الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحسد من الأمراض الفتاكة بالقلوب

الحسد من الأمراض الفتاكة بالقلوب
1 أغسطس 2011 22:57
الحسد مرض فتاك من أمراض القلب وهو أول ذنب عصي الله تبارك وتعالى به في السماء، وأول ذنب عصى الله عز وجل به في الأرض، فقد عصى إبليس ربه إذ حسد آدم على نعمة الخلق والإيجاد والعلم والإمداد والخلافة، فكان الحسد سبباً في طرد إبليس من الجنة، وكذلك ابني آدم هابيل وقابيل فقد حسد أحدهما الآخر على نعمة أعطاها الله عز وجل إلى أخيه، فقتل قابيل هابيل فاستحق العذاب وكتب عليه الشقاء. من أجل ذلك كان الحسد مذمة في السماء، ورمزه إبليس ومذمة في الأرض، ورمزه قابيل. والحسد هو: انفعال نفس الحاسد عند رؤية شيء حسن يعجبها أو علمها بشيء جميل تتمناه، سواء استطاعت أن تحصل عليه أم لا فتتمنى زوال هذه النعمة عن المنعم عليه. استكثار النعمة وعلى هذا فلا يشترط الإبصار في الحاسد، فمن الممكن أن يكون الحاسد أعمى، وهو أشد فتكاً من المبصر وللحسد حركة (ميكانيكية) في النفس تبدأ بنظرة أو شعور بنعمة، ثم فكرة، فاستعظام للنعمة وجمالها، فمقارنة بينه وبين المنعم عليه، فاستكثار للنعمة على المنعم عليه، ثم اعتراض على القسمة، فتمنى زوالها، فعزم على الإزالة، وتنفيذ وعمل وتوجيه للإشعاع النفسي المدمر تجاه المنعم عليه، فإما أن يصيب، وإما أن يخيب، وما ذلك إلاَّ بقدر العلي القدير. ولذلك أمرنا الله عز وجل بالاستعاذة به من شر الحاسد فقال سبحانه (ومن شر حاسد إذا حسد) “الفلق، 5” هل هناك فرق بين الحسد والغبطة؟ نعم فالحسد هو تمني زوال النعمة عن الآخر مطلقاً، والغبطة هي إرادة بقاء النعمة للمنعم عليه وإرادة أن يحصل الغابط على مثل هذه النعمة، ولذلك كانت الغبطة تنافساً في الخير، كما قال تعالى: “وفي ذلك فليتنافس المتنافسون” (المطففين، 26)، فالحاسد ظالم لا يرضى بقسمة الله تعالى لعباده، وأما الغابط فهو راضٍ بقسمة الرب الخالق، لكنه يروم ويتمنى الخير لنفسه من دون أن يتمنى زواله عن الناس. وقسم العلماء الحساد إلى ثلاثة أقسام الأول: رجل ذو نعمة طيبة، ينظر إلى آخر له نعمة أكبر، فيريد أن يصل إلى هذه النعمة، فيحسده، لأنه لا يستطيع الوصول إليها فهذا حسد الأكفاء أصحاب القدرات من الخواص من الناس، الثاني رجل ليس لديه نعمة، ينظر إلى آخر له نعمة، وهو لا يستطيع أن يدرك مثلها، فيحسده، ويكثر هذا في العامة. الثالث: وهو الأخطر، وهذا النوع لا تقف نفس الحاسد عند نعمة معينة، فهي حاسدة على كل نعمة تراها على الآخر في كل زمان ومكان، سواء كان الحاسد غنياً، أم فقيراً، عالماً كان أم جاهلاً، قادراً أم غير قادر، فهذا أخطر الثلاثة، لأن الأول يحسد على نعمة المقاربة، والثاني على نعمة عدم الوجود، وإما الثالث فيحسد في كل وقت والعياذ بالله تعالى. ويجد الحاسد أعراضاً في نفسه كثيرة، من أهمها: إنه دائم الحزن والشكوى من قلق شديد، واضطراب دائم، وتعب طويل، وكلما رأى نعمة يهيج الألم في نفسه، فهو لا يهدأ أبداً، مثله كمثل رجل في جسده سم، و هذا السم لم يؤثر فيه تأثيراً قوياً فيميته، ولا يتركه يعيش عيشة طبيعية. عدم الرضا ثاني هذه الأعراض التي يجدها الحاسد في نفسه، أنه لا يشعر بلذة ما أنعم الله به عليه، ولا يجد حلاوة ما بين يديه من نعم، لذا فهو دائماً ناقم، غير راض، عصبي المزاج، متوتر ومضطرب، فالحسد يصرف قلبه عن النعمة التي في يده، بالنظر إلى النعم التي لدى الآخر. والعرض الثالث: إن الحاسد يشعر بالوحدة، فهو لا يتمتع بمحبة ورضا الناس، لا سيما إن شاع عنه أمر الحسد. والعرض الرابع: أن الحاسد قد يحسد نفسه، أو ماله، أو عياله، فهو كمن يحمل ناراً، فيغفل عنها فتحرقه. والحسد داء ومرض من أمراض القلوب، فمن وجد في نفسه شيئاً من أعراض الحسد، وأراد أن يعالج نفسه فعليه الاستعانة بالله عز وجل، فالإنسان لا يستطيع أن يعمل شيئاً دون الاستعانة بالله عز وجل، ونحن نقرأ في سورة الفاتحة في كل ركعة (إياك نعبد وإياك نستعين) فلن يستطيع المسلم أن يعبد ربه إلا إذا استعان به جلا وعلا. وأن يقف في مقام التسليم، والرضا، واليقين بأن الله تبارك وتعالى هو موزع الأرزاق قال عز وجل (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا) “الزخرف 32”، وحينما يعلم الإنسان يقيناً أن هذه قسمة الله، يرتاح قلبه، فلا تنفعل نفسه، ولا تضطرب. فلا يجتمع نور الطاعة في نفس واحدة مع ظلام المعصية إذن فليشغل نفسه بطاعة الله تبارك وتعالى حتى لا يترك لها متسعاً للتفكير والانشغال بما لدى الآخرين ومن ألوان الطاعات الصلاة التي جعلها الله تعالى قانوناً يحكم حركة حياتنا بقدر الإنابة قال تعالى: (إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر) “العنكبوت 30”، لأن لقاء الله عز وجل ينير النفس والقلب. الرجوع إلى الله علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إذا رأينا شيئاً أعجبنا أن نقول ما شاء الله قال صلى الله عليه وسلم (من رأى شيئاً فأعجبه قال ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يضره)، وقال: من أنعم الله عليه نعمة فأراد بقاءها فليكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قرأ (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله). فلا بد أن يمتلئ القلب بقضية الرجوع إلى الله تعالى وبأنه سيموت وسيحاسب على ما بدر منه، فإذا كان نصيب الدار الآخرة في قلب الإنسان كبيراً فهذا يمنعه عن اقتراف المعاصي. سمير عبده مطر
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©