الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«التنزيل» اسم لثلاث درجات من نزول الوحي

«التنزيل» اسم لثلاث درجات من نزول الوحي
28 أكتوبر 2010 20:54
«التنزيل» اسم من أسماء القرآن الكريم، له خصوصية وشأن عظيم، ولم يوصف به كتاب آخر، تنزيل من الله سبحانه وتعالى فهو الذي يملك ذلك، ويقول المفسرون: ولأن القرآن تنزيل منه صار اسما للقرآن واستدلوا بقوله تعالى: «وانه لتنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين. على قلبك» - سورة الشعراء 192و194. وقوله سبحانه: «قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقاً لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين» - سورة البقرة 97. وقوله تعالى: «فلا أقسم بمواقع النجوم. وإنه لقسم لو تعلمون عظيم. إنه لقرآن كريم. في كتاب مكنون. لا يمسه إلا المطهرون. تنزيل من رب العالمين» - سورة الواقعة 75 و80. وقالوا إن «التنزيل» يعني أنه أُنزل منجماً، أي مجزءاً، وكل نجم جاء تبعاً لأمر الله تعالى وفي موقعه، وهناك أيضاً اسم «المنزل» يطلق على القرآن في جملته وانه حل في محله وموضعه، كما قال ربنا تبارك وتعالى: «أفغير الله أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً والذين اتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين» - سورة الأنعام 144. وقال أصحاب المنتخب في تفسير هذه الآيات: إن ربك هو المتفرد بالقوة والغلبة، المنعم بالرحمات على المؤمنين، وإن هذا القرآن الذي ذكرت فيه القصص منزل من خالق العالمين، ومالك أمرهم ومربيهم، فخبره صادق، وحكمه نافذ إلى يوم القيامة، نزل به الروح الأمين جبريل عليه السلام على قلبك متمكناً من حفظه وفهمه، مستقراً في قلبك استقراراً لا ينسى، لتنذرهم بما تضمنه من العقوبات للمخالفين، ونزل به جبريل عليه السلام بلغة عربية واضحة المعنى ظاهرة الدلالة في ما يحتاجون إليه لإصلاح شؤون دينهم ودنياهم، وإن ذكر القرآن والإخبار عنه بأنه من عند الله نزل على محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لثابت في كتب الأنبياء السابقين، وقد علم علماء بني إسرائيل بالقرآن، كما جاء في كتبهم وعندهم حجة تدل على صدق النبي-ـصلى الله عليه وسلم ـ ورغم ذلك كفر هؤلاء المعاندون بالقرآن، وقد زعم بعضهم أنهم يعادون النبي ويكفرون بكتابه؛ لأنهم أعداء لجبريل الذي بلغه هذا الكتاب، فقل لهم أيها النبي: من كان عدواً لجبريل فهو عدو الله؛ لأن جبريل ما يجيء بهذا الكتاب من عنده، وإنما ينزله بأمر الله مصدقاً لما سبقه من الكتب السماوية، ومصدقاً لكتابهم نفسه، وهدى وبشرى للمؤمنين، وما ينزل جبريل على قلبك إلا بآيات بينات، لا يسع طالب الحق إلا الإيمان بها وما يكفر بها إلا المعاندون الخارجون عن سنة الفطرة. ويقسم ربنا تبارك وتعالى بمواقع النجوم ومساقطها عند غروبها آخر الليل أوقات التهجد والاستغفار، وإنه لقسم لو تفكرون في مدلوله عظيم الخطر بعيد الأثر وجواب القسم إنه لقرآن كثير المنافع في اللوح المحفوظ مصون لا يطلع عليه غير المقربين من الملائكة، ولا يمس القرآن الكريم إلا المطهرون من الأدناس والأحداث، وهو منّزل من عند الله رب الخلق أجمعين. الميزان الصادق وقل لهم أيها النبي هذا حكم الله بالحق بينته الآيات الساطعة، فلا يسوغ أن أطلب حكماً غيره يفصل بيني وبينكم، وقد حكم سبحانه فأنزل الكتاب الكريم حجة لي عليكم، وقد عجزتم أن تأتوا بمثله وهو مبين للحق والعدل، وان الذين أوتوا الكتاب يعلمون أنه منّزل من عند الله مشتمل على الحق، كما بشرت كتبهم وإن حاولوا إخفاء ذلك وكتمانه، فلا تكونن أنت ومن اتبعك من الذين يشكون في الحق بعد بيانه، وان حكم الله قد صدر، فتمت كلمات ربك الصادقة العادلة بإنزال القرآن الكريم مشتملاً على الصدق، وفيه الميزان الصادق بين الحق والباطل، ولا يوجد من يغير كلمات الله وكتابه، وهو سبحانه سميع لكل ما يقال عليم بما يقع منهم. والنزول تعبير قرآني كما يقول تعالى: «وبالحق أنزلناه وبالحق نزل» - سورة الإسراء الآية 105 والمقصود من الإنزال هنا الإعلام به، أنزله الله بمعناه وبلفظه وليس لروح القدس جبريل عليه السلام إلا نقله بلفظه العربي من سماء الأفق الأعلى إلى الأرض ولا لمحمد الرسول الأمين خاتم النبيين -صلى الله عليه وسلم- إلا تبليغه للناس بلفظه الذي تلقاه عن أمين الوحي ثم بيانه بالقول والعمل ليهتدوا به حتى كان -صلى الله عليه وسلم- خُلقه القرآن. اللوح المحفوظ ويشير العلماء إلى أن هناك ثلاثة أنواع من التنزيل، الأول إلى اللوح المحفوظ ودليله قوله تعالى: «بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ» - سورة البروج 21-22، أما التنزيل الثاني إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ويدل على ذلك قوله تعالى: «إنا أنزلناه في ليلة القدر»- سورة القدر الآية الأولى، وقوله تعالى: «إنا أنزلناه في ليلة مباركة»- سورة الدخان الآية 3، وقوله سبحانه: «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن»، «سورة البقرة الآية 185». وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما روى ابن عباس رضي الله عنهما: «فُصل القرآن من الذكر، فوضع في بيت العزة في السماء الدنيا فجعل جبريل ينزل به». أما التنزيل الثالث، وهو المرحلة الأخيرة بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام هبط به على قلب النبي- صلى الله عليه وسلم. وهناك إجماع على أن أول ما نزل من القرآن هو قوله تعالى: «اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم»- سورة العلق الآيات 1-5 وقد ورد في هذا أحاديث صحيحة في كتب الصحاح، وكان مكان النزول هو غار حراء خارج مكة المكرمة، وأما زمانه فكان السابع عشر من شهر رمضان المبارك لواحد وأربعين سنة من ميلاد النبي -صلى الله عليه وسلم-. أما آخر ما نزل منه، فهو قوله تعالى: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا»- سورة المائدة الآية 3 وكان ذلك يوم الحج الأكبر في التاسع من شهر ذي الحجة سنة عشرة هجرية الموافقة لسنة 633 ميلادية، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الثالثة والستين من عمره المبارك، وبذلك تكون فترة الوحي قد امتدت 22 سنة وشهرين و25 يوماً. أسباب النزول كانت الآيات تنزل جواباً لحوادث أو مبينة لحكمها موضحة لظروف إنزالها، ولكن ليس معنى ذلك أن تكون أسباب النزول طبقاً لعدد الآيات، إذ إن هناك ضرباً من الآيات يتحتم فيه معرفة أسباب النزول وهي آيات الأحكام للوصول إلى معرفة أصول التشريع ووجه الحكمة فيه وبيان تخصيص الحكم، وهناك ضرب آخر لا يتحتم فيه معرفة هذه الأسباب كما لا يتحتم معرفة أسباب النزول في آيات العبادة والزجر والوعد والوعيد والموعظة والإرشاد والأمر والنهي.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©