الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مستقبل الأخلاق والعالم الافتراضي اكسترا ميديا

17 أغسطس 2014 20:00
نحن مقبلون على عصر معلوماتي قد يكون مدهشاً لدرجة غامضة ومخيفة في آن واحد إن لم نتهيّأ له ثقافياً واجتماعياً وقيمياً. يحدثني كثير من الأصدقاء وبينهم أساتذة جامعيون عن أبنائهم المراهقين الذين يتقنون العالم الافتراضي الذي يخترقون برمجياته وإجراءات أمن مواقع شركات وتطبيقات كبرى. بعض هؤلاء من أساتذة الكمبيوتر أو خبراء الإعلام، إلا أن ذلك لا يخفف من دهشتهم تجاه هذه القدرات المبكرة للأبناء الذين لم يصلوا بعد إلى مستوى التخصص العالي، ما يعني أن علينا الاستعداد في المستقبل القريب إلى مستوى أعلى من الدهشة. كنت وما زلت أخشى أن التكنولوجيا هي التي تدفع أكثر من أي شيء آخر العصر الراهن من الثورة الإعلامية، لدرجة قد يتلاشى فيها المفهوم التقليدي للمحتوى والكتابة والقراءة، من أفكار ومعلومات. وفي الأيام الأخيرة انتعشت تلك الخشية أكثر فأكثر. منذ أسبوعين كنت أتابع سلسلة مقالات عن تطوير موقع «بوزفيد» الأميركي الرائد في محتويات المنوعات والتسلية وخططه الجديدة للتوسع نحو المحتويات الصحفية الإخبارية، لكن أكثر ما استوقفني تأكيد رئيس الموقع بأن طموحه هو جعله شركة تكنولوجيا عالمية أكثر مما هو شركة إنترنت إعلامية. قبل يومين كنت أقرأ تقريراً عن لقاء بين البروفسور توم جنكيرلي من كلية مانهاتن مع أساتذة الإعلام والاتصال في معهد « تك مونتيري» التكنولوجي في المكسيك، والحلقة النقاشية التي عقدت هناك بشأن حاضر ومستقبل الإعلام، ولفتني قول أحد أساتذة التسويق والاتصال إن طلابه أصبحوا غارقين جدا في العالم الافتراضي لدرجة أنهم لا يميزونه عن الواقع، فيعتبرون-على سبيل المثال- أن منح «لايك» لحركة اجتماعية على فيسبوك يمثل نشاطاً اجتماعياً، وكيف كان عليه شخصياً أن يلفت انتابهم إلى أن النشاط الحقيقي يعني اتخاذ قرار مثل السير في تظاهرة احتجاجية أو المشاركة في حملة مناصرة من أجل قضية أو مرشح. في هذا المثال قد يتعذر مثلا معرفة هوية المستقبل، ولكن ما نحن على يقين منه بأنه مهما بلغ العالم الافتراضي انتشاراً وتوسعاً وتعمقاً وتطوراً، سيكون، ولا بد أن يكون، هناك واقع فعلي ملموس ونشط خارج «أسوار» الإنترنت ومتعلقاته. صحيح أن المعلوماتية والشبكة العالمية ستكون مجال نفوذ وقوة وعلم أكثر فأكثر، ولكن الصحيح أيضا أن من يغرق فيه كليا، سيخسر أرض المعركة الفعلي، مهما تخيل لنا أو للأبناء أن هذا الواقع سيكون أقل أهمية وأن الكلمة الفصل ستكون للعالم الافتراضي. وبناء عليه يجب تحضير جيل الأبناء لرؤية مستقبلية بهذا الشأن، وعدم تركهم في مهب الريح والتلقائية كما يحصل حاليا. وليتحقق ذلك، فنحن بحاجة ماسة لبناء هذه الرؤية عن العلاقة المستقبلية بين العالم الافتراضي والواقع الفعلي، بكل مكوناته، ومواطن ضعفه وقوته، ومصادر ثروته والمخاطر التي تهددها، والقوى المحركة له. . ولا ننسى منظومة القيم والأخلاق التي تشهد حاليا تغيرات لا يدري أحد إلى أين تتجه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©