الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القرن الأفريقي... خطة إثيوبية لاحتواء الجفاف

القرن الأفريقي... خطة إثيوبية لاحتواء الجفاف
2 أغسطس 2011 23:34
في المناطق القاحلة الواقعة شرق إثيوبيا، تعتبر الماشية هي مصدر الثروة الوحيد للعديد من السكان. ويقوم الرعاة في تلك المناطق بعبور مساحات شاسعة من الأراضي باحثين عن الماء والعشب لقطعانهم، مقيمين معسكرات يعيشون فيها، في المناطق التي يتوافر فيها هذان المصدران الرئيسيان لتربية الماشية. أما عندما يقل سقوط الأمطار، فإن الحياة في تلك المناطق تتحول إلى صراع من أجل البقاء. وفي الوقت الذي تتسابق فيه منظمات الإغاثة الدولية من أجل إطعام ما يقرب من 11.5 مليون جائع يعانون ما يوصف بأنه أسوأ موجة جفاف تضرب القرن الأفريقي خلال الستين عاماً الأخيرة، تعكف الحكومة الإثيوبية على تفعيل برنامج لإعادة التوطين تأمل أن يصبح هو الحل الطويل الأمد لمشكلة قائمة منذ زمن طويل. وتسعى أثيوبيا من خلال البرنامج المذكور إلى تجميع الرعاة شبه الرحل في مناطق استيطان دائمة، منهية بذلك نمط حياتهم القائم على التنقل، الذي اعتمدوا عليه في عيشهم لقرون طويلة. الخطة الإثيوبية الجديدة لها شبيه في الماضي، وذلك عندما قام الكولونيل مانجستو هيلا ماريم رئيس البلاد بإجبار سكان المناطق المرتفعة على الهبوط للعيش في الأماكن المنخفضة الخصبة الواقعة على مسافات بعيدة، ما أدى إلى مصرع عشرات الآلاف في الطريق أو في أراضيهم الجديدة التي لم يكونوا متعودين على نمط العيش فيها. ووجه الاختلاف بين الحالتين هو أن الحكومة تقول هذه المرة إن عملية إعادة التوطين ستكون اختيارية وستتم في أماكن قريبة في نفس الأقاليم التي يقيم فيها الرعاة في الوقت الراهن، ولن تتخذ شكل خروج جماعي لمناطق نائية كما حدث في الثمانينيات. وفي المناطق الشرقية من إثيوبيا التي يسكنها 1.5 مليون صومالي من إجمالي سكان المنطقة البالغ 5 ملايين يعانون جميعاً من آثار الجفاف، ويحتاجون إلى المساعدات الغذائية، تتمثل الفكرة الأساسية في الخطط الإثيوبية في إنشاء قرى جديدة بالقرب من الأنهار، وبناء شبكات ري، وعيادات صحية، ومدارس. وترى الحكومة الإثيوبية في ذلك الإجراء طريقة لإنقاذ الحياة، ولمساعدة الرعاة على الاستفادة من النمو الإثيوبي المرتفع الذي تجاوز معدله العشرة في المئة. وقال مسؤول بالبنك الدولي إن المشروع الإثيوبي الهادف لإعادة توطين الرعاة سوف يحصل على 500 مليون دولار من البنك، وذلك من أجل بناء" منظومة مرنة طويلة الأمد قادرة على التكيف مع أحوال الجفاف" في المنطقة. وقال "ميتيكيو كاسا" وزير الزراعة الإثيوبي"الحل بالنسبة للرعاة على وجه الخصوص هو ما يطلق عليه التدخل التنموي" ويوضح"كاسا" المقصود بذلك بقوله" التدخل التنموي هو التنمية التي تعتمد على الماء بشكل مركزي ومما سيساعد على تنفيذ تلك الخطة هو أن معظم الأراضي التي سيتم نقل الرعاة إليها هي مناطق تتوافر بها مياه سطحية، كما تكثر الأنهار بالقرب منها". أما في المناطق الجافة التي يعيش بها الصوماليون والعفاريون (أبناء قبائل عفار)، تخطط الحكومة لإعادة توطين 500 ألف شخص في كل منطقة. أما في الولايات الغربية من البلاد خصوصاً في جامبيلا، وبينيشانجول ـ جوموز،فسوف يتم العمل على نقل 450 ألف شخص إليها. يقول "يوجين أوسو" منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في إثيوبيا:"إن إدامة نمط الحياة الرعوي أمر يزداد صعوبة على الدوام، ولذلك فإن الرعاة بحاجة إلى البحث عن حلول تنموية بديلة". ومع أن الدولة المانحة تباطأت في دعم البرنامج، لكن "أوسو" يقول إنه ليس لديه أي شك في أن البرنامج سيؤدي إلى تغييرات واسعة النطاق في المجتمعات المحلية، التي تجاهد للعيش وسط ظروف صعبة بشرط إنجازه على النحو المطلوب. ولكن بعض النشطاء يقولون إن البرامج التي تشرف عليها الحكومات المحلية، سوف تكون قسرية وتحرم الناس من أراضيهم التي توارثوها أباً عن جد. وهناك آخرون يقولون إن منح رعاة إثيوبيا الذين يبلغ عددهم 9 ملايين نسمة خدمات من دون تعريض أنماط حياتهم التقليدية للخطر يمثل حلاً أفضل. ويقول"هولي ويلكوم رادايس" الخبير المتخصص في برنامج" أنشطة كسب الرزق في إثيوبيا" التابع لمؤسسة "أنقذوا الطفل" البريطانية، إن الرعاة في إثيوبيا مشهورون بقدرتهم على تحمل الظروف الجوية القاسية، وفي رأيي أن عاداتهم وتقاليدهم يجب أن يتم دعمها لا تغييرها".ويزيد الأمر توضيحاً بقوله" تاريخياً اشتهر الرعاة الإثيوبيون بقدرتهم الكبيرة على التأقلم على العيش في الأماكن التي تسودها ظروف جوية قاسية. ولذلك فإنه على رغم صحة ما تقوم به الحكومة من توفير الخدمات العامة، وخدمات الهاتف النقال والإنترنت لتلك المجتمعات، إلا أن إجراء عمليات تحويل واسعة النشاط لهم ليس بالأمر الحكيم" فتلك البيئات في نظره" هي بيئات غير قادرة على إدامة أعداد كبيرة من السكان المستقرين في أماكنهم وإنما هي تصلح فقط لإدامة نمط حياة الرعاة". ويرى "راديس" أن الحل الأنسب هو العمل مع المجتمعات المهمشة تاريخياً، والعمل على استرداد المراعي وزيادة القدرة الحركية الحيوية للرعاة، التي تأثرت بملكيات الأراضي الخاصة، والحدود، والصراعات. ويوضح ذلك بقوله:" يجب علينا أن نفهم ما الذي يسبب الكارثة. إنه ليس فقط عدم كفاية الأمطار وإنما هو شيء يتعلق بعجز السكان عن الوصول إلى الخدمات الأساسية، وعجزهم عن أن يكون لهم صوت سياسي معبر عنهم في ذات الوقت" لكن ربما لا يكون ذلك هو ما تريده إثيوبيا. هذا ما يوضحه "أسيفا تاودروس" منسق مشروع تطوير المجتمعات الرعوية التابع للدولة الذي يقول" في المدى الطويل تريد الحكومة دعم الرعاة على الاستقرار على مناطق تقع على ضفاف الأنهار الرئيسية، فهذا في رأيي هو الخيار الوحيد إذا ما أخذنا في اعتبارنا تدهور نوعية الأراضي، والصراعات، والتغيرات المناخية وارتفاع أعداد السكان، لأن المناطق الداخلية كبيرة للغاية وهو ما قد يؤثر على قدرة الحكومة على توفير الخدمات للرعاية الموزعين على مناطق شاسعة". ويليام ديفيدسون - أديس أبابا - إثيوبيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©