الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليمين واليسار ضد بوتين

3 يناير 2012
خرجت الطبقة الوسطى في روسيا إلى الشوارع لأول مرة هذا الشهر من أجل الاحتجاج على حكم بوتين، ولكن القوميين الذين لديهم تظلمات قديمة وعديدة ساهموا في منح الاحتجاجات الطاقة والزخم اللذين تحتاجهما ضمن تحالف جديد بين قوى يزدري بعضها بعضاً عادة، إن لم يكن يناصب بعضها بعضاً العداء صراحة. ويحاول الليبراليون والقوميون معاً استمالة القطاع الأوسع من المجتمع الروسي الذي يفضل عادة منزلة بين المنزلتين، غير أنه لا أحد من الجانبين يتوقع أن تدوم هذه الشراكة الجديدة لفترة أطول مما ينبغي، كما أن القتال الداخلي حول أفضل الطرق لدمج ومزج رؤاهم المتنافرة بدأ أيضاً يؤثر سلباً على تقدمهم. ويحمِّل قوميو روسيا المهاجرين والروس غير الإثنيين مسؤولية كل جريمة ويرغبون في تقييد الهجرة إلى بلادهم. أما الأكثر تطرفاً من بينهم، فيرغبون في توسيع أراضي روسيا إلى الحدود التاريخية لامبراطوريتها ويدبرون أعمال عنف ضد المهاجرين. هذا في حين يرغب النشطاء الليبراليون في إصلاحات اجتماعية من شأنها تحسين النظام التعليمي للبلاد، وإعانة الروس الفقراء، وإدماج روسيا ضمن الغرب بشكل أفضل. والواقع أن المجموعتين تتقاسمان مع ذلك رغبة في محاربة الفساد وفي إسماع صوتهما للحكومة، ولكنهما لطالما ركزتا على خلافاتهما، وليس على أهدافهما المشتركة. وهذا ما جعل بعض الزعماء على الجانبين يعبرون عن تفاجئهم لكونهما يعملان الآن معاً. وفي هذا السياق، قال أندري بيونتكوفسكي، وهو محلل سياسي ليبرالي: "هذا عنصر جديد في الحياة السياسية الروسية"، مضيفاً: "اليوم، ونظراً لمهمتنا الوطنية الرئيسية المتمثلة في إزاحة بوتين، فإن هذا يمثل تحالفاً سياسيّاً حقيقيّاً. ولكننا غداً سنعود خصوماً حول أي موضوع سياسي مختلف". وخلال الأيام التي أعقبت انتخابات الرابع من ديسمبر البرلمانية، احتج الليبراليون والقوميون معاً، وقد وحد بينهم جزئيّاً اعتقال أليكسي نافالني لـ15 يوماً، وهو مدون وناشط مناوئ للفساد. وعلى رغم أن "نافالني" يحظى بدعم المجموعتين، إلا أنه عمل خاصة على الحفاظ على دعم القوميين له حيث شارك في "المسيرة الروسية"، وهو حدث سنوي يشارك فيه أشخاص يرفعون شعارات مناوئة للمهاجرين ويقدمون التحية النازية أحياناً. يذكر هنا أن "نافالني" كان قد طُرد من حزب "يابلوكو" الإصلاحي في 2007 بسبب نشاطه القومي. ويقول منظمون من الجانبين إن "نافالني" هو الشخص الذي يروق للمعسكرين، وإن كان البعض ينظر إليه بغير قليل من الارتياب لهذا السبب. أما في الوسط، فيوجد الأشخاص الذين كانوا حتى أوائل ديسمبر المنصرم ينأون بأنفسهم عن السياسة. غير أن كثيرين يتعاطفون مع موقف القوميين المتمثل في مبدأ "روسيا للروس" أو "الروس أولاً"، حتى وإن لم يكونوا يتعاطفون مع زعمائهم، حيث وجد استطلاع للرأي أجراه مركز "ليفادا" في نوفمبر الماضي أن 59 في المئة من الروس المستجوَبين لديهم رأي إيجابي حول الشعار الذي يرفعه القوميون "روسيا للروس". ويرى بعض المحللين أن مشاركة القوميين في الحركة ضد بوتين يمكن أن تمنحهم منبراً لنشر قضيتهم حيث يقول ألكسندر فيرخوفسكي، رئيس مركز "سوفا" للمعلومات والتحليلات، الذي يرصد مجموعات القوميين: "إن الأفكار القومية تحظى بشعبية بين السكان"، مضيفاً: "ولكن الناس العاديين الذين يشعرون بالإذلال والمهانة والذين ضاقوا ذرعاً ببوتين لن يدعموا المتطرفين أبداً". يشار إلى أن بوتين، الذي بنى سلطته قبل 12 عاماً على برنامج قومي، قام بتهميش بعض من داعميه اليمينيين خلال السنوات الأخيرة في وقت وجهت فيه الحكومة مبالغ كبيرة من الأموال إلى إقليم الشيشان المسلم، وهو إحدى جمهوريات الفيدرالية الروسية التي كانت مسرحاً لقتال دامٍ في معظم مرحلة ما بعد الشيوعية. هذا في حين يستاء قوميون متطرفون آخرون من حملة قمع رمت ببعضهم أيضاً خلف القضبان بتهم العنف ضد المهاجرين. وخلال السنوات الأخيرة الماضية، نظم القوميون مسيرات ضد حكم بوتين. وقد ألقى أحد زعمائهم، وهو فلاديمير تور، كلمة على الحشد في تجمع السبت الذي جلب أكبر عدد على الإطلاق من المحتجين ممن يتحدون حكم بوتين، حيث قال بأعلى صوته للحشود التي قدرت بعشرات الآلاف: "إن روسيا ستصبح دولة ديمقراطية حرة للشعب الروسي! المجد للدولة الحرة! المجد لروسيا!". مايكل برنباوم - موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©