الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العراق واستحقاقات ما بعد «الانسحاب»

العراق واستحقاقات ما بعد «الانسحاب»
2 أغسطس 2011 00:09
بإعلانه يوم السبت الماضي عن مضاعفة عدد الطائرات المقاتلة التي سيشتريها العراق من الولايات المتحدة تعزيزاً للقوة الجوية للجيش العراقي يكون نوري المالكي، قد أعطى إشارة واضحة لاستمرار التعاون العسكري مع أميركا، وهو ما أكده المالكي في حديث أمام الصحفيين جاء بعد الاجتماع الذي عقده البرلمان العراقي ومُنع على الصحفيين حضوره، حيث قال: "علينا تزويد الجيش العراقي بما يلزمه من طائرات مقاتلة لحماية سيادتنا، ولذا بدلاً من شراء 18 سنطلب 36 طائرة". وكانت حكومة المالكي قد أجلت في وقت سابق خطة شراء 18 طائرة أميركية لتوفير ما يقارب مليار دولار وصرفها على الاحتياجات الغذائية للفقراء استجابة للاستياء الشعبي والاحتجاجات العارمة التي اجتاحت شوارع المدن العراقية تأثراً بما يجري في منطقة الشرق الأوسط التي تعيش هذه الأيام على وقع المظاهرات المطالبة بإسقاط بعض الأنظمة. بيد أن صفقة الأسلحة التي أعلن عنها المالكي ليست الوحيدة التي تشغل بال الحكومة العراقية، إذ تبقى القضية الأهم هي مستقبل القوات الأميركية في العراق وما إذا كانت الحكومة ستوقع على اتفاق يمدد تواجدها. فعندما سئل المالكي خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب اجتماع البرلمان عما إذا كان قد نجح في إقناع المشرعين العراقيين بالموافقة على تمديد عمل القوات الأميركية في العراق امتنع عن الإجابة مباشرة، موضحاً أن بقاء المدربين في العراق لتدريب القوات المسلحة لا يستدعي موافقة المشرعين. بل إن كل ما يستدعيه هو التوقيع على مذكرات تفاهم بين الحكومة والمدربين، مضيفاً إن"وجود المدربين في سياق يقتصر على التدريب فقط لا يستدعي التصويت في البرلمان، فهذا الأخير يكون ضروريّاً فقط عندما يتعلق الأمر بالجنود الأجانب الذين يقومون بعمليات عسكرية". وفي الوقت الذي أعربت فيه الولايات المتحدة عن رغبتها في التفاوض مع الجانب العراقي لإبقاء جزء من قواتها في العراق، أكد المسؤولون الأميركيون من جهتهم أن ذلك سيتم فقط في حال استثناء القوات الأميركية من الملاحقة القضائية، ولكن المسؤولين العراقيين، وبسبب الخلافات السياسية المستحكمة، استبعدوا إمكانية الوصول إلى اتفاق كما فشلوا في حشد الدعم السياسي اللازم للترخيص لبقاء القوات الأميركية، لاسيما في ظل المعارضة الشديدة التي تلاقيها الخطوة من قبل بعض القوى السياسية وعلى رأسها التيار الصدري. وللتخفيف من حدة المعارضة اقترح بقاء مجموعة صغيرة من المستشارين العسكريين والمدربين لتقديم الدعم اللازم للقوات المسلحة العراقية، وهو ما عبر عنه المالكي بقوله: "لقد قدمت تقريراً واضحاً عن ضرورة بقاء بعض المدربين داخل العراق لمساعدة قواتنا المسلحة في الحفاظ على الأمن، فنحن في حاجة إلى هؤلاء المدربين للتدريب على الأسلحة المتطورة التي نشتريها من الخارج". ولكنه أيضاً تطرق أيضاً إلى بعض مساوئ استمرار تواجد القوات الأميركية في العراق والتي تلاقي معارضة بعض القوى السياسية، لاسيما عندما تقوم بعمليات عسكرية تنتهي بقتل عراقيين ودون تنسيق أحياناً مع القوات العراقية. وفي إشارته لهجوم قام بها الجنود الأميركيون بمحافظة ميسان جنوب العراق وأسفر عن مقتل مدنيين قال المالكي: "إن على مسألة الدفاع عن النفس التي يسوقها الأميركيون للقيام بعمليات ألا تتجاوز الحدود، وألا تتم بطريقة منفردة بعيداً عن علم العراقيين والتنسيق معهم". والحقيقة أن قدرة المالكي على تمرير تشريعات وسياسات معينة داخل البرلمان تواجه العديد من الصعوبات بسبب الاختلاف السياسي داخل الائتلاف الحكومي، فبعد مرور سبعة أشهر على تشكيل الحكومة لم تتفق الأطراف السياسية بعد على من سيتولى حقيبتي الدفاع والداخلية، بحيث ظل المنصبان شاغرين منذ تشكيل الحكومة ليستفرد المالكي بالقرارات الأمنية. وأمام صعوبة التوافق على الحقائب الأمنية حذر المالكي يوم السبت الماضي من أنه ما لم يتم التوافق بين الأحزاب والكتل السياسية العراقية فإنه سيلجأ إلى الاختيار الشخصي لوزير الداخلية، كاشفاً نيته تعيين وزير الثقافة، سعدون الدليمي، على رأس الوزارة. وتأتي هذه الخلافات السياسية المزمنة بين النخبة العراقية في وقت تتصاعد فيه الشكوك حول مستقبل الأمن والاستقرار في العراق بعد انسحاب القوات الأميركية نهاية العام الجاري وعدم التوصل إلى اتفاق يمدد بقاء القوات الأميركية، هذا بالإضافة إلى تنامي العنف في الآونة الأخيرة وتعدد الهجمات التي تستهدف الجنود الأميركيين. وفي هذا الإطار كان لافتاً التقرير الأخير للمفتش الأميركي المشرف على عملية إعادة الإعمار في العراق الذي قال فيه إن العراق اليوم أخطر مما كان عليه قبل عام، فقد جاء في تقرير "ستيوارت باوين" الذي رفعه إلى الكونجرس يوم السبت الماضي أن العراق "يبقى مكاناً ينطوي على قدر كبير من الخطورة، وهو في تقديري أقل أمناً مما كان عليه قبل 12 شهراً". ولكن على رغم هذه المشاكل لم يعد العراق على ما يبدو يحظى بالاهتمام الإعلامي الأميركي القادر بدوره على تحريك السياسيين وإقناعهم بمدى استعجال الوضع في العراق بعدما غطت المشاكل الداخلية في أميركا على ما سواها وتحول النزاع السياسي بين الجمهوريين والديمقراطيين حول رفع سقف الدين إلى الموضوع الأول الذي يطغى على الانشغالات الأميركية. جين آراف - بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©