الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«البنتاجون»: مراجعة دفاعية مخيبة للآمال

6 فبراير 2010 22:43
في كل أربع سنوات تُصدر وزارة الدفاع "المراجعة الدفاعية الرباعية"، وهي عبارة عن رؤية شاملة تحدد الأولويات الدفاعية للبلاد والاستراتيجيات المطلوبة لتحقيقها. والحق أن هذا التقرير مهم دائماً حيث يقدم لمحة حول الكيفية التي تنظر بها وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" إلى العالم وكيف تنوي التقدم إلى الأمام؛ وعلى سبيل المثال، يتذكر الكثيرون تقرير 1996 لأنه أتى بتغيير في الاستراتيجية الدفاعية -من الاستعداد لحرب كبيرة واحدة (إبان الحرب الباردة) إلى الاستعداد لحربين متوسطتي الحجم، في آن واحد. بينما يُنظر إلى تقرير 2006 على نطاق واسع أيضاً باعتباره نهاية لسعي رامسفيلد لتمرير أجندته التي تركز على التكنولوجيا. واليوم، تأتي المراجعة الدفاعية الرباعية 2010 التي أفرج عنها يوم الاثنين؛ فكيف سيتذكر التاريخ هذا التقرير؟ وما هي الرؤية التي رُسمت للجيش، وللأميركيين، وللعالم؟ الواقع أنني قرأتُ التقرير عدة مرات، وما زلت لا أعرف. ولعل أقرب خلاصة أستطيع أن أصل إليها هي كالتالي: إننا نخطط لما نقوم به اليوم، ولكننا سنحاول أن نقوم به على نحو أفضل قليلا. والحقيقة أن إعداد مثل هذا التقرير يمثل تحدياً لوجيستياً ضخماً حيث ساهم في كتابته على مدى عام كامل أكثر من 700 متعاون من مكاتب ووكالات مختلفة من وزارة الدفاع. وهم متعاونون لا يساهمون في التقرير فحسب، وإنما يتنافسون أيضاً، حيث تسعى مجموعات المصالح الخاصة جاهدة لضمان أن تكون رؤاها (وجزء من الميزانية) موجودة في التقرير النهائي. والواقع أن تقرير 2010 لافت لشموليته؛ فهو يعي حجم التحديات التي يتعين على الجيش الأميركي أن يخطط ويستعد لها اليوم، من محاربة حركة تمرد في أفغانستان إلى جهود الإغاثة وتقديم المساعدات لضحايا زلزال هايتي، وكل ذلك بموازاة مع الاستمرار في مراقبة القوى الصاعدة ذات النوايا غير الأكيدة. وقد أحسن معدو التقرير صنعاً حين ألقوا الضوء على بعض المجالات التي يتم المرور عليها عادة مرور الكرام في النقاشات حول السياسة الدفاعية، إذ يشير التقرير على سبيل المثال إلى الحاجة إلى دعم العسكريين وعائلاتهم على نحو أفضل، مع التركيز بشكل خاص على المحاربين المصابين -في ما يمثل وفاء بما كان القائد الأعلى للقوات المسلحة قد قطعه على نفسه خلال الحملة الانتخابية. ومع ذلك وعلى رغم هذا الجهد المهم، إلا أن التقرير يخيب الظن في نقطتين رئيسيتين تتعلق أولاهما بالرؤية. فالعارفون بشؤون واشنطن قد ينصب اهتمامهم على اسم البرنامج الذي تمت الإشارة إليه في التقرير، أو أن فكرة الاستعداد لخوض حربين متوسطتي الحجم قد أُسقطت على نحو ذكي لصالح خيارات أكثر مرونة؛ ولكن المراجعة الرباعية قدمت فرصة أهم بكثير تم تضييعها. ذلك أن أوباما جعل من رؤية إيجابية تستشرف المستقبل بخصوص دور أميركا في العالم جزءاً مركزياً من أهداف سياساته، وكان باستطاعة "البنتاجون" أن يستعمل التقرير للاستفاضة بخصوص هذه الرؤية لأنها تتعلق بالأمن القومي. ولكن بدلا من ذلك، يكتفي تقرير 2010 بتقديم سلسلة من النقاط فقط، وليس رؤية شاملة، مثلما يفترض. والأنكى من ذلك عدم وجود خيط يربط بينها، أو إطار أشمل يُظهر الرحلة التي نحن بصددها، والتحديات التي نواجهها، والأهم من هذا كله، ما الذي يتعين علينا القيام به حتى نصل إلى وجهتنا المقصودة. والواقع أن جزءاً من المشكلة يكمن في غياب التحديد، إذ لا توجد أهداف واضحة ومحددة سوى في بعض مجالات التقرير (مثل المساعدة المقدمة للمحاربين المصابين)، والحال أن التوفر على معايير محددة أمر أساسي ولابد منه حتى يكون لهذا التقرير أي شكل من أشكال القوة الدائمة. ثم إنه إذا كان مجال من المجالات التي نواجه فيها مشاكل مهماً بما يكفي حتى يشار إليه في تقرير السياسة الدفاعية لأميركا، فعلينا حينها أن نضع أهدافاً محددة حقيقية ونلتزم بتحقيقها. ولنتأمل هنا على سبيل المثال مشكلة الطاقة. فالتقرير يخطو الخطوة الجريئة والشجاعة المتمثلة في تحديد المخاطر الأمنية التي ينطوي عليها الاعتماد على الغير بخصوص مصادر الطاقة، كما يجادل بأن تقليص استعمال الطاقة غير المتجددة من قبل وزارة الدفاع أمر لا مفر منه لتعزيز الأمن القومي. ولكنه بالمقابل لا يحدد أية أهداف ولا يضع أية سياسات جديدة لاستيفاء هذه الاحتياجات. فهل ينبغي تقليص استعمال الوقود الأحفوري في الجيش بـ5 في المئة؟ أم بـ10 في المئة مثلا؟ وبحلول أي تاريخ... وكيف؟ والواقع أن هذا الأمر يتكرر في عدد كبير من أجزاء التقرير، حيث تحدد الوثيقة عدداً من الأولويات الأساسية التي ينبغي التحرك بشأنها، مثل طائرة المهمات طويلة المدى، وإصلاح السياسة الخاصة بالموظفين، والحرب الإلكترونية، وقاعدة الصناعة الدفاعية، ولكنه في العديد منها يخطو خطوة إلى الوراء ولا يحدد كيف ومتى وأين ينبغي أن نتصرف بشأنها. والحال أنه بدون رؤية شاملة وبدون أهداف ملموسة لدفع التغيير داخلياً، فإنني أخشى أن يظل العديد من المواضيع المهمة التي وردت في المراجعة الدفاعية الرباعية 2010 في حاجة إلى التحرك بشأنها حين نراجعها بعد أربع سنوات من اليوم. بي. واي. سينجر مدير "مبادرة الدفاع في القرن الحادي والعشرين" بمؤسسة بروكينجز الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©