نفسية الطفل، مقارنة بالعنف البدني الذي قد يزول بمرور الوقت، وهذا العنف قد يتضمن الشتم والسخرية والإهانة والاستهزاء والهدم للانتماءات الشخصية، والتعذيب أو القتل لحيوان أليف يخص الطفل أو الإفراط في الانتقاد والمطالب المفرطة وغير الملائمة والمنع عن الاتصال مع الآخرين أو الإذلال أو النبذ الدائم، أو حتى تحطيم أو تكسير للعب ودمى الطفل التي تستحوذ مساحة كبيرة من اهتماماته وولعه، كما أن رد فعل ضحايا العنف العاطفي قد يكون بالنأي بأنفسهم عن المسيء إما بتحمل الكلمات المسيئة أو مقاومة المسيء بالتطاول عليه. طفولة وتكمل المنصوري قائلة إن معظم الأطفال الذين يتعرضون لأعمال العنف، سبب لهم ذلك الأمر عقداً نفسية، مما خلق لديهم ردات فعل عكسية، مولداً في أنفسهم حب الجريمة وارتكابها عندما يكبروا، والبعض منهم يقدم على ارتكاب الجرائم برغم صغر سنه، ونجد أن بعض المجرمين من تجاوز عمر الطفولة قد أقدم على ارتكاب جرائم مختلفة بدوافع غالباً ما تكون دفينة نتيجة لما تعرضوا له من أعمال عنف وشدة في طفولتهم، وغالباً ما يكون الهدف أو الغاية من جرائمهم إنما هو التخلص والانتقام لذواتهم. ويظهر العنف النفسي ضد الأطفال جلياً في اختلال نمو شخصية الطفل، وسلوكه اليومي، حيث تؤدي الإساءة العاطفية إلى سلوكيات انعزالية سلبية أو عدائية. وتابعت: تكون النتائج الناجمة عن النقص العاطفي عند الأطفال سريرياً «بالتبول اللاإرادي عند الطفل، ونوبات غضب شديدة، إضافة لبعض السلوكيات الشاذة». فالدراسات التربوية تؤكد أن 80 % من الرضع الذين يتعرضون للإساءة وسوء المعاملة من يعانون أعراض التعلق غير المنظم. خصوصاً إذا كانوا يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، والأعراض الفصامية، ومشاكل أخرى من الاعتداء على الأطفال، فإنهم قد يواجهون صعوبة عند مواجهة أطفالهم الرضع واحتياجات الأطفال الصغار عندما يصبحون أولياء أمور، والتي قد تؤدي بدورها إلى عواقب سلبية على التنمية الاجتماعية والعاطفية لأبنائهم، وعلى الرغم من هذه الصعوبات المحتملة، فإن التدخل النفسي يمكن أن يكون فعالاً، على الأقل في بعض الحالات، في تغيير طرق تفكير الآباء السيئة تجاه أطفالهم الصغار. وحسبما ذكرت فالعنف اللفظي من أشد وأسوأ أنواع الإساءات التي يمكن أن يتعرض لها الطفل في حياته، وكونها تسيء له معنوياً، تتكوّن لديه النزعة العدوانية ضد الغير وضد المجتمع، فالطفل لا يستطيع أن يؤذي أباه أو أمه في صغره، لكنه سيهاجم ويؤذي أطفاله عندما يكبر. سلسلة متكاملة كما أن دراسات كثيرة أثبتت أن الذين يعنفون أولادهم تم تعنيفهم في صغرهم، فالعنف اللفظي سلسلة متكاملة، وكيف ما يربى الطفل سيربي أطفاله أيضاً، وجميع ردود الأفعال المستقبلية من تعامل ونحوه، تنعكس على طريقة تعامله مع الناس بنوع من أنواع الانعكاسات التي تمت في الصغر، فالطفل الذي عاش طفولته إهانة وفشلا، سوف يقتص منها بالثأر على المدى البعيد، تعويضاً لما تعرّض له من تراكمات، وتنفيساً للضغوط الموجودة في داخله وسيصبح حاقداً لا يحب الخير لأحد، لشعوره بالنقص، ولبحثه عن التعويض بالسلطة، أو الانتقام بأي وسيلة خصوصاً من الذي يعده أضعف منه. وتضيف المنصوري «إن الطفل لا يســتوعب معاني الكلمات التي تقال له إلا بعد سن الخامسة، وعندما يعنف أو يوبخ سيعاني من الإحباط وإن استمر سيصاب بالاكتئاب وكراهية الآخرين، ويشعر بالفشل، وتتدهور حالته النفسية حتى يثبت لنفسه وللآخرين أن أهله وذويه هم الفاشلون لأنهم هم المسؤولون عن تربيته وتعليمه، وذلك لأن الطفل لاشعورياً يقلب العنف ضد أهله بطريقة سلبية، وفي سن المراهقة يزداد الأمر سوءاً، كونه سيلجأ إلى الانتقام بحيل وسلوكيات سلبية عديدة، ويجنح إلى التمرد والمعارضة والاحتجاج». علاقة سببية تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن الإهمال والإساءة اللفظية هي الأكثر انتشاراً بين صور الإساءة للأطفال في العالم، وتمثل نسبة 54% من الحالات المؤكدة من العنف ضد الأطفال، مقارنة بنسبة 22% من العنف الجسدي و8% العنف الجنسي، و4% من سوء المعاملة العاطفية، و12% أشكال أخرى من سوء المعاملة. وفي دراسة أجريت في جامعة فلوريدا الأميركية،على العنف اللفظي، تبين أن الناس الذين تعرضوا لأي نوع من أنواع السباب خلال طفولتهم، لديهم أعراض الاكتئاب والقلق أكثر من 1.6 ضعف من أولئك الذين لم يتعرضوا للسباب، ويتضاعف احتمال معاناتهم من اضطرابات القلق أو المزاج أكثر في حياتهم. وفي دراسة أخرى أجريت في جامعة نيو هامبشير، الأميركية أيضاً شملت أكثر من 3000 أسرة اتضح أن 63 % من الآباء أفادوا بحدوث واحدة أو أكثر من حالات العدوان اللفظي تجاه الأطفال في منازلهم. أما في بريطانيا، فقد نشرت مجلة «لانسيت» الطبية مؤخراً، دراسة أشارت إلى أن 10 % من الأطفال يعانون من واحد أو أكثر من مختلف أنواع الاعتداء، بما في ذلك العنف اللفظي أو الجسدي أو الاعتداء الجنسي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©