الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يجب أن نعي واجباتنا قبل لوم الآخرين

يجب أن نعي واجباتنا قبل لوم الآخرين
30 يوليو 2015 19:35
خورشيد حرفوش (القاهرة) مثابرة وعطاء وصبر أم الطفل التوحدي لا تحتاج أسانيد أو براهين أو استدلالات. فقصص ومفردات وتفاصيل ما تبذله من جهد يحتاج إلى وقفات تأمل لاستخلاص كثير من الدروس التي تفيض بالخبرات اليومية بكل تفاصيلها. ولعل حالة «السفر» التي تقترن بموسم الإجازات، تستحق هذه الوقفة. «أم سرور» تروي بعضاً من تجربتها، وتقول «بعض الأطفال الذين لديهم توحد أو غيره من الاضطرابات السلوكية النمائية قد يمرون بمواقف قاسية هم وأهلهم عند السفر، خاصة بواسطة الطائرة مما يجعلها تجربة مؤلمة نفسياً وجسدياً. لكن لا يجب ألا نلقي كل اللوم على الناس حتى لا نظلم أحد، إذ يجب أولاً أن نؤدي نحن ما علينا من واجبات قبل أن نلوم الآخرين». أول ساعتين تقول «أم سرور» «عندما كان ابني سرور في الرابعة من العمر بدأت أتعرض لمواقف مشابه إلى حد ما في إحدى رحلاتنا من سنغافورة إلى الإمارات، الرحلة طويلة، رأينا فيها طيلة الرحلة «النجوم في عز الظهر» بسبب صراخ سرور وبكاءه المستمر، مما جعلني أعتقد أن الركاب والطاقم سيفتحون باب الطائرة، ويلقون بنا خارجها!». زوجي كان رافضاً تماماً أن يبدي أي اعتذار أو توضيح لتصرفات طفلنا رغم أنني توسلت إليه أن يفعل ذلك، وبعد معاناة سمع كلامي، وقام بتوضيح حالة الطفل للطاقم والركاب حولنا، والحمد لله تبدل الوضع، وتبدلت النظرات والكلمات وأبدى الجميع تفهم وتعاون وتعاطف ودعم وتطايرت الدعوات الجميلة من حولنا، إلى أن تعب سرور من كثرة البكاء وهدأ واستكان خلال الساعات الأربع الباقية من الرحلة. كان أول درس تعلمناه من هذه التجربة هو ضرورة مراعاة مشاعر الناس وحقوقهم، وإظهار ذلك قدر الإمكان والتوعية والتعريف بحالة الطفل من البداية، وعدم الانتظار حتى تسوء النفوس ويتأذى الآخرون، فإذا أردنا من الناس أن يتعاونوا معنا، فيجب أولاً أن نبذل كل جهد للتحضير والترتيب والتهيئة، وكل ذلك الجهد يصب في مصلحة الأم والطفل ويدل على وعي راقٍ بالحقوق والواجبات، وحقوق طفلي، وحقوق الجميع من حولي. ترتيبات وتحضيرات تعود «أم سرور» وتذكر غيرها، وتحاول تلخيص ترتيبات وتحضيرات سفر الأسرة وتنصح الأم التي تعيش نفس تجربتها، وتقول: «تعلمنا من تلك التجربة الكثير، وقرأت كثيراً عن التوحد، وشاهدت كثيراً من الأفلام التثقيفية، وعرفت الأسرة أنه من الأهمية ترتيب جدول نوم الطفل بما يتناسب مع توقيت الرحلة، بحيث نحرص قدر الإمكان على أن يكون في حالة نعاس قبل الرحلة مباشرة بمجرد الدخول للطائرة أو السيارة. كما يجب أن نحـــرص على توعية وتهيئــــة وتدريب الطفل على إجراءات الســفر بفترة كافية، بحيث ينتظرها بشغف، ويدرك قدر الإمكان ما هو مطلوب منه. وهذه الخطوة تتم من خلال عده إجراءات وتدريبات مثل الصور المعبرة والقصص الاجتماعية وتمثيل الأدوار والألعاب ذات العلاقة، ومقاطع الفيديو المعبرة عن الأماكن والأحداث بطريقة مبسطة وشيقة للطفل، ومع تكرار كل ذلك يبدأ الطفل تدريجياً في إدراك ملابسات السفر، ومراحله، ومعنى ركوب الطائرة، وإجراءات التفتيش وتسليم واستلام الحقائب إلخ. ونحاول أن نجعله يشارك في بعض تلك الخطوات الروتينية، مثل تسليم موظفي الحجز بطاقات الصعود للطائرة، أو وضع الحقائب على المجرى الإلكتروني للتفتيش إلخ». خطوات تكمل «أم سرور»: «لقد بدأت خطة مكونة من أهداف ومراحل، وكنت أطبع صور إجراءات ركوب الطائرة وأضعها في قصص اجتماعية شيقة أحكيها له عدة مرات كل يوم، ونشاهد مقاطع الفيديو على يوتيوب سواء من برامج أو أفلام تظهر فيها إجراءات السفر وركوب الطائرة، واعتمدت على «التمثيل أو النمذجة»، حيث كنت أستعين بإخوته نضع الكراسي بشكل مقاعد الطائرة، ونمثل كل الخطوات مع المضيفة، وموظف الحجز، وموظف الأمن وحتى إجراءات التفتيش، ووضع الحقائب والمرور بجهاز الكشف عن المعادن وخلع الجاكيت والحذاء، والجلوس في الطائرة وربط الحزام واتباع إجراءات الأمن والسلامة وحسن التصرف في السفر، والتعامل مع الطاقم واستخدام الحمام بالدور وطلب الوجبات.. إلخ». هوايات مفضلة تؤكد «أم سرور» أنه من الأهمية أن نعطي الطفل نشاطا أو شيئا يحبه حتى ينشغل به خلال السفر، مثل لعبة مناسبة أو آي باد أو جهاز DVD صغير متنقل يشاهد عليه أفلاما أو ألعابا مفضلة أو دفترا وألوانا للرسم إذا كان يحب ذاك. ومن الأهمية أيضا التواصل مسبقاً مع شركة الطيران والمطار للتعريف بحالة الطفل وإظهار التقارير التي تثبت وضعه الخاص والاستفسار عن أي ترتيبات خاصة يمكن أن تساعد الطفل وأهله لتكون تجربة السفر مريحة للجميع. ومن الممكن الاستعانة بالطبيب كي يصف للطفل العقار المهدئ حتى يساعده على الاسترخاء خلال الرحلة حفاظاً على سلامته، سواء كان السفر عن طريق الطائرة أو السيارة أو غيرها».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©