الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البنك المركزي المصري يتدخل لمواجهة أزمة السيولة

البنك المركزي المصري يتدخل لمواجهة أزمة السيولة
31 يوليو 2011 21:15
بدأ البنك المركزي المصري اتخاذ عدد من التدابير السريعة والإجراءات المالية والرقابية الهادفة لمواجهة أزمة نقص السيولة بالأسواق المصرية. وتأتي إجراءات المركزي المصري في إطار خطته لتحريك النشاط الاقتصادي وكسر التباطؤ والركود في كثير من القطاعات الاقتصادية الحيوية، كما تأتي رداً على شكاوى الشركات من صعوبة الحصول على تمويل من القطاع المصرفي لعملياتها التشغيلية المعتادة أو لتنفيذ توسعات كان مخططاً لها من قبل بل أن بعض الشركات كشفت عن عدم قدرتها على الحصول على الخدمات المصرفية المتعلقة بعمليات التجارة الخارجية وغيرها بسبب الضغوط التي تتعرض لها العملة المصرية منذ عدة أسابيع نتيجة عمليات تحويل أموال للخارج أو بسبب تشكك البنوك في قدرة هذه الشركات على الوفاء بالتزاماتها المالية مستقبلاً على ضوء حالة الارتباك والتقلب التي تسود النشاط الاقتصادي في مصر. وتستهدف خطة البنك المركزي تعزيز الثقة بالسوق والاقتصاد المصري وتقديم ممارسات مصرفية تلقى ثقة المتعاملين في الأنشطة الاقتصادية المختلفة في متانة أوضاع الجهاز المصرفي وقدرته على تلبية احتياجات المرحلة المقبلة مما يشير إلى سلوك استباقي من جانب السلطات النقدية في مصر لمواجهة ما يتردد حالياً بشأن إمكانية تخفيض قيمة العملة المصرية خلال الأشهر المقبلة، ليس بناء على إجراءات إدارية ولكن بناء على معادلة العرض والطلب في ظل انحسار شديد في موارد البلاد من العملات الأجنبية وعلى رأسها اليورو والدولار بسبب عدم تعافي قطاع السياحة حتى الآن واستمرار تراجع الصادرات المصرية على ضوء قرارات اتخذها الاتحاد الأوروبي مؤخراً بمنع دخول نحو 13 سلعة غذائية وزراعية مصرية لأسواقه لأسباب صحية وهي الأزمة التي لا تزال تفاعلاتها تتوالى في أوساط المصدرين المصريين. ويرى حلمي السعيد، رئيس قطاع أمناء الاستثمار في بنك مصر، أن الإجراءات التي بدأت معظم البنوك اتخاذها خاصة المتعلقة بسهولة اتاحة التمويل للأفراد أو الشركات تستهدف تحريك الأسواق وتشجيع الاستهلاك لكسر الركود، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات ضرورية في تلك الظروف التي يمر بها الاقتصاد المصري لأنه من دون إتاحة تمويل من البنوك وإنفاق استثماري عام من جانب الحكومة وتحفيز للأفراد والشركات على ضخ أموال في المشروعات أو في أنماط الاستهلاك الطبيعية مثل شراء السيارات أو العقارات أو حتى في أنشطة ترفيهية لا يمكن للاقتصاد أن يستعيد عافيته. وقال إن هناك جانبا مهما في هذه القضية يتعلق بنظرية تحفيز الداخل حتى يمكن تشجيع واجتذاب الخارج لأن إعطاء إشارات ورسائل عن وجود انتعاش داخلي يتجلى في عمليات إنفاق ومشتريات وسفر وغيره يعد نموذجا عمليا وواقعيا للجذب الاستثماري لأن الشركات الأجنبية غالبا ما تتخذ قراراتها الاستثمارية بناء على حجم الأسواق وقدرة المستهلكين الشرائية وسلوكهم الاستهلاكي العام والربحية المتوقعة وأخيراً مناخ الأعمال العام بما يتضمنه من قوانين ضريبية ونظم مصرفية وغيرها من العوامل الصانعة لبيئة أعمال جيدة وجاذبة. ويشير الدكتور سلطان أبو علي، وزير الاقتصاد المصري الأسبق، إلى أن هذه الإجراءات جاءت في توقيت ملائم بعد أن وصلت الأسواق الى ما يشبه الاختناق حين أحجمت البنوك عن منح الائتمان وتوقفت الشركات الكبرى عن الإنفاق الاستثماري وشعر الأفراد بالخوف من المستقبل فأرجأوا قراراتهم الشرائية الأمر الذي ترتب عليه حالة غير مسبوقة من الركود والانكماش أطاحت بكل الخطط التوسعية في معظم الأنشطة الاقتصادية وكان الاقتصاد الكلي قد أوشك على دخول مرحلة النمو السلبي إذا استمرت السياسات الائتمانية المتشددة من جانب البنوك والتي اتبعتها بوضوح على مدى الشهور الستة الماضية ومن ثم فإن هذه الإجراءات سوف تعيد التوازن للأسواق وتبعث برسائل ثقة للشركات وتبرهن مجددا على قدرة البنوك المصرية على قيادة النمو. ويؤكد أبو علي أن حالة التباطؤ والركود الراهنة في حاجة لأكثر من 100 مليار جنيه حتى تعود العجلة الاقتصادية للدوران وهو مبلغ يقل عن نسبة 10 بالمئة من حجم الناتج القومي وعلى البنوك اتخاذ توجهات استراتيجية بتوسيع نطاق الائتمان في المرحلة القادمة وهذا التوجه لن يكون نوعا من المغامرة أو المخاطرة من جانب هذه البنوك بل سيكون نوعا من تمهيد الأرضية اللازمة لاستعادة النمو ومساعدة الشركات على تعويض فترة التوقف الماضية. ورغم تأكيد خبراء اقتصاديين على أن تراجع سعر الجنيه في حالة حدوثه بناء على نقص المعروض من العملات الأجنبية واستمرار نزيف تحويل الأموال للخارج وهي التحويلات التي كسرت حاجز الـ 16 مليار دولار خلال الأشهر الأخيرة حسب تقارير رسمية سوف يكون أمراً مؤقتاً ومرهوناً بتحسن موارد البلاد الدولارية مثلما حدث في أوقات سابقة عندما ارتفع سعر الدولار في مواسم معينة تحت ضغط الطلب ثم سرعان ما تراجعت أسعاره وعاد إلى حالته الطبيعية، إلا أن هؤلاء الخبراء يرون في الإجراءات الأخيرة التي بدأ البنك المركزي المصري اتخاذها نوعا من الدفاع الاحتياطي المسبق عن العملة المصرية في مواجهة أوضاع اقتصادية غير مستقرة. وفي مقدمة الإجراءات التي بدأ المركزي المصري اتخاذها التوسع في عمليات “الريبو” التي يطرح من خلالها البنك المركزي إعادة شراء سندات وأذون خزانة سبق للبنوك شراءها من وزارة المالية بضمان الحكومة بحيث يحتفظ المركزي بهذه السندات والأذون وفي المقابل تحصل البنوك على السيولة التي تحتاج إليها لمواجهة عملياتها التمويلية والتشغيلية المختلفة. وقد شهدت الأيام الماضية عمليات “ريبو” بين البنوك والبنك المركزي تجاوز حجمها 15 مليار جنيه، في إطار خطط لزيادة حجم الأموال المتداولة داخل الجهاز المصرفي وفي الأسواق وهي العمليات التي قابلتها البنوك بارتياح شديد حيث مكنتها من تخفيض استثمارات الخزينة ـ خاصة لدى بعض البنوك المتوسطة الحجم ـ والحصول على سيولة جيدة تواجه أي عمليات سحب من جانب العملاء أو نقص في الإيداعات. ومن المنتظر، قياساً على عدة مزادات طرحها البنك المركزي في الفترة الأخيرة، أن تشهد الأسابيع المقبلة عمليات “ربيو” مكثفة تحصل بموجبها البنوك على مزيد من السيولة لمواجهة احتياجاتها وفك الاختناق في الأسواق. أما الإجراء الثاني الذي اتخذه البنك المركزي فيتمثل في إشارات صدرت للبنوك بتخفيض القبضة الائتمانية التي كانت مسيطرة على سوق التمويل منذ اندلاع ثورة 25 يناير حيث اتبعت البنوك سياسات ائتمانية متشددة للغاية مما حال دون حصول العديد من الشركات على التمويل ومن ثم بدأت البنوك التخلص التدريجي من سياسة التشدد الائتماني وفتح المجال أمام الشركات ـ خاصة الصناعية الكبرى ـ في الحصول على احتياجاتها. وبدأت السوق تشهد عودة المفاوضات بين البنوك والعديد من الشركات حول توفير قروض مشتركة بمبالغ تتجاوز المليار جنيه للقرض الواحد في مؤشر على عودة عمليات الائتمان والتمويل الكبرى التي ميزت السوق المصرية خلال السنوات الثلاث الماضية وكانت أحد أهم عناصر جذب الاستثمارات الأجنبية والشركات العربية والإقليمية الكبرى ـ خاصة التركية ـ على المجيء إلى مصر ومباشرة أنشطة ضخمة بها نظرا لسهولة الحصول على تمويل بأحجام كبيرة سواء من البنوك المصرية أو عبر عمليات طرح عام في بورصة القاهرة للأوراق المالية. هذه الإجراءات أشاعت روحاً إيجابية في السوق مع اقتراب موعد أول خطوات التحول الديمقراطي حيث تحدد نهاية سبتمبر المقبل لبدء خطوات الانتخابات البرلمانية، الأمر الذي ترتب عليه عودة الشركات للحديث عن عمليات توسع . في الوقت نفسه، بدأت مفاوضات مع شركاء أجانب حول ترتيبات مرحلة ما بعد الانتخابات القادمة خاصة في ظل اعتزام الحكومة طرح حزمة من مشروعات البنية التحتية على القطاع الخاص المحلي والأجنبي لتنفيذها في الفترة المقبلة وهي مشروعات سوف تكون في حاجة الى تمويل ضخم مما يشير إلى إمكانية إطلاق العديد من الصناديق الاستثمارية الجديدة في الفترة المقبلة وبالتالي فإن الإجراءات الحالية من شأنها تمهيد الطريق أمام ظهور هذه الصناديق خاصة وأن البنوك سوف تكون في مقدمة الجهات التي تكتتب في وثائقها.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©