الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهرجان القرية التراثية يستعيد ماضي الأجداد ويعكس الهوية الوطنية

مهرجان القرية التراثية يستعيد ماضي الأجداد ويعكس الهوية الوطنية
22 يناير 2012
مجدداً أطلت علينا أبوظبي بواحد من مهرجاناتها المتميزة التي صار صداها يتردد شرقاً وغرباً، وتستقطب الكثيرين من كل حدب وصوب، وكان آخرها المهرجان التراثي، الذي أقيم أمس الأول في القرية التراثية بمنطقة الكاسر على كورنيش أبوظبي ونظمه نادي تراث الإمارات تحت رعاية سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة رئيس نادي تراث الإمارات. انطلق المهرجان في تمام الساعة الرابعة ، وسط حضور جماهيري كثيف، زاد من تفاعله مع المهرجان وإقباله عليه الطقس الشتوي البديع الذي يلف العاصمة الإماراتية هذه الأيام، والذي يجعل من التجوال فيها أو المشاركة في أي من فعالياتها متعة نفسية وبصرية نادرة التكرار بين عواصم العالم التي كثيراً ما تضج بالزحام والضوضاء، عكس ما هو عليه حال عاصمتنا الجميلة الوادعة. مأكولات تراثية لدى دخولك القرية ترنو إلى مسامعك أصوات موسيقية خالصة نابعة من أعماق التراث المحلي ممثلة في فرق الحربية والعيالة التي اتخذت من الجهة اليمنى في القرية مسرحاً لعرض فنون التراث الشعبي الغنائي الإماراتي، تابعهم العشرات جلوساً إلى المقاعد المواجهة لساحة العرض، ولكن قبل ذلك لابد وأن تذهب عيناك إلى خيمة تعرض لمأكولات تراثية إماراتية وقد اصطف الزوار أمامها ليأخذ كل منهم نصيبه من واجب الضيافة الذي اشتهر به أهل الإمارات. إلى جوار عروض الموسيقى والغناء نجد عدة نماذج للبيوت التي كان يعيش فيها أهل الإمارات قديماً وأكثر ما يلفت النظر بينها ما يعرف بـ “بيت اليواني”، وهو بيت من الخيش كان يستخدمه أبناء البادية في المقيض “فصل الشتاء”، ويضاف إليه من أعلى أغصان شجرة التمام أو السبط، ويتم إحاطته من الجوانب بأغصان من شجرة المرخ للمحافظة على درجة حرارة معتدلة بداخله. وعلى مقربة من بيت اليواني، التف مجموعة من العائلات وأطفالهم حول الخيل والجمال، وأخذوا في التقاط صوراً تذكارية، وهم في حالة من الاندهاش والسرور للكرم الذي يتم التعامل به معهم من جانب كل العاملين داخل القرية وحرصهم على رسم السعادة على وجوه كل الزائرين، وإظهار الوجه الأصيل للتراث الإماراتي في أرقى صوره، من خلال الحفاوة البالغة لكل من شارك أهل العاصمة الإماراتية مهرجانهم التراثي الذي زين منطقة الكورنيش أول أمس الجمعة. وبعد الانتهاء من الوجبة الموسيقية الشعبية والتراثية، والتقاط الصور مع الخيل والجمال، يلتقي الزائر مع وجه آخر للضيافة، عبر خيمة مخصصة لتقديم فطائر ومأكولات إماراتية، شهدت إقبالاً من الجميع كباراً وصغاراً على السواء، عبر منطقة السوق الشعبي الذي يعرض نماذج من كافة أشكال التراث والحرف الإماراتية التقليدية التي يتم صنعها على هذه الأرض منذ مئات السنين. «الصحراء تنبض بالحياة» وننتقل إلى الجهة الشمالية حيث موعدنا مع أجمل ما يمكن أن تقع عليه عيناك في البيئة الإماراتية وذلك عبر معرض الصور الذي أقامته وحدة البحوث البيئية في نادي تراث الإمارات، والذي حمل اسم “الصحراء تنبض بالحياة”، ويعرض لمجموعة من صور الحيوانات والنباتات من البيئة الإماراتية ومنها صورة تمثل آكل النحل، وهو أحد الطيور المرتبطة بالبيئة الإماراتية، وهو طائر مهاجر يأتي أرض الإمارات في موسم الهجرة، بالإضافة إلى مجموعة صور لنباتات محلية إماراتية مثل التي تنمو في فصل الشتاء بشكل موسمي اعتماداً على مياه المطر أو المياه الجوفية. عن هذا المعرض قالت زينة باهارون، الباحث البيئي في نادي تراث الإمارات والمشرفة على المعرض، إن الصور الموجودة به يبلغ عددها نحو ثلاثين صورة، تعود جميعاً لمشاركين في مسابقة “بيئتنا بعدسة الكاميرا 2011” والتي أقيمت الصيف الماضي، وشارك فيها مصورون من الإمارات وجميع أنحاء العالم ينتمون لفئات عمرية مختلفة تبدأ من سن 18 عاماً، وهناك صور فازت بجوائز تم عرضها خلال المعرض منها “النخلات الثلاث” والتي تعكس تجذر علاقة الإنسان الإماراتي بالنخلة بوصفها أهم مفردات التراث العرب. ولفتت باهارون إلى أن الصور المعروضة مقسمة إلى فرعين أولها يبلغ عدده 15 صورة ويعكس النباتات الإماراتية، والخمسة عشرة الأخرى تعكس صور الحيوانات التي تعيش في بيئة الإمارات. وساهم في هذا المعرض ستة عشر مصوراً إماراتياً و 9 من جنسيات مختلفة، تشاركوا جميعاً في رسم صورة جميلة عبر عدساتهم عن بيئة الصحراء الإماراتية بكل مفرداتها. في هذا السياق أكدت باهارون على أن هذا المعرض يعد دليلاً حياً على أن بيئة الإمارات خاصة الصحراوية، ليست بيئة ميتة، بل بيئة حية وتضم حيوانات ونباتات وتنوعا بيئياً ملحوظاً لا يستند إلى الكثرة بقدر ما يعتمد على التفرد والندرة. وأشارت إلى أن هذا المعرض يحمل رسالة تستهدف الحفاظ على هذا التفرد البيئي للإمارات، وما تجود به أرضها على أهلها، كما يعكس المعرض الجمال البيئي للإمارات من خلال الذاكرة الحية للصور الفوتوغرافية الملتقطة للحيوانات والنباتات ذات الألوان الجميلة، خاصة وأن الصورة صارت أكثر تعبيراً من الكلمة وتعتبر لغة عالمية لا تحتاج إلى شرح أو مجهود في توصيل الرسالة، وهو الذي جعل المعرض يمثل مكاناً متميزاً في القرية، وبالتالي تحقيق إقبال من الجمهور من كافة الجنسيات. وبينت باهارون أن جديد وحدة البحوث البيئية بنادي تراث الإمارات بصفتها الجهة المسؤولة عن هذا المعرض التراثي بامتياز، سيظهر عبر المسابقة القادمة والتي ترتبط بالصور الموجودة بالمعرض، حيث ستحمل المسابقة التي تنظمها وحدة البحوث البيئية، نفس الاسم” بيئتنا بعدسة الكاميرا” ولكن سيكون التركيز كله على الزهور والطيور الصحراوية، وهي واحدة من ثلاث مسابقات تنظمها وحدة البحوث البيئية بالنادي، وهم “ إبداع من النفايات”، وهي موجهة لطلاب الحلقة الثانية، المسابقة الأخرى بعنوان “إماراتنا والبيئة” وتعني بطلاب المرحلة الثانوية، بالإضافة إلى “ بيئتنا بعدسة الكاميرا”، والتي توجه لكافة الفئات والأعمار والجنسيات. المتحف التراثي وعقب الإبحار في عالم الصور والأنوار والظلال المرتبط بكل ما له صلة بالبيئة والإنسان الإماراتي، نذهب في رحلة عبر الزمن داخل المتحف التراثي الذي يقع قبالة معرض الصور، حيث يزين مدخله أحد المدافع التي كانت تشارك في الزود عن عاصمة أهل الإمارات قديماً، وفي باحة المتحف تلتقي عيناك بمجموعة من المراكب الشراعية التي كان أهل البحر الإماراتيين يستخدمونها في صيد اللؤلؤ والسمك، عبر قرون عديدة قبيل اكتشاف النفط. ثم تبدأ جولة الزوار داخل المتحف باتجاه اليمين مع مجموعة من الصور والأدوات الحرفية، وطرق المعاملات المادية التي كانت سائدة في الماضي وكيف كان يتم حساب اللؤلؤ ودفع القيمة المادية له للغواصين أو صغار التجار، وتطوف أعينهم في رحلة جميلة ومريحة عبر عشرات الصور والرموز التراثية التي استخدمها وتعايش معها الإماراتيون عبر السنين، ليمهدوا لظهور دولتهم العصرية قوية وعزيزة بين الأمم. وبعد الخروج من المتحف لابد وأن تأخذك قدماك إلى سوق الحرف اليدوية المقام داخل القرية والذي يحاكي الأسواق القديمة التي كانت قائمة في الإمارات، وكانت عماد الحياة الصناعية والاقتصادية آنذاك، وهناك محال عديدة في هذا السوق منها ما يختص بصناعة الجلود، الزجاج، الفخار، المراكب، الخناجر والسيوف، السجاد، البشوت.. وهذه المنتجات التي تنفذ بشكل يدوي محاكي تماماً لما كان يقوم به الأقدمون يتم عرضها وبيعها في المعرض الذي يقع في نهاية السوق والمخصص لبيع منتجات سوق الحرف اليدوية. أما البراجيل، وهي طريقة تكييف الهواء في العصور القديمة، وكذلك اللقيمات بوصفها أشهر المأكولات التراثية الإماراتية وأكثرها تداولاً، فقد تم الاحتفاء بهما عبر تخصيص ساحة لهما إلى جوار المتحف تعكس الكيفية التي كان يعيش بها أهل الإمارات مع البيئة الصحراوية قبيل ظهور المكيفات الحديثة، وأيضاً طريقة تقديم حلوى اللقيمات التي تميز المطبخ الإماراتي قديما وحديثاً على حد سواء. وبعد الانتهاء من التجوال داخل القرية التراثية والاستمتاع بكل ما بها من أجواء تراثية وكرنفالية مبهرة، وحين تهم بالخروج، تجد مسؤولي القرية قد أخذوا على عاتقهم فكرة ترسيخ أجمل الذكريات ومفهوم الضيافة والحفاوة الإماراتيين، عبر توزيع أغطية للرأس بشكل مجاني على كل من تطأ قدماه أرض القرية، ممهورة بشعار نادي التراث بصفته الراعي الأول للتراث على أرض دولة الإمارات. ومن ناحيته أكد إبراهيم الحمادي مدير القرية التراثية، أن هذا المهرجان يأتي تنظيمه ضمن أهداف عديدة يسعى نادي تراث الإمارات إلى تحقيقها، وفي مقدمتها نشر التراث الإماراتي والتعريف بكافة مفرداته للزوار والمقيمين، وإبراز دور القرية كمركز ثقافي تراثي سياحي وتعليمي، وتقديم لوحة تراثية إماراتية تذكر الأبناء بماضي الآباء العريق. وعن الخدمات التي قدمتها القرية للجمهور في هذا اليوم التراثي المميز، قال الحمادي إنه تم التواصل مع الجمهور بشكل فعال عبر صفحات الجرائد وغيرها من وسائل الإعلام للتعريف بالمهرجان وتشجيع الجميع على الاستفادة من أجوائه، وشارك في هذه الحملة جميع إدارات النادي منها إدارة القرية التراثية وإدارة الأنشطة والرياضات البحرية وإدارة الإعلام والعلاقات العامة. وأوضح الحمادي أن المهرجان اشتمل على فقرات عديدة منها فرقة الحربية للفنون الشعبية، وكذلك معرض للصور نظمته وحدة البحوث البيئية بالنادي ومشاركة طلاب الألعاب الشعبية، وتقديم عروض الألعاب الشعبية المختلفة ومنها اليولة. ولفت أيضاً إلى الدور المهم للطالبات والعنصر النسائي في المهرجان، عبر تواجد طالبات الفرع النسائي لتقديم عروض تراثية خاصة بهن، فضلاً عن تواجد المدربين التراثيين في البيئة البرية للتعريف بالعادات والتقاليد الإماراتية، وهناك أيضاً عمل أكلات شعبية تراثية من قبل الإمهات المتواجدات في بيوت الشعر وبيت العين “وهو بيت زراعي خاص بأهل الواحات”، وبيت البحر وهو خاص بمن يعملون في البحر على صيد السمك والبحث عن اللؤلؤ. وتابع الحمادي: هناك أمهات يقمن بعرض المشغولات اليدوية التي يتم إنجازها في المشغل النسائي، إلى جانب تفعيل كل مراكز القرية حتى يستطيع الزائر القيام بجولة في السوق الشعبي وسوق الحرفيين وكذلك المتحف. جميع الخدمات مجانية يقول إبراهيم الحمادي مدير القرية التراثية، إن هناك نوعية مميزة من الخدمات التي قدمت للجمهور وهي عرض التراث في مكان يجمع مفردات التراث البري والبحري والزراعي الخاص بدولة الإمارات في مكان واحد داخل القرية التراثية. وتبعاً لتوجيهات إدارة النادي فإن جميع الخدمات مجانية سواء من ناحية دخول القرية أو توزيع الأكلات التراثية. كما أن المهرجان يوفر جوا عائليا أتاح للأسرة قضاء يوم كامل داخل القرية التراثية في مناخ شتوي جميل تتميز به الإمارات خلال هذه الفترة من السنة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©