السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الذهب يكلم الذهب

الذهب يكلم الذهب
14 فبراير 2008 00:22
الأسد والتنين رمزان ظلا مهيمنين على الأشكال الهندسية للمشغولات·· رؤوس الأباريق وقلب السلطانيات ومطارق الأبواب وصناديق الملابس المعطرة بالروائح والمباخر الموشاة بالفضة والقوارير المموهة بالذهب والمزينة بزخارف نافرة ومنقوشة ومخرمة بالتفاصيل المحززة كلها تروي صناعة الفنان الحرفي في عهود الحضارة الإسلامية· ذلك ما كانت تشي به الكنوز الإسلامية لناصر الخليلي وهي تروي حكايتها مع سنين طوال شهدتها، أبصرتها بكل تحولات فصولها· فجائعها، سمو حضارتها، خفوت تلك الحضارة، بزوغها ثانية، كلها تروي حكاياتها العذبة وهي تحدق في وجوه الزائرين لقصر الإمارات في أبوظبي حيث النحاس يحاكي النحاس على جدران القصر والذهب في الأواني يحاكي الذهب في سقوف القصر، والزجاج يحاكي زجاج القصر، والزمن القديم يحاكي الزمن الحديث·· كلها اجتمعت في أروقة القصر الذي بدا لونه الذهبي يرتوي من بريق الشفق المنسرح فوق قبابه الموزعة على الشاطئ البحري المحاذي لمدينة أبوظبي· أقدم قطعة يعود تاريخ أقدم قطعة من المشغولات المعدنية الإسلامية كما هو مرجح الى عام 797 ميلادية وهي بمثابة إبريق للماء صمم على هيئة طير ''محفوظ حالياً في متحف الهيرميتاج في سان بطرسبورج'' صنع هذا الإبريق من النحاس الموشب والمكفت ''المطعم'' بالفضة والذهب وعثر عليه في شمال القفقاس· وللغرابة حقاً ان ما يشغل الصانع الإسلامي هو الطير والأفعى والأسد فما وصفه أحد المبعوثين الدبلوماسيين البيزنطيين 917 م لشجرة من الذهب والفضة وضعت عليها ''طيور ميكانيكية'' صنعت في عهد الخليفة العباسي المعتصم ·932 كما وتذكر المصادر التاريخية تحفاً معدنية في غاية الابداع تعود الى مصر الفاطمية ذلك ايضاً ما وجد في وصف الرحالة ناصر خسرو ''القرن الحادي عشر'' أثناء زيارته للقصر الفاطمي حيث استفاض في وصف عرش الخليفة الذي صنع من الذهب وزين بمشاهد الطيور والصيد والأسود· ومع نزوح الحرفيين من إيران الى الموصل بعد الاجتياح المغولي إبان القرن الثالث عشر بدأت صناعة المشغولات المعدنية الإسلامية في حكم الزنكيين وبخاصة لبدر الدين لؤلؤ ··1259 من الموصل الى مصر وبلاد الشام وغرب إيران وآسيا الصغرى بدأت الحرفة الاسلامية للمشغولات المعدنية تسلم يداً بيد ومما ظل معروفاً بالمشغول ''الموصلي'' حيث تواقيع الصناع ممهورة فوق وجوهها، مقابض الأبواب بأشكال التنين كما جاء وصفها في ''كتاب الحيل أو الجامع بين العلم والعمل'' للجزري في نهاية القرن ·12 الذهب والسلاطين ولأن الذهب هو الأغلى ولأن السلاطين لا تمسك الا الذهب فقد ذهب سليم الأول 1520 وسليمان القانوني 1566 ليتدربا في صياغة الذهب· انطلاقاً من التقليد الشائع في حينه الذي يقول في وجوب ان يتعلم كل سلطان حرفة ما·· كانا معاً قد تدربا·· ثم كانا معاً قد امتلكا العيون التي تبصر الأشياء الجميلة·· حيث التصاميم الزخرفية والجواهر والأحجار الكريمة التي تغطي سطوحها وما بلغ هذا الفن الإسلامي ذروته الا في عهد السلطان مراد الثالث ·1795 كذلك الفخار والخزف الإسلامي كانت ''سامراء'' عاصمة الدولة العباسية 883 معبر ذلك الفن من بلاد الساسانيين الى بلاد الشام فما يعرف بالفخار الأزرق والابيض العراقي وأسلوب الأواني البيضاء المزينة بالطلاء ذي البريق المعدني أحادي اللون أو متعدد الألوان بشكله الإسلامي انما كان نتاج تلاقح الحضارات البيزنطية والبارثية والساسانية والكلاسيكية في حوض البحر المتوسط· أما الأواني ''المبقعة'' أو ''المرشوشة'' فقد ظهرت نتاجاً للحرفيين في حقبة سامراء· ولو نظرنا الى الفخار الإسلامي المبكر الذي صنع في المغرب والأندلس لوجدناه مزيجاً بالألوان حيث دخل بلاد الأندلس خلال القرن العاشر· واخيراً لنقرأ ''القاشاني'' حيث حقبة قاشان الفارسية التي زينت أرضيات المساجد الاسلامية بعنصر زخرفي أكثر جمالاً وتعقيداً حيث استخدم في تغطية طنف ''أفاريز'' وواجهات المباني بما فيها محاريب المساجد· كانت فيها قاشان لفترة طويلة من الزمن مركزاً رئيسياً لانتاج الخزف خلال العصر السلجوفي والعصر المغولي أيضاً وهو ما أكده وجود عدد من القطع يحمل تواقيع بأسماء الخزافين الذين صنعوها والتي تنتهي بلقب ''القاشاني'' كذلك المؤلف الذي كتبه المؤلف ابو القاسم القاشاني وهو من بين الخزافين القاشانيين حيث انتهى من إعداده في ·1301
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©